نوادي اللياقة البدنية… “أثقال” على جيوب اللبنانيين

جنى غلاييني

في لبنان يسعى معظم شبابه وشاباته الى “الكمال” في كل شيء، ولاسيما في الشكل الخارجي، فنراهم وبصورة غير عادية يقبلون على ارتياد مراكز اللياقة البدنية التي باتت تحدد معيار الجمال، ومنهم من اتخذ من المواظبة عليها نظاماً رياضياً صحياً لتخفيف الوزن سعياً الى الرشاقة. ولكن مع الانهيار المستمر لليرة اللبنانية، أصبح الكثير من النوادي الرياضية لا يقبل بالقليل وكغيره من المحال والمؤسسات يُسعّر الإشتراكات لرواده بـ “الفريش دولار”، فيما هناك من لا يزال يسعّر بالليرة اللبنانية ولكن بأرقامٍ مخيفة، ما أدّى بصورة ملحوظة الى تراجع أعداد المشتركين في هذه النوادي.

عبير سلامة، شابة في الـ33 من عمرها، كانت ترتاد النادي الرياضي 5 أيام في الأسبوع طوال فصل الصيف، وكانت تدفع اشتراكاً قدره 30 دولاراً، ولكن مع الارتفاع المستمر للدولار تقول عبير “أصبح اشتراك النادي 50 دولاراً، ويتضمّن حضور صفوف تمرينية وممارسة الرياضة على الآلات، ولكن لا يمكنني تحمل هذا المبلغ كل شهر فأصبحت أرتاد النادي بصورة متقطعة، أي شهر أشترك والشهر التالي لا أشترك وفيه أمارس رياضة المشي على المنارة وأضيف بعض الحركات السويدية المفيدة”.

حال عبير كحال مئات الشباب والشابات المدمنين نوعاً ما على ممارسة الرياضة البدنية والحفاظ على تناسق أجسامهم، فينتظر ماهر عسفان، شاب في الـ28 من عمره، انتهاء دوام عمله بفارغ الصبر ليركض مسرعاً الى النادي الرياضي، المكان الذي يشعره بالسعادة والراحة، كما يقول، “أعتبر النادي بيتي الثاني، إذ أقضي فيه أكثر من 3 ساعات أمارس فيها الرياضة بصورة متواصلة سعياً الى الحصول على جسم مثالي منتفخ العضلات”. ويتمنى “ألا يزيدوا تسعيرة دخول النادي الشهرية إذ وصلت الى 70 دولاراً أي حوالي مليونين و800 ألف ليرة، وذلك يعتبر جزءاً لا بأس به يُسحب من راتبي شهرياً”، مؤكداً أنه “في حال زادت تعرفة التسجيل الى ما فوق الـ70 دولاراً فلن أكون قادراً على معاودة التسجيل فيه، وأنا حالياً أبحث عن نوادٍ ذات تعرفة معقولة نسبياً لكي أتمكّن من الاستمرار في ممارسة رياضتي بصورة متواصلة من دون انقطاع أو إهمال”.

الانهيار يسلب من اللبنانيين ما يحبون، فمع كل انهيار لليرة اللبنانية ترتفع أسعار كل شيء، لذا لا يمكن لوم النوادي الرياضية على أسعار التسجيل التي تعتمدها، ففي كل من منطقتي الحمراء وفردان لا يمكن أن نجد نادياً تقل تسعيرة التسجيل فيه عن 85 دولاراً أي ما يساوي ثلاثة ملايين و400 ألف ليرة! أما إذا اتجهنا الى المناطق الأكثر شعبية وكثافة سكانية كعائشة بكار والمصيطبة والنويري فنجد تسعيرة النوادي فيها لا تتخطّى الـ30 دولاراً أي مليون و200 ألف ليرة.

وفي حديث لـ “لبنان الكبير” مع أحد أصحاب هذه النوادي، يصف الاقبال على ناديه بـ”شبه المقبول”، موضحاً أن “النادي يعتبر متنفساً لبعض اللبنانيين في ظل الأوضاع الصعبة التي نمر بها، وأنا كصاحب ناد رياضي أحاول قدر المستطاع الحفاظ على تسعيرة التسجيل وعلى زبائني، لأن هناك الكثير من التكاليف الشهرية التي تقع على عاتقي من كهرباء وماء وصيانة للآلات التي من المحتمل أن تخرب، ولكن على الرغم من هذا كله لا أعتقد أنني سأصل الى يوم أقفل فيه النادي”. ويلفت الى أنه “لم يعد هناك الكثير من المدربين الخاصين في النادي لعدم وجود طلب على التمارين الخاصة، وأصبحت أجرة المدرب الخاص تصل الى 30 دولاراً يومياً وما فوق”.

حتى المدرب الخاص الذي يمتلك شهادة لياقة بدنية ويعتبرها مهنة أساسية له ينتظر ضربات الحظ، ويؤكد ربيع، وهو مدرب خاص في أحد النوادي الرياضية في بيروت، أن “عملي متوقّف على زبون مقرش يدخل الى النادي من دون أن يعرف كيفية ممارسة الرياضة على الآلات، لكن كل من يأتي الى النادي وبمجرد معرفته أنني مدرّب يبدأ بطرح الأسئلة عن طريقة استخدام الآلات بالطريقة المناسبة، وكأنّني أعمل في جمعية خيرية. وعلى الرغم من ذلك أتلقى اتصالات عديدة من زبائن يريدونني أن أكون مدربهم الخاص ولكن بالسعر الذي يحددونه، وهذا أمر شبه مستحيل، ففي الأوضاع الراهنة أصبح من الصعب أن أفاوض أحداً على السعر وكأنّني أبيع سلعة”.

شارك المقال