من يدعم مؤسسات إعادة تأهيل المدمنين؟

ليال نصر
ليال نصر

ينعكس الوضعان الاقتصادي والاجتماعي في لبنان على فئتي الشباب والناشئة، ويؤدي تفاقم الأزمات كزيادة نسبة الطلاق والمشكلات الأسرية والعنف الأسري وعدم اهتمام الأهل بأولادهم وإرسالهم الى سوق العمل في عمر مبكّر وعمالة الأطفال، إلى لجوء هؤلاء للمخدّرات كوسيلة لنسيان المشكلات والتخفيف من الضغط النفسي، بعد أن وصلوا إلى أفقٍ مسدود في بلدٍ لا يجدون فيه فرصة عمل تليق بهم، ما يجعل اليأس هو المسيطر على وضعهم.

تقع الواقعة من جهة، وتزيد من جهة أخرى، مسؤولية الأهل عند اكتشاف ما يعانيه أولادهم، كما مسؤولية الجمعيات التي تعمل على إعادة تأهيلهم وعلاجهم من هذه الآفة، بغية إعادة دمجهم في المجتمع الذي يعاني أيضاً من قلة ثقافة في هذا الاطار، ومن رؤية سيئة تغيّر النظرة إليهم مجتمعياً ويصبح الادمان وصمة عار لأشخاص ما هم إلا ضحايا الأزمات الانسانية التي تسلب حقوق الناس.

سبل علاج المدمنين وإعادة دمجهم

يلجأ العديد من المدمنين لصعوبة إقناعهم بضرورة العلاج، إلى المراكز المختصة لمساعدتهم وإعادة تأهيلهم لدمجهم في المجتمع. ويقول رئيس “جمعية الشبيبة لمكافحة المخدرات” إيلي لحود لموقع “لبنان الكبير”: “إن الجمعية تلعب دوراً كبيراً في المتابعة وفيها فريق عملٍ متكامل مؤلف من أصحاب اختصاص يفهمون مشكلة كل شخص ويتخذون له الاجراءات الصحيحة. الفريق عبارة عن مدرّبين يتابعون الشباب (إناثاً وذكوراً) يومياً ويفهمون وجعهم، لذلك فإن غالبية العاملين في هكذا نوع من الجمعيات، كانت مدمنة وانتهت كلياً من ذلك منذ أكثر من اثني عشر عاماً، لذا، فهم الأشخاص الأكثر تفهماً لوجعهم ومعاناتهم، ولا يستطيع الخاضع للتأهيل أن يمثّل عليهم أو يحاول الهروب من المركز مهما اخترع حججاً.

ويوضح لحود أن “الجمعية تقدم خدمات مميزة لهؤلاء الأشخاص، فهناك بداية العلاج الطبي إذ تتم المساعدة من خلال مختص يتابعهم ويخفف لهم الأدوية بصورة تدريجية، وفي الوقت نفسه تتابعهم معالجة نفسية تعمل معهم بصورة فردية ليفتحوا الغرفة السوداء التي تشكل لهم ضغطاً وتكون عاملاً يعيدهم إلى الادمان مرة أخرى، إضافة إلى معالجة نفسية تعمل مع الأهل ليكونوا مرتاحين بعدما شعروا بالتعب والخجل جراء معرفة حالة إدمان ولدهم ما سبّب تفككاً أسرياً”.

تعمل المعالجة على إعادة جسر التواصل بين الأهل وولدهم، وتعمل مدربة مختصة أيضاً مع متلقي العلاج على تدريبهم على مشروع الحياة ليعرف كل شخص ماذا يفعل بعد الخروج من المركز ويسلك الطريق الصحيح، بحسب لحود، الذي يشير الى أن هذا الفريق تضاف اليه مدربة “تعلمهم كيف يستطيعون أن يعيشوا حياة سعيدة ليفرحوا وكيف يتقبلون الأمور، وهناك مدرّب مختص أيضاً يعلمهم المسرح التعبيري ليخرجوا ما في قلوبهم من خلال التمثيل، وهنا يكمن دور المربي في الحلقة التدريبية ليأخذ ملاحظاته ويتابعهم على أساسها فيشعر المدمن أنه محتضن ويعمل لمرحلة انتقالية”.

ويشدد لحود على أن “معالجة الحالات الصعبة هي التي تعطي الاندفاع والحماس أكثر فيشعر المعالجون بأنهم خلّصوا روحاً بشرية وأعادوا بناء إنسان صالح لمجتمعه، يمكنه أن يكون منتجاً ولا يبقى عالة على المجتمع، خصوصاً أن المدمن في ثقافتنا يعاني تحدي عدم تقبل الناس له لأن ثقافة المجتمع خاطئة فيعاني لإزالة وصمة الإدمان، ولاسيما أن المدمن في مرحلة ما يصبح عبداً للمال ويتصرف بصورة غير أخلاقية ويسرق أهله لأن التعاطي يصبح دواءه اليومي لينسى مشكلاته وما يقترفه من أخطاء تجاه عائلته وأصدقائه.

وفيما تلعب الجمعيات دوراً مهماً لإعادة المدمن إلى مجتمعه وتعيد بناء الجسور بينه وبين عائلته ليصبح منتجاً ويعيش بكرامة، إلا أنها تحتاج إلى دعم من الدولة اللبنانية خصوصاً في ظل غلاء الأدوية المخصصة لعلاج المخدرات وتكلفة استيرادها الباهظة، ومن هنا أهمية إعادة تفعيل المركز الوطني لمكافحة المخدرات ووجوب التفات الدولة إلى الجمعيات والعمل على تطوير وتعزيز قدرات المؤسسات والقوى العاملة التي تقدم خدمات الوقاية والعلاج والتأهيل من تعاطي المخدرات ودعم مرحلة ما بعد العلاج وتوفير فرص العمل.

شارك المقال