في الأزمات… اللبنانيون يبحثون عن بارقة أمل

تالا الحريري

في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية والصحية التي يمر بها لبنان، يبحث اللبنانيون عن بارقة أمل يتمسكون بها علّها تنسيهم ويلات ما يعيشونه جراء ما تفعله السلطة الفاسدة. لا دواء، لا بنزين، لا طبابة، لا كهرباء، لا مياه، لا مازوت، الحياة باتت معدومة تماماً، لكن تأهل منتخب لبنان إلى كأس العالم لكرة السلة للمرة الرابعة وتأهل فرقة “ميّاس” اللبنانية لنهائي برنامج ” America’s Got Talent” كان لهما الفضل في إعادة الفرحة الى قلوب اللبنانيين حتى نسوا ما يمرون به وباتوا ينتظرون بلهفة النتائج باعتبار أنّ هذه النجاحات هي الوحيدة القادرة حالياً على رفع اسم لبنان عالياً.

فما هي أسباب ودلالات تفاعل اللبنانيين مع هذه الاحداث على مختلف الأصعدة؟

شاكر: أبطال رفعوا رؤوسنا عالياً

وقال مدير الانشطة الرياضية في النادي الرياضي جودت شاكر أنّه “في هذا الوقت بالذات حيث الشعب اللبناني مكسور ومحطم معنوياً، جاءت فرقة ميّاس التي لاقت تفاعلاً واسعاً من الجميع إلى جانب منتخب لبنان لكرة السلة ووصلا الى النهائيات. هنا يفتخر المواطن بأنّه لبناني ويشعر بعظمة هذا الشعب الكبير الذي يحفر بالصخر حتى يصل إلى أعلى المراكز”.

ورأى أنّ “الناس نسيت همومها وارتفعت معنوياتها وتفاعلت مع هذه الأخبار في حين اشتدت النقمة على المسؤولين اللبنانيين الذين لا يقدرون عظمة هذا الشعب وسط هذه الأزمات التي نمر بها، نحن نفتخر بهؤلاء الأبطال الذين رفعوا رؤوسنا عالياً”.

حمدان: حنين للأيام السابقة

أشارت الدكتورة في علم الاجتماع أديبة حمدان لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “تفاعل اللبناني أمر ملفت نظراً للظروف الصعبة التي نعيشها. فاللبناني اليوم يبحث عن لقمة عيشه فكيف بإمكانه ان يتفاعل مع لعبة أو نشاط ما؟”.

وتابعت: “التفاعل كان جيداً وأعتقد أنّ له دلالات كثيرة أولها أنّه يبحث عن أي فرصة تسلية أو فرح. ثانياً، اللبناني لا يزال يعيش الحنين للأيام السابقة، هذا الحنين دفعه الى التفاعل مع مناسبة تعكس قوة لبنان وجماله، فيها الحياة والشباب والرياضة. ولا ننسى أيضاً أنّ هذه الطريقة في التفاعل عكست أن اللبناني يريد أن يساهم في تحسين صورة بلده”.

معلوف: أكثر الناس حماسة حالتهم مزرية

واعتبرت الممثلة والمخرجة وعالمة النفس والأستاذة الجامعية والمغنية الأوبرالية العالمية تارا المعلوف أنّه “منذ ما قبل التاريخ كان الإنسان يندهش بالسحر والفنون لأنها تأخذه الى مكان آخر يُنسيه همومه وكان ساحر القبيلة يعرف ذلك ويتحكم بالشعب من خلال هذه الأشياء. وفي اليونان أيام ما قبل ميلاد المسيح كان المسؤولون يُلهون الناس عن السياسة بالألعاب الرياضية والفنون”.

وأضافت: “الإنسان عندما يكون بحالة مزرية وبموقع متراجع، هو بحاجة إلى ما يشعره بالنجاح والتقدير عبر الوصول إلى مركز عالٍ حتى يظهر كبطل. الألعاب الرياضية تُستثمر بشكل كبير لجذب الناس، والإعلام يعطيها الأهمية الكبرى لأن الأموال الطائلة التي يستثمرها المراهنون تجبرهم على جعل الأمر حدثا مهما للغاية حتى يكسبوا منه الاموال الطائلة قدر المستطاع. والإنسان ينتظر ذرة أمل أو أي شيء يتعلق ببلده أو بالفريق الذي يشجعه والذي يشعره بتحقيق ذاته وينسيه كل مشاكله اليومية بلحظة”.

كما أشارت معلوف إلى أنّ “هناك عدوى بين الناس، أي أنّ الحماسة تبدأ مع شخص واحد ثم تنتشر بالمجموعة حتى يصبح الشعور بالنصر ذاتيا. فكبرياء الانسان وعزة نفسه والأنا لديه بحاجة إلى عيش النجاح من أجل تحقيق الذات وحتى لا تشعر بالفشل. وأكثر الناس حماسةً هم من يعيشون حالة مزرية أو فاقدي الأمل ويبحثون عنه بطريقة واحدة لتحقيق ذاتهم”.

وتابعت: “طبعاً من أهم مميزات الفنان أن يعطي الأمل للناس ويظهر لهم بأنّ الامور يمكن أن تكون أجمل وأن هناك حلولا لأي مصيبة نواجهها. الناس ترى أنّ الفريق الذي يفوز سواء على الصعيد الرياضي أو الفني (رقص/التعبير المسرحي…) يتخطى القيود التي تكبّله في بلده، وأنّ باستطاعته إيصال صوته للعالم وإثبات أن لبنان لديه طاقات توازي وتضاهي كل البلدان وأنّه ناجح على الرغم من كل مشاكل البلد”.

وختمت معلوف: “من الضروري أن يشعر الانسان بهذا الرضى حتى يكمل مسيرته وحياته ويخرج من يأسه. دائماً الانسان ينتظر بطله حتى ينتصر لكي يشعر بالفخر ويعتبر أنّ هذا النجاح هو نجاح ذاتي له وأن هناك دائما الأمل”.

نشابة: لاجئون في بلدهم

وأفاد المحلل السياسي شادي نشابة أنّه “للأسف مع انتقال لبنان من انهيار الى انهيار ومن يأس إلى يأس بسبب تقاعس السلطة بشكل عام في البلد، لا توجد أي نقطة أمل جدية. وصار اللبنانيون يلجأون الى مراكب الموت معتبرين أنفسهم لاجئين في بلدهم”.

وأضاف: “هذا النوع من الانجازات يفتخر بها كل لبناني في لبنان وفي الاغتراب، وهذا النوع من الانجازات يؤثّر بشكل ايجابي في المواطن بشكل عام ويبيّن فكرة أنّ لبنان قادر على كل شيء. ربّما لو كنا بوضع طبيعي في البلد أعتقد أنّ الزخم كان أخف لكن اللبناني يبحث عن أي شيء إيجابي يتمسك به فاللبناني يرى أنّ بصيص الامل هذا ممكن أن يُبنى عليه”.

وأوضح أنّ “النسبة الأكبر من اللبنانيين يبحثون عن طريقة يخرج فيها من البلد، بينما البعض الآخر بقي لأسباب قهرية ويحاول التعايش مع الوضع”.

شارك المقال