القرطاسية المدرسية نار… والأهالي: “طفح الكيل”

جنى غلاييني

لا يزال وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي مصمماً على قرار بدء العام الدراسي الجديد 2022، ما يعني وضع الأهالي وأولياء الأمور في ورطة اقتصادية كبيرة، اذ يتساءلون عن كيفية تأمين الكتب المدرسية ومدى قدرتهم على دفع أسعارها الجنونية التي “تقرّش” حسب سعر الدولار مقابل الانخفاض الكبير في قيمة الليرة اللبنانية، خصوصاً أن الكثيرين منهم لديهم أكثر من طفل واحد في المدرسة.

وبعدما كانت القرطاسية في متناول الجميع ولم يكن أحد يحسب لها حساباً بسبب أسعارها التي كانت تعتبر مقبولة، باتت اليوم تشكل العبء الأكبر من التكاليف المدرسية، بعدما تضاعفت أسعارها بصورة مخيفة بحجة ارتفاع الدولار، ما يدفع الأهالي إلى التقشف، وهو ما تفعله سارة العلي الأم لطفلين تهيئهما للعودة الى المدرسة في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تمر على البلاد، وبحسب ما تؤكد لـ “لبنان الكبير” أنها مجبرة على دفع “يلي فوقها ويلي تحتها” فقط لكي لا يشعر الأولاد بنقص في اللوازم المدرسية لاسيما أنهما في مدرسة خاصّة، فعلى الرغم من الارتفاع الجنوني للأقساط واضطرارها الى تسجيلهما في هذه المدرسة، ترى أنّها أمام نفق جديد من التكاليف اللامتناهية من حيت تأمين الزي المدرسي والكتب. وتقول متفاجئةً: “أيعقل أن يبلغ ثمن كتاب مليون ليرة لطالب في الصف الرابع؟”.

معظم الأهالي مذهولون بالأسعار الجديدة للمستلزمات المدرسية وما شهدته من ارتفاع كبير، يثقل كاهلهم ويزيد الأعباء الحالية من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية إضافة إلى المحروقات التي أشعلت جيوب المواطنين وجعلتها تتبخّر، حتى بات لسان حالهم يقول: “خلص طفح الكيل”.

“قلم واحد لست قادرة على شرائه” حسبما تقول آلاء شبلي التي لا تزال متردّدة في نقل أطفالها الثلاثة من المدرسة الخاصة إلى المدرسة الرسمية، وفي حال أبقتهم في مدرستهم فلن تكون قادرة على شراء قرطاسيتهم المدرسية أو حتى تأمين كتبهم، التي تسعى الى أخذها مستعملة من أهالي التلاميذ القدامى. أمّا في حال تسجيلهم في مدرسة رسمية فتخشى أن يجلسوا في البيت لكثرة الإضرابات وفي النهاية “يطلعوا من المولد بلا حمص”.

وتقف التلميذة مريم صالح أمام رفوف الدفاتر في احدى المكتبات في بيروت وهي مصدومة من الأرقام التي تقرأها، إذ لا ترى إلّا أصفاراً تتزايد كلّما زادت الأوراق أكثر في الدفاتر، وتقول: “دفتر 7 مواضيع بـ600 ألف ليرة! وبالطبع هذا السعر مع تخفيض، فأنا خرجت من منزلي ومعي مليون و500 ألف مصروف لوازمي المدرسية فلم أستطع شراء إلّا 5 أغراض، في حين أنّ أبي يمر بضائقة مادية فكيف سأطلب منه المزيد من المال؟ أشكر الله أنّني في مدرسة رسمية لا أحتاج فيها الى شراء كتب جديدة، اذ يقوم الطلاب القدامى باعطائنا كتبهم ليستفيد الطلاب الجدد منها”.

وفي جولة على بعض المكتبات في بيروت لاحظنا أنها تكاد تكون خالية من الزبائن، ويعبّر صاحب إحدى المكتبات عن ذلك بقوله: “إنّ حركة الزبائن اليومية تعتبر خجولة، وبالكاد يشترون ما يريدون كل ما يلزمهم، وهذا حالي أنا أيضاً بحيث لم أستطع شراء كميات كبيرة من المستلزمات الدراسية كما في كل عام، وبت أؤمّن أي كتاب على الطلب بسبب الأسعار الخيالية التي تضعها دور النشر، وفي الحقيقة لا ألوم الناس على حالهم، اذ أصبح الزبون يفاوضني على سعر قلم الرصاص!”.

وفي حديث مع مديرة إحدى المدارس الرسمية التي رفضت ذكر اسمها واسم المدرسة، تشرح الوضع الحالي قائلة: “على الرغم من معرفة الأهالي بإضراب أساتذة التعليم الرسمي الذي لا تزال تدور حول مصيره علامات استفهام وضبابية، إلّا أنّ عدداً كبيراً من تلاميذ المدارس الخاصة نزح إلى الرسمي تفادياً لوقوع الأهالي ضحية الأعباء المعيشية المخيفة، وكل مدرسة رسمية تعمل على تبديل الكتب بين تلاميذها. ولكن أصبح الأهالي يتساءلون عمّا إذا كان هناك تبديل في الزي المدرسي أو أي مساعدات دولية من قرطاسية ودفاتر وأقلام! فكيف سنستطيع بدء العام الدراسي واللبنانيون غارقون في همومهم المعيشية؟. نتمنى ألا يكون هذا العام أسوأ عام دراسي!”.

شارك المقال