المادة الثانية من القانون ٥١٥ “كماشة” تفلت الأقساط

حسين زياد منصور

للمرة الثالثة، ومن دون علم لجنة التربية النيابية ولجان الأهل في المدارس الخاصة، دُس مشروع قانون تجميد المادة الثانية من القانون ٥١٥ على جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب اليوم الثلاثاء. وكانت تمت اعادته في كانون الأول ٢٠٢١ إثر ضغوط لجان الأهل الى لجنة التربية لدراسته، ليعاد طرحه خلال الجلسة التشريعية في شباط الماضي ثم سحبه بعد التنسيق مع وزير التربية عباس الحلبي.

يعرف هذا الطرح باقتراح تطيير سقوف الأقساط في المدارس الخاصة، في حين يسعى بعض المدارس الى تشريع دولرة الأقساط، اذ بدأت تتكشف معالم العام الدراسي الجديد الذي سينطلق بعد شهرين، ولا يزال ضبابياً في ما يخص القطاع الرسمي الذي سيشهد “عجقة” كبيرة جداً لعدم قدرة نسبة كبيرة من اللبنانيين على تحمل أعباء الزيادات الكبيرة على أقساط المدارس الخاصة.

لا يمكن إنكار المأساة التي يعيشها قطاع التربية نتيجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي تسيطر على لبنان واللبنانيين منذ ٣ سنوات. فالظروف المعيشية صعبة على الجميع، وانطلاقاً من غلاء المعيشة يجب رفع الأقساط من أجل استمرارية المؤسسات التربوية، لكن ضمن المنطق والمعقول، فاللبنانيون يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية خاصة موظفي القطاع العام، ولا يمكن تطبيق الزيادات استناداً الى من رواتبهم بالعملة الصعبة ان كانوا يعملون في لبنان أو الخارج أو من تصلهم بعض المساعدات من المغتربين. لذلك، فإن أي زيادة يجب أن تكون بالتوافق مع لجان الأهل، من جهة لاستمرارية المدارس، ومن جهة أخرى لمراعاة ظروف الأهل المعيشية.

يؤكد رئيس لجنة التربية النيابية النائب حسن مراد لـ “لبنان الكبير” عدم علمه واللجنة بإدراج مشروع القانون في جلسة مجلس النواب، وأنه لم يعرض على اللجنة لدرسه. ويقول: “غداً (اليوم) سأطلب سحبه كي تقوم لجنة التربية بدرسه فهذا المشروع عليه العديد من الاشكالات لذلك يجب أن تطلع عليه اللجنة كي تتم مناقشته ودراسته، والوزير شكل لجنة تتكون من الأساتذة ولجان الأهل والمدارس والوزارة لتقدم طرحاً نقوم بدرسه”. تجدر الإشارة الى أن من قدم هذا المشروع هو نائب سابق.

وعن دعم المدارس الرسمية، يوضح أن “هناك تنسيقاً مع الوزير بخصوص هذه الأمور ونحن مهمتنا تشريع ما يلزم والوزارة تعمل في هذا المجال، هناك العديد من الطروحات التي سنعمل عليها منها بخصوص سقف الانفاق، والعمل جار لإعداد خطة دعم للمدارس الرسمية والجامعة اللبنانية”.

اما رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة لمى الزين طويل فتشير في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أنه “تم وضع مشروع القانون نفسه الذي سحب في المرات السابقة كما هو من دون أي تعديل ومن دون معرفة لجنة التربية النيابية ولجان الأهل، وهذا المشروع يهدف الى الغاء المادة الثانية منه والتي تعتبر عصب القانون ٥١٥، وإذا تم الغاؤها يحصل خلل في توازن الموازنة المدرسية، الى جانب الغاء حق الرقابة، والسماح للمدارس بإضافة البنود التي تريدها في الموازنة، وهذا ما يؤدي الى تفلت عشوائي في الأقساط من دون أي حسيب أو رقيب”.

وتضيف الطويل: “في المرة الأولى سحب من الهيئة العامة إثر اعتراضنا عليه من أجل الاتفاق على صيغة واحدة مشتركة. أردنا العمل على مشروع قانون ينظم عملية الزيادات التي ستحصل، وهذه الزيادات حتمية خلال الوضع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه، فهناك حقوق للمعلمين من أجل استمراريتهم، الى جانب المصاريف التشغيلية للمدارس. وعلى أساس تنظيم كل ذلك، كان التوجه الى مشروع قانون، بعد اللقاء التشاوري الذي جرى في القصر الحكومي، وشكلت لجنة مصغرة تضم اتحاد لجان الأهل والمعلمين واتحاد المدارس الى جانب وزارة التربية، وتم التوصل الى مشروع قانون والاتفاق عليه، وعند الوصول الى بند التدقيق في الموازنة، ونحن كأهل لا يمكننا إعطاء شيك على بياض للمدارس بل نريد التدقيق وهو ما أعطانا إياه القانون كحق، لم يوافقوا على عملية التدقيق ووضع في الجارور، وأي زيادة تتخطى النسبة المنصوص عليها في الموازنة يجب أن يوافق عليها وزير التربية بالاستعانة بخبير محلف، وعندما أشرنا الى ضرورة وجود خبير محلف يراقب هذه الموازنات والزيادات، فضّل بعض المدارس الغاء الدور الرقابي، ولا نعلم لمَ كل هذا الخوف من مبدأ الشفافية”.

