حدّة ماربورغ تتخطى كورونا… وقلق من انتشاره عالمياً

تالا الحريري

يبدو أنّ هذا الموسم سيكون بؤرة للفيروسات، وسيبقى العالم يواجه وباء بعد آخر، وما أن يتأقلم مع جائحة ما حتى تظهر أخرى. فبعد قرابة سنتين ونصف السنة من الصراع الحاد مع فيروس كورونا، تحول الى عادة وأخذ العالم قسطاً من الراحة وتماشى مع طبيعته، ثم توالت الفيروسات كفيروس التهاب الكبد وفيروس جدري القرود. هذه الفيروسات ليست جديدة بل تجددت بعد غيابها زمناً طويلاً. واليوم ولأوّل مرة تطلق منظمة الصحة العالمية إنذاراً ضد فيروس ماربورغ فور ظهوره.

هذا الفيروس اكتشف للمرة الأولى في كل من ماربورغ في ألمانيا وبلغراد في جمهورية يوغوسلافيا السابقة في العام 1967. ويعود سببه إلى وجود أنشطة مختبرية تستعمل قروداً أفريقية استوردت من أوغندا، ما تسبّب بأعراض لدى من أصيبوا به، من إرتفاع شديد في درجة الحرارة، وتوعك، وطفح جلدي، ونزيف وموت بنسبة 25%.

ماربورغ هو شكل من أشكال الحمى النزفية الفيروسية، ويعتبر شديد الخطورة. كما يُقال انّ أعراض هذا الفيروس مشابهة إلى حد ما لأعراض فيروس إيبولا، اذ أنه ينتمي الى عائلة إيبولا ولكن لا يمكن تصنيف هذين الفيروسين كفيروس واحد.

وحسب المعلومات الأولية، لا يوجد لقاح أو علاج محدّد لمكافحة هذا المرض، كما بالنسبة الى فيروس إيبولا، بحيث يتم الآن البحث في دراسات إيكولوجية من أجل تحديد المستودع الطبيعي لكل من المرضين، أي مصدر العدوى. لكن الشائع حتى الآن، أنّ ماربورغ ينتقل الى البشر عبر خفافيش الفاكهة، وينتقل بين الأشخاص بالاتصال المباشر للمصابين وعبر الأسطح وسوائل الجسم.

كما يمكن للنسانيس نقل العدوى أيضاً، ولكنّها لا تُعتبر من مستودعات المرض المعقولة، ذلك أنّ جميع الحيوانات الحاملة للعدوى تقريباً تموت بسرعة فائقة، ممّا لا يترك مجالاً لبقاء الفيروس وسريانه. والمُلاحظ أيضاً أنّ الإصابات البشرية تحدث بصورة متفرّقة، وتتراوح فترة حضانة المرض بين 3 إلى 9 أيام. وفي نهاية المطاف، على الشخص أن يحمي نفسه بالوقاية وإتخاذ الاجراءات اللازمة وعدم الاحتكاك بالمصابين أو ببعض الحيوانات أو تناول لحومها إذا كان الفيروس متفشياً في دولته، وعدم لمس جثة المصاب.

عند الاصابة بالفيروس، يبدأ النزف خلال الأيام القليلة الأولى، ويمكن أن يظهر تحت الجلد كلطخات أرجوانية (كدمات)، وقد تنزف اللثة أو الأنف أو الأعضاء الداخلية، وكذلك الجروح الثاقبة (الناتجة عن سحب الدم أو فتح الوريد). يظهر بعد حوالي 5 أيام، طفح جلدي على الجذع بشكل رئيس، وتشتد الحمى خلال الأسبوع الثاني من الأعراض، ويبدأ الأشخاص بالتعافي أو حدوث خلل في عمل أعضائهم، يُسمى فشل الأعضاء. ويتوفّى ما يتراوح بين 25 – 90% من المصابين بالعدوى، وذلك يعتمد بصورة كبيرة على مستوى الرعاية الطبية المتاحة.

ومنذ فترة قصيرة، ظهر فيروس ماربورغ مجدداً حين سجّلت غانا حالتي وفاة به، بعدما أكد مختبر تابع لمنظمة الصحة العالمية إصابة هاتين العينتين بالفيروس. الحالة الأولى توفت في المستشفى بعد يوم واحد من دخولها، والثانية في اليوم نفسه لدخولها المستشفى. وعبّرت منظمة الصحة العالمية عن بالغ قلقها من انتشار فيروس ماربورغ عالمياً، مؤكدة أنه قادر على قتل المصاب خلال 3 أيام. وقالت: “إن ملامح المرضى في هذه المرحلة توصف بملامح مرسومة أشبه بالأشباح، بعيون غائرة، ووجوه خالية من التعبير مع خمول شديد”.

شارك المقال