العالم محبط بعد كورونا… وتراجع 5 سنوات

تالا الحريري

لبنان مرّ بأسوأ أيامه في السنوات الأخيرة، كما العالم أجمع، ولكل بلد أسبابه الاقتصادية والسياسية والمعيشية وغيرها، لكن فيروس كورونا كان القاسم المشترك ولم يستثن أي دولة، بل طالها جميعاً وفتك بها حتى انهارت اقتصاداتها، وانعدم التواصل وعزل العالم كلّه وأصبح أشبه بعالم افتراضي.

وبعدما أصبح فيروس كورونا مرضاً روتينياً سيتم اعتماد جرعة سنوية له مثل الانفلونزا الموسمية، ورجح رئيس المعهد الوطني لمكافحة الأمراض المعدية أنتوني فاوتشي أن يصبح لقاح فيروس كورونا دورياً وشبيهاً بلقاح الانفلونزا الموسمية، لضمان مناعة الناس من السلالة المنتشرة في ذلك الوقت، في حال لم تظهر سلالة مختلفة جذرياً عن الموجودة حالياً، بحيث أن بعض الفئات، مثل المصابين بأمراض مناعية، قد يحتاجون الى جرعات أكثر. وطالب فاوتشي الجميع بالسعي الى الحصول على هذه الجرعة المنشطة لتقليل احتمالات الإصابة في الخريف والشتاء.

وفي السياق، أكد عضو لجنة الصحة النيابية النائب عبد الرحمن البزري لـ”لبنان الكبير” أنّ “إعتماد لقاح سنوي لكورونا لا يزال أمراً مبكراً، ولا توجد توصية عالمية بعد بذلك. أمّا الدولة اللبنانية فتفاوضت مع شركة فايزر من أجل إدخال لقاحات جديدة إلى البلد. ونبقى على تنبيهنا للناس بأخذ اللقاح قبل فصل الخريف والأعياد”.

فيما أشارت مديرة مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، روشيل والينسكي الى أنّ “التوقعات تظهر أن الإقبال على الجرعة المعدلة من لقاح كورونا، بالمعدلات نفسها لتناول لقاحات الإنفلونزا الموسمية هذا العام، قد يقي 100 ألف مصاب من تدهور حالاتهم واحتياجهم الى البقاء في المستشفيات، كما قد ينقذ 9 آلاف مصاب من الموت، ويوفر مليارات الدولارات في الرعاية الطبية”.

ولجهة الحجر الصحي، قصّرت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، فترة عزل الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا، من 10 إلى 5 أيام إذا لم تكن لديهم أعراض، وارتداء كمامة إذا كانوا محاطين بآخرين لـ5 أيام أخرى على الأقل.

كما قصّرت فترة الحجر الصحي التي كان موصى بها إلى خمسة أيام، في حال ثبوت الإصابة لدى الأشخاص الملقحين. كما أن الأشخاص المحصّنين بالكامل، الذين تلقوا جرعات معزّزة أيضاً، قد لا يحتاجون الى الخضوع للحجر الصحي على الإطلاق.

وشددت (CDC) على وجوب “أن يعزل الأشخاص الذين لديهم نتيجة اختبار موجبة أنفسهم لـ5 أيام، وإذا لم تظهر عليهم أعراض خلال هذه الفترة، فيمكنهم فكّ عزلتهم وارتداء الكمامة لـ5 أيام أخرى كي يقلّلوا من خطر نقل العدوى الى آخرين”. ولفتت إلى أنّ “الأشخاص الذين تلقوا اللقاح، والجرعة المعززة غير مضطرين الى الخضوع للحجر الصحي، وفي حال ظهور الأعراض، يجب على الأفراد الخضوع للحجر الصحي فوراً حتى تأتي نتيجة اختبار سالبة تفيد بأنّ الأعراض غير ناجمة عن فيروس كورونا”.

وتعليقاً على ذلك، قال البزري: “7 أيام كافية للخروج من الحجر في حال لم تكن هناك أعراض، ولا حاجة الى القيام بفحص الـPCR بعد ذلك. يمكن للمصاب أن يبقى 10 أيام في الحجر للإطمئنان فقط”.

وعن إمكان عدم الخضوع للحجر إذا كان الشخص حاصلاً على الجرعات المعززة، أوضح أن “النقاش لا يزال قائماً حول هذا الموضوع، ولكن كل شخص حاصل على الجرعات المعززة لديه أعراض أقل ويعدي بصورة أقل”.

في الفترة الأولى من فيروس كورونا أصبح الكون فارغاً من البشر نتيجة الحجر الصحي الذي فُرض لمدة أشهر طويلة، وأغلقت جميع المؤسسات وتوقفت النشاطات. هذه الفترة الطويلة سببت الاحباط واليأس عند الناس وغيرت نمط حياة الكثيرين.

تقرير الأمم المتحدة أفاد في هذا الاطار أنّ العالم تراجع خمس سنوات على صعيد التنمية البشرية أي في الصحة والتعليم ومستوى المعيشة بسبب فيروس كورونا إلى جانب الكوارث المناخية التي تتزايد والأزمات التي تتراكم من دون إعطاء الشعوب وقتاً لالتقاط أنفاسها.

وحذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في التقرير من أنه لأول مرة منذ تبنيه قبل ثلاثين عاماً، انخفض مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع والتعليم والمستوى المعيشي، لعامين على التوالي في 2020 و2021. وبعدما بقي المؤشر في ارتفاع متواصل منذ عقود، عاد في 2021 إلى المستوى الذي كان عليه في 2016 ماحياً بذلك سنوات من التطور. وأوضح أن هذا “التراجع الهائل” يشمل أكثر من 90 بالمئة من دول العالم، و”هذا يعني أننا نموت مبكراً وأننا أقل تعليماً وأن دخلنا ينخفض”.

وأشار التقرير إلى اليأس والاحباط اللذين يعيشهما سكان العالم بسبب هذه الأزمات إضافةً إلى القلق بشأن المستقبل. فما كان من الأمم المتحدة سوى أن توصي بتركيز الجهود على ثلاثة محاور هي: الاستثمارات ولا سيما في الطاقات المتجددة والاستعداد للجوائح المقبلة، التأمين بما في ذلك الرعاية الاجتماعية لامتصاص الصدمات، والابتكار لتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات المقبلة. وإلى جانب ذلك، دعا البرنامج الانمائي للأمم المتحدة الى عدم الاستمرار في التوجه المتبع حالياً بخفض المساعدة الإنمائية للدول الأكثر فقراً.

شارك المقال