وعن الطرح الذي تم تقديمه سابقاً، تقول: “قلنا وقتها، ان كل مدرسة متعثرة، تريد الزيادة، فلتقدم النسبة التي تريدها ضمن الموازنة ويقوم بدرسها خبير محلف ليوافق عليها الوزير، والخبير يجب أن توافق عليه لجنة الأهل وتدقق الى جانبه. ما يجري هو محاولة لإلغاء دور لجان الأهل في المراقبة والهروب من التدقيق، فنحن أردنا الوصول الى صيغة محددة، ولا مانع من حصول الزيادة ولكن يجب كشف الأوراق، اذ ينبغي أن تكون الزيادة عادلة للجميع، بدءاً من إعطاء الأساتذة حقوقهم لأننا نريد الحفاظ عليهم، واعتماد الشفافية في التعامل مع الأهل لأنهم يدفعون المبلغ المحق وطبعاً استمرارية المدرسة في الوقت نفسه، البعض منهم يرفض مبدأ الشفافية والتدقيق لذلك كان اللجوء الى الغاء المادة الثانية من هذا القانون”.

وتوضح الطويل أن “مشروع القانون هو عن العام الدراسي ٢٠٢١ – ٢٠٢٢، أي العام الماضي وليس المقبل، وفعلياً المدارس خالفت القانون بشتى الوسائل، فهذا المشروع يعطي صك براءة لكل التجاوزات التي حصلت العام الماضي، ويرمي كل الاعتراضات التي قدمتها لجان الأهالي للوزارة الى الوراء، وهذا المشروع لسنة واحدة فقط، لكن كما كل ما يجري في لبنان فبالتأكيد سيبقى هذا المشروع إن طبق لعشرين سنة، كما القانون الحالي الذي لا يزال من العام ١٩٩٦ وكان من المفترض أن يطبق لسنتين فقط”، متسائلة “اذا تم تمرير مشروع القانون هذا، فما الذي سيحصل للأهالي؟ والسؤال المحير، من وضع القانون على جدول الأعمال، ومن يحاول تمرير هذا القانون سراً، ومن المستفيد؟”.

وتلفت الى أن “بعض النافذين في الدولة يملك مدارس ومؤسسات تعليمية، المشكلة في لبنان استمرارية الفساد، فهذا المشروع كان موضع خلاف وتم سحبه على أساس دراسة مخاطره للوصول الى صيغة جديدة عادلة، فعلى أي أساس يتم العمل على إعادة تمريره؟”.

وتشدد على وجوب “اعلاء الصوت، فتمرير هذا القانون سيولد كارثة تربوية كبيرة، فنحن أمام تسرب كبير الى المدارس الرسمية والتي بدورها غير قادرة على تحمل الأعداد”. وتسأل “أين تصحيح الرواتب والأجور؟ هناك ما يقارب ٣٠ و٤٠٪ من أولياء الأمور في المدارس الخاصة هم من موظفي القطاع العام، فكيف سيدفعون هذه الأقساط المهولة؟ ومن سيتحمل هذا الفرق في الموازنة؟ وان أعلنوا عن اعفاء من هذه الزيادات للعاملين في القطاع العام، ماذا يفعل باقي الأهالي؟ كيف ستستمر هذه المدارس؟ في النهاية ستقع”.

وتطلب الطويل من وزير التربية التوقف عن المماطلة وإعلان حالة الطوارئ التربوية، “فالوضع التربوي ليس على ما يرام، اذ بلغ السنة الماضية التسرب من المدارس الخاصة الى المدارس الرسمية ما يقارب ٦٨ ألف طالب وطالبة ومنهم من لم يتسجل في المدارس الرسمية أيضاً. نحن مقبلون على أزمة تربوية مقلقة، والعام الدراسي الجديد أصبح قريباً، والأساتذة لا يحصلون على حقوقهم، وبعض المدارس يقتطع نسبة من رواتب الأساتذة كي يدفعها لصندوق التعويضات وقد تبين لنا أن بعضها لم يدفع للصندوق”.

وتؤكد أن “المطالب بدراسة الموازنة وتدقيقها هو لحماية حقوق الأهل والأساتذة”، مشيرة الى أن “مساعدة ٣٥٠ ملياراً للمدارس تحت شعار مساعدة الأهل تحول القانون في الهيئة العامة من مساعدات الأهل الى صندوق التعويضات للمدارس المتخلفة عن الدفع والتي كانت قد استوفتها فعلياً من رواتب الأساتذة”. وتتساءل “في حال الفشل في الوصول الى صيغة مشتركة تراعي ظروف الجميع وتفلت الأقساط ودولرتها، هل سيصبح العلم طبقياً حكراً على الميسورين؟”.

شارك المقال