القيادة المتهورة على طرقات الموت… مسؤولية مزدوجة

جنى غلاييني

مع نهاية شهر تموز الماضي، بلغ عدد حوادث السير 179 حادثاً، ذهب ضحيتها 40 قتيلاً و210 جرحى بحسب جمعية “اليازا” للسلامة المرورية. أما عدد الضحايا خلال العام 2022 فوصل لغاية الآن الى 172 قتيلاً، وهذا الرقم يتوقع أن يواصل الارتفاع في حال استمر وضع السلامة المرورية في لبنان كما هو عليه.

تتفاقم المشكلة بسبب عدم وجود إنارة للشوارع وعلامات الطرق، وتوقف الاشارات الضوئية في معظم المناطق ولا سيما في العاصمة بيروت، فضلاً عن البنية التحتية السيئة لمعظم الطرق في لبنان، وفوق هذا كله، نجد أنّ الدولة لا يهمها ما يحصل ولا كم الأرواح التي تزهق نتيجة إهمالها! اذ يستحيل أن يمر يوم واحد من دون أن نسمع عن قتلى وجرحى في حوادث سير.

“في لبنان وخاصةً في الصيف العامر حالياً بالسهرات والنزهات والمشاوير البعيدة حكماً حصول حوادث السير متوقعة إذا غابت كل عناصر السلامة المرورية كالإنارة، وصيانة الطرقات الوعرة، وإشارات السير المطفأة، وبالطبع غياب تطبيق قانون السير، وهناك تهوّر من الناس أثناء القيادة أيضاً”، هذا ما أوضحه الخبير في إدارة السلامة المروريّة كامل إبراهيم لـ”لبنان الكبير” عن الأسباب التي من شأنها أن تؤدّي الى حوادث السير القاتلة نتيجة عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة. وأشار الى أن “الفرد إذا لم يخضع الى فحص قيادة حقيقي ولم يتعلّم كيفية القيادة السليمة فضلاً عن وجود قانون جدّي يطبّق ويقوم على مراقبة القيادة في لبنان فحكماً ستنجم عن ذلك مشكلات سير. وعلى الفرد اليوم أن يتحمل مسؤولية ذاتية خصوصاً في ظل الظروف التي يمر بها لبنان لأنّ الدولة متخلية عن تطبيق الاجراءات اللازمة للتقليل من نسب الحوادث”.

هناك سائقون يهوون السرعة الزائدة أثناء القيادة ويجب أن يكون هناك رادع لهم، وكذلك الشاحنات التي تكون حمولتها زائدة، اذ أنها “تتسلّق” فوق السيارات لعدم تمكن السائق من السيطرة عليها أو لتعطل المكابح ما يسفر عن العديد من القتلى والجرحى، وآخرها الحادث الذي وقع على طريق المتن السريع، والثاني على طريق عرسال وأدى الى مقتل سبعة أشخاص من عائلة واحدة.

بغياب ثقاقة السلامة المرورية، ورخص القيادة التي تؤهّل السائق الجدير بالقيادة، وتطبيق القوانين، تتفاقم حوادث السير على طرقات لبنان، بحسب ابراهيم، الذي يعتبر أن “المطلوب هو خطة شاملة والدولة تتحملّ المسؤولية الأكبر كونها من يجب أن تضع حداً لهذا المسلسل الذي نشهده منذ زمن في لبنان”.

ويؤكد ابراهيم أنّ “قانون السير على الورق من أفضل القوانين وهناك الكثير من الاصلاحات في قانون السير الجديد، لكنَّ هناك مشكلتين وهي أن تطبّق هذه الاصلاحات وهي ادارة السلامة المرورية في لبنان والسهر على تطبيقها. والمشكلة الثانية هي أنّ القانون لا يطبّق على الحوادث التي تحصل من جراء الحمولة الزائدة للشاحنات، السرعة، القيادة تحت تأثير الكحول، وغيرها من الأمور التي تؤدي الى حوادث مميتة، وذلك لأنّ الأولويات أصبحت في مكان آخر وهي أن يحصل الناس على ربطة خبز، فمن يبحث عن الخبز لا يجب أن يموت في حادث سير سببه تهور سائق مسرع لا رادع له”.

وعما إذا كانت هناك حلول مطروحة، يقول: “بالطبع هناك حلول، لكن أوّلاً يجب على المعنيين بهذا الملف على صعيد الدولة اللبنانية أن يلتفتوا الى حوادث السير التي تقع على طرقات لبنان، وهنا يطرح السؤال على وزير الداخلية بسام مولوي لماذا لا يهتم بملف السلامة المرورية وملف السير في لبنان؟”.

اما اللجنة الوطنية للسلامة المرورية فيترأسها وزير الداخلية ويجتمع فيها قوى الأمن ومديرون عامّون، وإدارات رسمية ونقابات مثل نقابة المهندسين، نقابة خبراء السير، نقابة السائقين العموميين، والجمعيات الأهلية، لمناقشة موضوع السلامة المرورية، لكن ابراهيم يوضح أن “آخر اجتماع حصل في العام 2019 وحتى اليوم لم تجتمع اللجنة بعد”.

شارك المقال