الأمن الغذائي في لبنان… وضع حرج يتفاقم

حسين زياد منصور

يلعب الأمن الغذائي دوراً مهماً في استمرار المجتمعات وتطورها، ولطالما شكل انعدامه مشكلة كبيرة، وهذه المشكلة ليست وليدة الأمس، بل بدأت مع قيام المجتمعات البشرية.

وتعد الدول النامية والتي تعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية متنوعة، الأكثر عرضة للتضرر من مشكلة انعدام الأمن الغذائي، وبالأخص تلك التي تعتمد على استيراد المواد الغذائية بدل تصنيعها وانتاجها وتصديرها.

كانت السنوات الماضية صعبة جداً، فقد عانى العالم كله لأسباب عدة منها صحية واجتماعية واقتصادية وسياسية كانت نتائجها قاسية، وعواقبها وخيمة على الأمن الغذائي في الكثير من المناطق أبرزها بعض الدول العربية.

فيروس كوفيد 19 كان له دور بارز في توسع هذه الأزمة خلال السنوات الثلاث الماضية، فضلاً عن التأثير في الاقتصاد العالمي والاغلاق الشامل في كثير من الدول جعل تأمين الغذاء ونقله الى بعض السكان أمراً صعباً بتكاليف ووقت أكثر.

ومع بدء تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات فيروس كورونا، جاءت الحرب الروسية – الأوكرانية، مما أدى الى تفاقم الأوضاع الصعبة، فطرفا النزاع يسهمان في أكثر من ثلثي إجمالي صادرات الحبوب في الأسواق العالمية، وأدت المعارك المستمرة الى ركود انتاج المواد الأساسية وبالتالي الى تخفيف الامدادات الغذائية من الطرفين، وهو ما أدى الى ارتفاع أسعار المواد الغذائية المتوافرة في كل دول العالم.

لبنان

يعاني الشعب اللبناني منذ أكثر من ثلاث سنوات من وطأة أزمة اقتصاديّة طالت مختلف جوانب معيشته، مع تراجع القدرة الشرائية لمختلف شرائح المجتمع في مقابل ارتفاع أسعار المواد الأساسية من غذاء ودواء ونفط، في ضوء انهيار الليرة اللبنانية وانتشار البطالة والفقر. وشكل ارتفاع الأسعار مشكلة كبيرة خصوصاً للمواد الغذائية اليومية الأساسية من ربطة الخبز الى أسعار الفاكهة والخضار واللحوم. مع بداية السنة وانطلاق العملية الروسية في أوكرانيا تأثر لبنان بصورة مباشرة لناحية استيراد القمح كبقية الدول.

وصدرت تقارير دولية مؤخراً أبرزها عن “الاسكوا” حول خطورة الوضع في لبنان، وأنه قد يتعذّر على نصف سكان لبنان الوصول إلى احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وذلك يعود الى اعتماده على استيراد المواد الغذائية لتأمين احتياجاته، الى جانب الاقفال العام بسبب كورونا وانهيار الليرة ثم انفجار ٤ آب.

وفي السياق، تشير مصادر في وزارة الزراعة الى أن “الأمن الغذائي يعتبر العنوان الأبرز في المرحلة الراهنة، مما أدى الى اعلان الحكومة اللبنانية تأليف لجنة خاصة بالأمن الغذائي، وتعتبر وزارة الزراعة جزءاً أساسياً من عمل هذه اللجنة. لذلك أصدر معالي وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن تعاميم الى جميع المراكز الحدودية بضرورة الالتزام بجميع معايير الجودة العالمية وعدم التساهل في تطبيقها على المنتجات الزراعية المستوردة والمصدرة حفاظاً على الأمن الغذائي للمواطن اللبناني، وحفاظاً على صورة لبنان أمام الدول التي ترتبط معها بروزنامة زراعية”.

العالم العربي

يتأثر العالم العربي بصورة طبيعية، بمختلف الأزمات التي تحصل حول العالم على مختلف الأصعدة، واليوم الى جانب تداعيات كورونا من تباطؤ اقتصادي وتضخم، ثم الحرب الروسية – الأوكرانية وكون العالم العربي من مستوردي القمح من هاتين الدولتين، ويعتمد أساساً على استيراد المواد الغذائية لتلبية احتياجاته، وتأثر الدول العربية بذلك، لم يكن ذلك محصوراً بالدول الفقيرة أو التي تعاني من مشكلات وأزمات وحسب، بل دول ذات دخل مرتفع تأثرت من خلال ارتفاع الأسعار وسلاسل الإمداد. وتجدر الإشارة الى أن هذه المخاطر تأزمت منذ أكثر من عشر سنوات وتفاقمت عندما عصفت بالمنطقة العربية الثورات في العام ٢٠١١.

تحديات كثيرة تواجهها دول العالم وخصوصاً العربية منها، في النزاعات الدائمة وتأثيرها على مختلف الجوانب الأساسية وأهمها الأمن الغذائي، وكان التأثير واضحاً في لبنان والعراق واليمن كون هذه الدول تعاني الكثير من الاضطرابات.

وأصدرت مؤخراً منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تقريراً حذرت فيه من أن انعدام الأمن الغذائي الحاد يهدد أكثر من 58 مليون شخص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منهم 29.5 مليون طفل في لبنان والسودان وسوريا واليمن، وذلك يعود الى الصراعات المستمرة. وللحفاظ على الأمن الغذائي يجب تواجد عوامل عدة أساسها توافر الغذاء، والقدرة على شرائه وإمداده والاستقرار المالي والسياسي.

شارك المقال