“حرب” رغيف الخبز تهدد اللبناني جوعاً!

جنى غلاييني

مع تضاؤل ​​واردات القمح من أوكرانيا وروسيا، يواجه اللبنانيون خطر الجوع، فمنذ أوائل شباط الماضي قبيل الغزو الروسي لأوكرانيا شحن أكثر من 95٪ من صادرات الحبوب الأوكرانية – القمح والذرة – عبر البحر الأسود، وأرسل نصفها إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولكن بعد أن أصبحت موانئ أوكرانيا الجنوبية أوديسا وخرسون وميكولايف ساحات قتال أغلق الممر الرئيس مما أدى إلى خنق التجارة البحرية التي يعتمد عليها لبنان بحيث تمثّل أوكرانيا مصدراً لنحو 60٪ من الحبوب إلى جانب 20٪ أخرى يتم استيرادها من روسيا.

اذاً، أصبح لبنان يواجه أزمة قمح تفاقمت بفعل الأزمة الاقتصادية والحرب الروسية – الأوكرانية، ولا يمكن أن ننسى انفجار مرفأ بيروت الذي دمّر صوامع الحبوب الرئيسة في البلاد، ففقد لبنان حوالي أربعة أخماس سعته التخزينية، ما أوصلنا اليوم الى تقنين الدقيق بصورة كبيرة، فصارت أسعار ربطات الخبز أعلى بعشرة أضعاف وبالكاد يمكن أن تغطي احتياطيات القمح.

طوابير الخبز تعود

باتت طوابير الخبز ظاهرة متكررة في كثير من المناطق اللبنانية، ولكن هذه المرة تترافق مع مشكلات تنشب على خلفية انتظار الأدوار أو لأسباب أخرى فتعم الفوضى وتفقد الناس السيطرة. وفي ضوء ذلك، طالبت نقابات المخابز والأفران بضرورة تأمين الحماية الأمنية للأفران التي تعمل وتشهد طوابير من المواطنين أمامها مما يعرضها لمشكلات مع المحتشدين. ودعت المسؤولين إلى مواكبة أمنية لهذه الأفران لمنع حصول صدامات بين المحتشدين وأصحاب الأفران. وحذّرت أيضاً من أنها لن تستمر بالعمل وسط الفوضى والطوابير التي تمنع الأفران من القيام بدورها من دون مشكلات في هذه الفترة الدقيقة التي تمر بها البلاد.

وفي الفيديو يظهر هجوم المواطنين على أحد الافران في تعلبايا البقاع معترضين على عدم تصنيع الخبز بدلاً من الكعك الذي يحتاج الى كميات طحين كبيرة:

وفي فيديو آخر طابور طويل أمام أفران شمسين بانتظار حصة من ربطة الخبز في منتصف الليل:

هل من استيراد قريب للقمح؟

أعلن سفير أوكرانيا في لبنان إيهور أوستاش بعد لقائه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب الاثنين الماضي، أن لبنان سيتسلم القمح من أوكرانيا بعد أن أمّنت ميناء لتصديره. ويأتي ذلك في أعقاب موقف لبنان من الحرب الروسية – الأوكرانية حين أدان الوزير بو حبيب العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، داعياً إلى انسحاب القوات الروسية.

وفي الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب أمس، تم إقرار اتفاقية القرض المقدم من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار أميركي مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح.

وفي محاولة للحديث مع رئيس نقابة أصحاب المطاحن أحمد حطيط رفض التحدّث عن الأزمة، وقال لـ”لبنان الكبير”: “لن أتكلّم عن أزمة الخبز إلّا بعد حلحلتها ومحاولة تنفيذ الحلول المقترحة”.

وعن المعاناة الحالية التي يعيشها المواطنون مع أزمة عدم إيجاد ربطة الخبز، تقول ميرا سلمان ابنة الـ26 سنة والمعيلة لأبيها المقعد ولأخواتها الصغار، انّها تنتظر كل يومين أمام أفران عدة لوقت طويل في محاولة للحصول على ربطة خبز تطعم بها عائلتها، وتشرح: “أنا كفتاة أنتظر بين مئة شاب للحصول على حصتي من الخبز، والكل ينظر إليّ بدلاً من مساعدتي. ويوم أمس عند انتظاري في الطابور خرق شاب الصف ليصل الى أوّله ولكن لم تنجح فكرته العظيمة، فحصل تدافع وعراك ما اضطره الى التراجع والمغادرة من دون ربطة خبز. وأتمنى اليوم أن أوفق في الحصول على الخبز”.

أمّا الحاج عبدالله البالغ من العمر 67 عاماً والذي ينتظر تحت أشعة الشمس الحارقة وعلى رجليه الضعيفتين دوره في طابور الخبز، فيقول: “يروني رجلاً كبيراً في السن ولكن لا أحد يلتفت الي ويساعدني في الحصول على ربطة خبز، بل أقف مذلولاً في الانتظار كما هو حال كل مواطن لبناني. والملفت، ولا أقصد أن أكون عنصرياً، وهو أنّ غالبية الذين يأخذون الخبز من الجنسية السورية، وأراهم يحصلون على أكثر من ربطة، فهل هذا عدل؟ ألا يكفي أنّ المواطن اللبناني مذلول في كل شيء؟ فهل يريدون أن يوصلوننا الى المجاعة؟ فليقل أحد لمسؤولينا اننا وصلنا الى المجاعة وانتهينا”.

شارك المقال