التحول الرقمي… يخفّف من الرشاوى وازدياد الفساد؟

جنى غلاييني

لبنان يلحق بركب الدول المتحضّرة، فيدخل عالم التحوّل الرقمي عبر استراتيجية جديدة ولكنها ليست الأولى، اذ أنّ أول خطة للتحوّل الرقمي وضعتها في العام 2008 وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية تحت اسم “استراتيجية الحكومة الالكترونية”، ولاحقاً طوّرتها هذه الوزارة في عهد الوزيرة السابقة عناية عز الدين في العام 2018 ليصبح اسمها “استراتيجية التحول الرقمي للحكومة”، لكنّها أيضاً لم تلقَ أي تنفيذ. واليوم وعلى يد وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الأعمال نجلا رياشي تطلق “إستراتيجية التحول الرقمي في لبنان 2020 – 2030” في السراي الحكومي، فما أهمية التحول الرقمي في لبنان اليوم، وتحديداً في ظل الانهيار الكامل للبلد على الأصعدة كافة؟

هناك العديد من الانعكاسات الايجابية للتحوّل الرقمي، وأوّل ما قد يوفّره هو اتاحة إنجاز معاملات المواطن الكترونياً من المنزل، ما يوفّر عليه الكثير، ويصبح بإمكانه تقديم المعاملة والدفع الكترونياً.

استراتيجية تحاكي الواقع اللبناني

وللمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع، يوضح الخبير في التحول الرقمي عامر صياغة لـ”لبنان الكبير” أن “هذه الاستراتيجية الحالية نتيجة جهود متراكمة سابقة حول هذا الموضوع، ولكن حصل بعض التعديلات الأساسية على الاستراتيجية لكي تحاكي الواقع اللبناني، وتتعلّق بموضوع الحوكمة بصورة أساسية”.

التحول الرقمي مهمّ جّداً اليوم، إذ لم يعد من الكماليات بل أصبح ضرورة أساسية اعتمدتها جميع الحكومات العصرية، ولبنان يسير على هذا الطريق، بحسب صياغة، الذي يؤكد أن “إقرار خطة التحول الرقمي في جلسة مجلس النواب تشكّل الحجر الأساس للانطلاق بمسيرة التحوّل الرقمي في لبنان والتي ستنعكس ايجاباً بالتأكيد وتحديداً في القطاع العام وعلاقته مع القطاع الخاص في ما يتعلّق بتقديم الخدمات الالكترونيّة للمواطنين”.

تحول رقمي بلا كهرباء وانترنت؟

إنّ وضع خطة تحوّل رقمي لبلد يفتقر الى أساسيات البنى التحتية ليس بالأمر السهل، فكيف ستطبّق هذه الخطة في ظل غياب الكهرباء والانترنت؟ يشرح صياغة أن البنى التحتية أمر أساس يجب أن يتزامن مع خطة التحول الرقمي، واليوم سيتم الاعلان عن الموافقة على هذه الخطة وإطلاق الاستراتيجية بصيغتها النهائية، لننطلق من بعدها الى ورشة مع الجهات الحكومية والجهات المانحة لتأمين المستلزمات التي تساهم في تنفيذ هذه الاستراتيجية، أي أنّ هناك حاجة الى التعاون الداخلي مع القطاع العام والخاص والأكاديمي والجهات المانحة.

الخطة تزيد فرص العمل

ويلفت صياغة الى أن “هذه الخطة كفيلة بخلق فرص عمل جديدة بعكس ما هو سائد أو ما يُؤخذ فكرة عنه، فهو يريد موارد بشرية تستطيع العمل خلف شاشات الحواسب لإنجاز الخدمات التي تقدّم الى المواطنين”، مشيراً الى أن “أهمية التحول الرقمي تكمن أيضاً في عدم احتكاك المواطن مع الموظف، إضافة الى التخفيف من عملية التنقّل من المنزل الى الادارة المعنية وبالتالي تخفّف من إمكان الرشاوى وازدياد الفساد”.

ولكن هل استراتيجية التحول الرقمي قابلة للتطبيق في لبنان؟

الخبير والباحث في الحوكمة ومكافحة الفساد سعيد عيسى، يجيب عن هذا السؤال بالقول: “لا أعتقد أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تطبق بصورة فعلية في لبنان، لما يستلزمه ذلك من إمكانات ضخمة جداً، إلّا إذا كان هناك تمويل خارجي لهذه الخطة، وهذا الأمر حتى الآن مجرد كلام للاستهلاك أكثر من كونه فعلياً”.

وعما اذا كانت خطة التحول الرقمي تقضي على الفساد في لبنان؟، يؤكّد عيسى أن “التحوّل الرقمي منطقياً يساهم في القضاء على الفساد، أمّا عملياً فهناك الكثير من اللف والدوران حول هذا الموضوع، ففي حال أرسل شخص معاملاته الى الادارة المعنية الكترونياً ولم يتم تخليصها بأسرع وقت ممكن فبالتأكيد سيتّصل بالموظف الذي سيؤمّن له تسريع تخليصها، لذا أرى أنّ هذا الأمر في لبنان يفتح باباً جديداً من الرشاوى والوساطة، لذا قبل أن تطبيق هذه الخطة في الادارات العامّة يجب تغيير الذهنية والنظام المتّبع، وأن تكون هناك رقابة مشدّدة على الموظفين في عملية تخليص المعاملات في وقتها المحدد”.

ويشدد عيسى على أن “التحوّل الرقمي في لبنان شيء لا بد منه، الأمر الذي سيخفّف عن المواطنين الكثير من الجهد في محاولة للانتقال بين الادارات العامة ممّا سيوفّر عليه مصاريف أيضاً، ولكن هناك الكثير من القضايا والمواضيع الأهم والتي يجب معالجتها بصورة فورية”.

شارك المقال