اللبناني يهرب من الأزمة… الى تركيا

جنى غلاييني

على الرغم من الوضع الاقتصادي والمعيشي المتأزم الذي يمر به اللبنانيون جميعاً، إلّا أنّ من اعتادوا منهم على السفر كل سنة إلى تركيا لقضاء وقت ممتع والترفيه عن النفس، قرروا ألا يغيّروا عادتهم ولو كانوا متأثرين بالأزمة، فلم يتخلوا عن زيارة هذا البلد الذي يعتبر وجهة رئيسة للكثير من السياح حول العالم، ومن بينهم اللبنانيون، اذ تنشط في مطار رفيق الحريري الدولي يومياً الرحلات إلى تركيا، في حين لا تهدأ حركة الوافدين والمغتربين والسياح الأجانب إلى لبنان.

لماذا يختار اللبناني تركيا كوجهة سياحية شبه دائمة؟ أول سبب أنّه معفي من أخذ تأشيرة مسبقة للسفر إليها، ثانياً لأنّها تشتهر بالعديد من المدن والمناطق السياحية الساحرة وأهمها إسطنبول وطرابزون وكابادوكيا وأنطاليا وبودروم ومرمريس، فضلاً عن وجود سلسلة من المطاعم والمقاهي اللبنانية التي تؤمن فرص عمل لمواطنين لبنانيين، وتقدم للسياح اللبنانيين والأجانب أشهى المأكولات.

وبما أنّ تركيا تسمح لجميع اللبنانيين بالدخول اليها من دون أي زيارة مسبقة للسفارة للحصول على تأشيرة، فقد أصبح الأمر أكثر سهولة للبنانيين للقفز على أول طائرة والافادة القصوى من مغامرتهم التالية التي لا تستغرق وقتاً طويلاً.

وعلم “لبنان الكبير” لدى تواصله مع عدد من مكاتب السفريات، أنّ حجوزات السفر إلى تركيا زادت مقارنةً بالسنتين الماضيتين على الرغم من دفع سعر تذكرة السفر بالفريش الدولار. وبحسب أحد هذه المكاتب فان “هناك حركة سفر سياحية مقبولة إلى عدد من البلدان وأكثرها تركيا ومصر، وغالبية زبائننا من الطبقة الغنية أو المتوسطة المرتاحة مادياً. وبالنسبة الى مكاتب السفر حالياً فلا أزمة تعوقها على الرغم من انقطاع الكهرباء المستمر وغلاء المحروقات، إِلَّا أنّ العمل يسير بصورة طبيعية ولكن لا نعلم إلى متى يمكن أن نستمر على هذه الحال”.

يميل اللبناني بطبيعته إلى الرفاهية والراحة والجمال، فيلجأ إلى تركيا ومأكولاتها الشهية، حتى أنّه يختارها كمكان للعيش فيه وذلك لعدة أسباب وبحسب الفئات، ففئة الطلاب تختار الجامعات التركية لشهاداتها التعليمية، فئة الشباب الباحثين عن عمل، وفئة رجال الأعمال والعائلات.

لا توجد إحصائية رسمية حول عدد اللبنانيين المقيمين في تركيا، لكن الاحصاءات اللبنانية تشير إلى أن من بين كل 120 ألف لبناني يسافرون إلى تركيا سَنَوِيّاً هناك 4000 منهم لا يعودون إلى لبنان، وبعضهم يستخدم تركيا كبلد عبور للسفر إلى وجهة أخرى.

وكما بات معروفاً، فانّ معظم متاجر الملابس والمحال في لبنان يشتري بضائعه بصورة رئيسة من تركيا. لذلك، فإن الحجم الهائل لإمكاناتها جعلها مقصداً للبنانيين الذي يرغبون في استكشافها واختيار سلعها كمورد أساس يباع في لبنان، ولأن كل شيء فيها أرخص، أصبح اللبناني يفضّل زيارة كل مدنها في وقت واحد بدلاً من قضاء إجازة باهظة الثمن في دول أوروبا.

أحمد سيف الدين أحد أولئك الذين يختارون تركيا في كل مرة كوجهة سياحية، ويقول: “تركيا كبيرة جدّاً وجميلة، وكنت أسافر إليها 3 مرّات في السنة إمّا مع عائلتي أو أصدقائي، لكن الظروف الحالية حكمت علينا أن نعيد النظر في كل خطوة نخطوها، فالسنة الفائتة لم أسافر أبداً، أمّا هذه السنة ولأنني حقاً أحب تركيا وأشتاق إلى السير في مدنها فقرّرت أن أسافر مهما كلّف الأمر، ولن أحرم نفسي من الرفاهية والراحة، وبما أنّ جواز سفري جاهز وإمكاناتي تسمح لي بالسفر تحدثت مع أصدقائي ووجدت أن البعض جواز سفره منتهي الصلاحية، وعلى الرغم من ذلك سافرت إلى إسطنبول 20 يوماً ولم أكتف، لذلك سأسافر مرة أخرى في نهاية شهر آب ولكن هذه المرّة كي أبحث عن استثمار صغير أؤسس له في تركيا”.

أمّا سميح بدران، فهو ربّ أسرة مؤلّفة من 4 أفراد ومعتاد على السفر مع عائلته كل سنة إلى تركيا، ويقول: “اشتقنا إلى تركيا وإلى إسطنبول خصوصاً، فأنا وعائلتي انقطعنا عن السفر إليها منذ سنتين، بسبب انتهاء صلاحية جوازات سفرنا، وكنا نرغب في السفر إليها هذا الصيف لكن مع وجود مشكلة مواعيد طلب الجوازات ليس بمقدورنا ذلك، فموعدنا مؤجّل الى أوّل السنة المقبلة، وفور انتهاء الجوازات سأخطط لقضاء عطلة شهر كامل مع أولادي وزوجتي في تركيا مهما كلّفني الأمر”.

شارك المقال