اليوم العالمي لالتهاب الكبد… إحصاءات مرتفعة والخلاص في 2030؟

تالا الحريري

صادف امس في 28 تموز اليوم العالمي لالتهاب الكبد، هذا الفيروس الخطير الذي يسمّى “القاتل الصامت” ويحصد أرواح مئات الآلاف حول العالم سنوياً، ويُصنف على أنه المرض المعدي الرئيسي الثاني المسبب للوفيات، وقد عاد الى الانتشار مؤخراً في لبنان بـ174 إصابة مع تسجيل 118 منها في طرابلس. وكون الكبد من أعضاء الجسم المهمة وأكبرها، كان لا بد من فرصة لتعزيز الجهود الوطنية والدولية المبذولة لمكافحة التهاب الكبد، والتشجيع على العمل وعلى مشاركة الأفراد والشركاء والجمهور، وتسليط الضوء على ضرورة تعظيم الاستجابة العالمية. وعلى الرغم من أنه يمكن الوقاية منه وعلاجه، لكن معظم الأشخاص لا يدركون تماماً أنهم مصابون.

للكبد قدرة على إعادة النمو والتجديد، ليكون بذلك العضو الوحيد في جسم الإنسان القادر على ذلك. يتميز بوظائف عديدة أهمّها إنتاج العصارة الضرورية لعملية الهضم، التي تتكون من أملاح وكوليسترول وماء ومادة البيليروبين. بدورها تساعد هذه العصارة الأمعاء الدقيقة في تحليل الطعام وامتصاص الدهون والكوليسترول وبعض الفيتامينات. يساعد الكبد أيضاً في تخثر الدم أي وقف الجسم النزيف من خلال تكوين خثرة دموية تتكون من بعض البروتينات والصفائح الدموية، ما يساعد على شفاء الجرح بأسرع وقت. بالاضافة إلى ذلك، يتم تخزين الكربوهيدرات في الكبد، وهناك تتحلل إلى غلوكوز وتتسلل مع مجرى الدم من أجل الحفاظ على مستوى الغلوكوز في الجسم. كما يعمل على تخزين الفيتامينات والمعادن المختلفة منها: فيتامين A- فيتامينD- فيتامينE- فيتامين K- فيتامين B12- الحديد والنحاس. إضافةً إلى وظائف أخرى كثيرة كإستقلاب البروتينات وتكسيرها، تصفية الدم وتنقيته، تعزيز عمل الجهاز المناعي، إنتاج الألبومين (Albumin) وهو البروتين الأساس الموجود في الدم، تصنيع هرمون الأنجيوتنسينوجين (Angiotensinogen) الذي يرفع ضغط الدم عن طريق تضييق الأوعية الدموية.

اختير يوم 28 تموز لأنه يوافق ذكرى ميلاد العالم الدكتور باروك بولمبرغ الحائز على جائزة نوبل، الذي يعود إليه الفضل في اكتشاف فيروس التهاب الكبد B واستحداث اختبار لتشخيصه ولقاح مضاد له. في حين يُمثل انخفاض مستوى التغطية باختبار التشخيص والعلاج، أهم الثغرات التي ينبغي أن تُسد من أجل تحقيق أهداف التخلص من المرض في العالم بحلول العام 2030.

هناك خمس سلالات رئيسة من فيروس التهاب الكبد وهيA-B-C-D-E. وحسب منظمة الصحة العالمية تعتبر سلالتا B و Cمن أكثر أسباب الوفاة شيوعاً، اذ تؤديان إلى وفاة 1.100.000 شخص سنوياً، 9.400.000 شخص يتلقون العلاج ضد العدوى المزمنة بفيروس التهاب الكبد C. 10% من الأشخاص المصابين بالعدوى المزمنة بفيروس التهاب الكبد B تُشخَّص حالتهم، و22% منهم يتلقون العلاج. 42% من الأطفال حول العالم يحصلون على جرعة اللقاح المضاد لالتهاب الكبد B عند الولادة.

ولا ننسى أنّ لفيروس كورونا سبباً في التهاب الكبد كذلك، عدا عن الأسباب الأخرى كالمياه الملوثة والفواكه والخضراوات غير المغسولة، إدمان الكحول، حالة وراثية تؤدي إلى تلف الكبد والرئة، انخفاض تدفق الدم إلى الكبد، المخدرات أو السموم، نقص صباغ الدم (اضطراب يتميز بالحديد الزائد في الجسم)، اليرقان الانسدادي، عدوى فيروسية ومرض ويلسون (اضطراب يؤدي إلى ترسب النحاس الزائد في الجسم).

ومن أعراض هذا الالتهاب: الاسهال، تورم في البطن وانتفاخ، تغير لون البول والبراز، صداع الرأس، حكة في الجلد، ألم المفاصل، فقدان الشهية، حمى منخفضة، الخمول، الغثيان مع أو بدون القيء، اليرقان (اصفرار الجلد وبياض العينين).

وبالنسبة الى العلاج، أشار الدكتور عمر مسعود رئيس قسم أمراض الكبد في مستشفى “كليفلاند كلينك”، إلى أنّ علاجات التهاب الكبد الفيروسي C شهدت تحسناً ملحوظاً خلال العقد الماضي نتيجة الأدوية المضادة للفيروسات ذات المفعول المباشر، التي أثبتت فعاليتها في القضاء على الفيروس في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر فقط. إذ أظهرت الدراسات أن معدل الشفاء الذي تحققه هذه الأدوية يصل إلى 98 – 99 % كما أنه يمكن بصورة عامة للأشخاص الذين يتناولونها تحمل تأثيراتها جيداً.

ولفت مسعود إلى أن “التحدي يكمن في أن مرضى التهاب الكبد C لا تظهر عليهم أعراض في كثير من الأحيان وبالتالي لا يقومون بزيارة الطبيب لإجراء الاختبارات التشخيصية اللازمة أو العلاج. لهذا السبب من المهم للغاية أن يخضع كل شخص فوق سن 18 عاماً لفحص التهاب الكبد  C ولو لمرة واحدة على الأقل، وإلا قد يؤدي التأخر في الكشف المبكر عن المرض إلى فوات الأوان ولا سيّما بعد أن تبدأ الأعراض بالظهور وتتطور الحالة إلى الإصابة بتليف الكبد. ويحتاج الأفراد المعرضون للخطر بصورة أكبر مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية إلى الخضوع للاختبارات بصورة متكررة”.

وأشار الى أن “رحلة العلاج لا تنتهي بالأدوية المضادة للفيروسات بل يتعين عليهم إجراء المزيد من اختبارات الدم بعد ثلاثة أشهر للتأكد من أنه تم القضاء على الفيروس بصورة كاملة، والأهم من ذلك يجب أن نتذكر دائماً أن هذه الأدوية في حين يمكنها القضاء على فيروس التهاب الكبد C إلا أنها لا تستطيع علاج الضرر الذي يحدث بالفعل في الكبد”.

شارك المقال