ملف تهريب الدواء في درج مقفل… السوري والتركي بعد الايراني

تالا الحريري

يعود ملف تهريب الأدوية غير المرخصة إلى الواجهة من جديد، كأي ملف وضع في الدرج وظهر مجدداً بعد غياب. في البداية كان دخول الأدوية الايرانية عبر خط عسكري من دون خضوعها للتحاليل، أثناء تولّي حمد حسن منصب وزير الصحة، وحُمّل مسؤولية إهماله هذا الملف على الرغم من درايته الكاملة به، إضافةً إلى عدم عرضه على الصيادلة أو الأطباء.

أثارت الأدوية الايرانية حينها البلبلة بأنّها مؤذية ومضرة بالصحة، وكان من غير الواضح سبب خوف الناس منها هل لأنّها من إيران فقط؟ لكن اليوم نرى الدواء السوري والتركي يغزوان الأسواق اللبنانية.

وفي حادثة حصلت معي في إحدى الصيدليات، قام الصيدلي باعطاء الدواء السوري للمريض في حال لم يتوافر اللبناني منه، أو لأنّه أرخص سعراً. ربّما يكون هذا الدواء فعالاً، لكن ما يثير القلق والشكوك عند البعض، هو دخول هذه الأدوية من دون رقابة أو تحليل أو فحص. فعندما يصف لك طبيبك دواء قد يؤثر على كبدك يُلزمك بإجراء فحص بعد مدة قصيرة من تناوله، وهذا يظهر مدى حساسية الدواء وخطورة التلاعب به، فكيف للصيدلي أن يصف بديلاً عنه أرخص بأربعة أضعاف؟

مثال على ذلك هناك دواء أو إثنان يوصفان لعلاج حب الشباب ولكن لا يمكن الاستهانة بتناول أية أقراص قد تسبب أعراضاً جانبية للجسم، وبديل هذين الدواءين هو “هيوماتريت” صناعة طرطوس – سوريا.

وللتأكد من شرعية هذا الدواء على الأراضي اللبنانية تواصلنا مع أحد الصيادلة الذي أكد لـ”لبنان الكبير” أنّ “هيوماتريت ممنوع أساساً من البيع في لبنان، ويجلبه بعض الصيدليات بالتهريب ويبيعه لأن الأدوية الأخرى أصبحت أعلى سعراً. هذا الدواء غير مرخص، وأساساً غير مسموح أن يباع الدواء السوري على الأراضي اللبنانية. كما أنّ جميع الأدوية يجب أن تدخل عبر وزارة الصحة فقط”.

وأشار إلى أنّ “أي دواء سوري أو تركي موجود في الصيدليات يدخل عبر التهريب، وفي حال دهم التفتيش أي صيدلية تمتلك هذه الأدوية يتم ختمها بالشمع الاحمر”.

وفي السياق، حذر بيان صادر عن المكتب الاعلامي لنقيب الصيادلة جو سلّوم من الاجتياح الكبير للأدوية المهرّبة في الأسواق اللبنانيّة لاسيّما التركيّة منها، والتي تدخل الى لبنان من دون حسيب أو رقيب، وأصبحت تباع بصورة علنية في “الدكاكين” وعبر مواقع التواصل الالكترونية. ولفت إلى أن القسم الأكبر من هذه الأدوية مزوّر، والقسم الآخر أضحى سمّاً قاتلاً بسبب عدم حفظه بالطرق الصحيحة والمعايير الصحية المفروضة، مطالباً كل المعنيين لاسيما الأجهزة الأمنيّة والقضائية بوقف هذه المهزلة واعتماد استراتيجيّة النقابة في تأمين الدواء الجيّد للمرضى.

وأكد سلوم لـ”لبنان الكبير” أنّ “الدواء يصرف في الدكاكين ومحال الألبسة وتحت الأدراج، وتبديل الدواء بآخر يكون بصورة خاطئة ممكن أن تودي بحياة المواطن. كما أنّ طريقة حفظه تكون غير سليمة وبالتالي تؤثر على نوعية الدواء، فضلاً عن وجود أدوية مزورة بصورة كبيرة”.

وقال: “إضافةً إلى أنّ سعر بعض هذه الأدوية يكون أضعاف السعر الحقيقي وهذه عملية نصب وقتل للمريض. لذلك، واجبات الدولة والأجهزة القضائية والأمنية ضبط الحدود وعدم السماح بإدخال أدوية بصورة غير شرعية. ومن هنا تكمن أهمية تأمين الدواء بصورة شرعية وأن يكون مستوفياً كل شروط الجودة والمطابقة وخاضعاً لآلية وزارة الصحة”.

وشدّد سلوم على أنّ “موضوع تهريب الأدوية غير مقبول، ونحن نعلم أن الشخص الوحيد المؤتمن على الدواء وطريقة صرفه هو الصيدلي. بالطبع هناك مستفيدون ولا نعرف ما هي نواياهم، ربما بسبب عدم توافر الأدوية في لبنان، أو للافادة المباشرة. لكن نحن اليوم كنقابة صيادلة نعمل على مراقبة الصيدليات والتأكد من عدم وجود أي دواء مهرب”.

وأعلن أنّ المخالفين تتم إحالتهم على مجالس التأديب داخل النقابة والتحقيق معهم. وأشار إلى ضرورة مساندة الجميع لهم لأنّ “لا صلاحيات لدينا خارج الصيدليات، فالدولة ككل يجب أن تعمل على وقف التهريب وتأمين الدواء في الوقت نفسه ودعم إمكانات وزارة الصحة، ورفع الاعتمادات المالية لتمكنها من شراء أدوية السرطان وتوزيعها على كل المرضى المحتاجين”.

أمّا مصادر وزارة الصحة فهي منذ مدة لم تقدم أي توضيحات أو تعطي تصريحات على الرغم من محاولة التواصل المتكرر.

شارك المقال