300 سنة… لتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين

جنى غلاييني

تحقيق المساواة بين الجنسين لم يعد ممكناً بحلول العام 2030، وسد الثغر في الحماية القانونية وإزالة القوانين التمييزية سيستغرق ما يصل إلى 286 عاماً استناداً الى الوتيرة الحالية للتقدم، بحسب ما كشف تقرير جديد صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة.

ويذكر التقرير أنه في ظل المعدل الحالي للتقدم في الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة، قد يستغرق الأمر ما يقرب من 300 عام لتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين.

ويُظهر التقرير بعنوان “Gender Snapshot 2022” أنّ التحديات العالمية مثل جائحة كورونا وعواقبها، والنزاعات العنيفة، والتغير المناخي والمواقف السلبية في شأن صحة المرأة وحقوقها الجنسية والإنجابية تُفاقم التفاوتات بين الجنسين. ويشير إلى أن عدد النساء والفتيات اللواتي يعشن في ظل فقر مدقع بأقل من 1,90 دولاراً في اليوم سيبلغ نحو 383 مليوناً بحلول نهاية العام، مقارنة بـ368 مليون رجل وفتى، منبهاً على تحوّل مقلق في شأن مساعي الحد من الفقر.

وبات عدد النساء والفتيات النازحات قسراً أكبر من أي وقت مضى، إذ بلغ 44 مليوناً في نهاية 2021، وتعيش أكثر من 1,2 مليار امرأة وفتاة في سن الإنجاب في بلدان تفرض قيوداً على الإجهاض.

ونقل التقرير عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة سيما بحوث قولها ان “من الضروري أن نجتمع الآن على الاستثمار من أجل النساء والفتيات بغية معاودة التقدم وتسريعه”، موضحة أن “البيانات تُظهر بلا شك تراجعات في حياتهنّ، فاقمتها الأزمة العالمية – سواء في ما يتعلق بالدخل أو الأمن أو التعليم أو الصحة. وكلما استغرقنا وقتاً أطول لتغيير هذا الاتجاه، زادت التكلفة بالنسبة إلينا جميعاً”.

إن كان وضع المساواة بين الجنسين عالمياً على هذا الحال، فماذا يمكن القول عن المساواة بينهما في لبنان الغارق في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟

الناشطة النسوية علياء عواضة، تؤكد في حديث لـ”لبنان الكبير” أن “طريقة المعالجة التي يسير بها لبنان لتحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة تحتاج الى أشواط كبيرة جدّاً، لأنّ في لبنان لا القانون ولا المجتمع ينظر الى النساء كمواطنات بل يعتبران أنهنّ ملحقات بالرجل، وهي نقطة بداية المعالجة إذ يجب أن ندرس نظرة المجتمع الى المرأة أولاً ومن بعدها ننطلق الى المعالجة على المستويات كافة”.

وتشير الى أن “لا حقوق كافية لدى المرأة اللبنانية اليوم تجعلها مساوية أو شبه مساوية للرجل بحيث لا مجال للمقارنة ولا للتفاؤل حتّى، فأصبحنا اليوم نسمع تقويم المساواة لدى الرجال من خلال نظرتهم الى النساء واعتقادهم أنّهم إذا رأوا المرأة تلبس تنورة قصيرة وتسهر في نايت كلوب فانّها أصبحت مساوية للرجل، وهذا بالتحديد ما نسميه التفكير الذكوري، لأننا نأخذ المساواة بين الجنسين من الناحية القانونية والتساوي في الحقوق”.

وتلفت الى أن “كل شيء على الصعيد المجتمعي متوفّر ومسموح للرجل وغير متوفّر ومسموح للمرأة، لذا التمييز ليس من خلال أنّ القانون اللبناني لا يسمح لها باعطاء الجنسية لأطفالها وحسب، ولكن حتّى في القوانين الموجودة التي تكفل حماية النساء، فهذه القوانين يتم التلاعب بها لتصبح لمصلحة الرجل،. لذا في لبنان عموماً كل شيء تحت سيطرة الرجل الذي يحاول أن يبقي هذه السيطرة موجودة لمصلحته دائماً، لذلك نرى أنّ المرأة تجد صعوبة في التمتّع بحد أدنى من حقوقها بسبب ترابط السلطة الذكورية المؤلّفة من هذا الهرم السياسي الديني القانوني المسيطرة في المجتمع اللبناني، وبالتالي هناك صعوبة كبيرة في التغيير، وعلى الرغم من عملنا لتحقيق هذا التغيير والذي نأخذ سنوات من النضال فيه فإنّ هذا الجهد منقوص بسبب هذه السلطة”.

وضع المرأة في بعض بلدان الشرق الأوسط وحول العالم أصبح أسوأ على مر السنين بسبب آثار الوباء العالمي الذي أدى إلى تفاقم المشكلات الموجودة مسبقاً في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يحظر على النساء نقل جنسيتهن إلى أطفالهن أو أزواجهن الأجانب، ويواجهن قيوداً تجعلهن معرضات بشدة لانتهاكات حقوق الإنسان.

ويدعو تقرير جديد صادر عن منظمة “المساواة الآن” الدولية لحقوق المرأة الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى بذل المزيد من الجهد لمساعدة النساء المحتاجات، بعد أن أظهرت النتائج أن العديد من البلدان حول العالم لا تزال تطبق قوانين الجنسية التمييزية والجنسية.

ويكشف التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيها أكبر عدد من قوانين الجنسية التمييزية بحيث تحرم 17 دولة المرأة من المساواة في الجنسية وحقوق المواطنة.

وتضمنت نتائج التقرير كيف أن قوانين الجنسية التمييزية لا تزال قائمة في 49 دولة تمثل 25٪ من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

شارك المقال