طرابلس: شائعات وتعدّيات تُعيد أجواء الفتنة

إسراء ديب
إسراء ديب

يبدو أنّ قلق الطرابلسيين من تدهور الوضع الأمني في مدينتهم وتحديدًا بين جبل محسن وباب التبانة لم ينتهِ حتّى بعد سنوات من تنفيذ الخطة الأمنية، ومع إعلان فوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية السورية والاحتفالات المرافقة لهذا الفوز، وُضعت المدينة مباشرة على كف عفريت حتّى قبل إعلان النتيجة بأيّام.

بين جبل محسن المناصر للرئيس السوري ونهجه السياسي، وبين باب التبانة التي تُعارضه بشدّة، يعيش الطرابلسيون على أعصابهم، بسبب شائعات مختلفة أطلقت بين الجهتين اللتين شهدتا جولات قتال عنيفة في سنوات سابقة لم ينسها أهالي المدينة حتى الآن، فضلًا عن ذلك تنتشر التعدّيات وتحصل انتهاكات تظهر بالملموس أنّ الوضع الأمني يتأرجح في الظروف الحساسة، كالانتخابات السورية وانعكاسها على المدينة وأهلها.

تعدّيات وشائعات

ليس مستغرباً أن يقوم البعض باستغلال حساسية الأوضاع للقيام بتعدّيات، إذ من الواضح أن لدى البعض نية لإشعال فتيل الفتنة بين المنطقتين. وليس إلقاء القنابل و”الإينرغا”، كما إطلاق الرصاص دليل على هذه الرغبة التي إن اشتعلت لن يكون من السهل على المدينة تخطيها، إذ لم يعد أهالي المدينة قادرين على تحمّل المزيد، فهم بالكاد يُحاولون التأقلم مع الأزمات المختلفة التي تُواجهها البلاد.

وقد أضافت الشائعات المختلفة التي أطلقت المزيد من الرعب على الأجواء، ومنها أنّ بعض عائلات جبل محسن بدأوا ينتقلون من منازلهم ليهربوا إلى أخرى بسبب التأكد من حصول اشتباكات بين الجبهتين. ويُشير ناشط إعلامي من هذه المنطقة لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ “كلّ ما يُقال عن الجبل مؤخرًا هو مجرّد شائعات ليعيش الطرابلسيون في قلق دائم مع الانتخابات السورية، فلم ينتقل أحد من بيته لهذا السبب، وإذا انتقلت عائلتان مثلًا، فلا تُشكّل أزمة أو حالة تُطبّق على أهالي جبل محسن كلّهم، فقد يكون سبب الانتقال يكمن في كونها عائلة تسكن مقابل شارع سوريا مثلًا وتخشى من الضربات فحسب، فتنتفل تحسبًا لأيّ استهداف، ولكن عائلة واحدة أو اثنتين ليستا بالأمر الكبير أو المستغرب”.

ويقول: “هناك شائعة أخرى أيضًا وهي قيام الجبل بوضع شوادر بينه وبين التبانة وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق”.

كما انتشرت شائعات تُشير إلى هروب بعض عائلات البقار- القبة خوفًا من القنابل الملقاة على منطقتهم، فيما ينفي بعض المتابعين هذه الشائعة أيضًا.

في غضون ذلك، نفذ الجيش اللبناني كما القوى الأمنية انتشارًا كبيرًا في مناطق المدينة، لا سيما بين منطقتيّ جبل محسن وباب التبانة، كما منع الجيش ليلًا سيارة كانت تضع صورًا للأسد وأغاني وشعارات مناصرة له الخروج من نطاق جبل محسن، فضلًا عن تنفيذه سلسلة مداهمات في شارع ستاركو والأهرام ومحيط طلعة العمري على خلفية إلقاء قنابل في المنطقة.

ويُؤكّد متابع من الجبل أنّ “الجيش اللبناني يزيد من جهوزيته وعديده ليلًا وذلك للحفاظ على الوضع الأمنيّ والحدّ من أيّ تعدّيات قد تحدث، بخاصّة وأنّ الجبل يُحضّر لاحتفال فني بمناسبة فوز الأسد”.

ويقول: “هناك قرار مشترك في الجبل يكمن في منع أيّ شخص منا على إطلاق الرصاص وإن حصل ذلك سنسلمه إلى الجيش بأنفسنا”.

من جهته، ينفي مختار باب التبانة محمود جندل الزعبي كلّ الشائعات التي تشير إلى إمكانية تجدّد الاشتباكات في المدينة، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “لقد سمعنا الكثير من الشائعات ولكن لا صحة لأيّ منها، ولا توجد حاليًا أيّ فتنة بين المنطقتين لا سيما بعد تنفيذ الخطة الأمنية، ولكن المشكلة تكمن في وجود أناس بين الجبل والتبانة يستفيدون من هذه الشائعات والتصرفات التي وكّلوا بالقيام بها، ولكنّها لن تُؤدّي إلى حصول اشتباكات على المدى القريب”.

هل تشتعل الاشتباكات من جديد؟

لا يتوقّع متابع سياسي للأوضاع في المدينة اندلاع الاشتباكات في طرابلس حاليًا، فعلى الرّغم من توتر الأوضاع مؤخرًا إلا أنّ “اندلاع الاشتباكات في طرابلس رهن بتطوّر حال الدول الإقليمية، لا سيما سوريا التي قد تعود إلى مقعدها في جامعة الدول العربية وقد تتطوّر علاقاتها مع دول الخليج لا سيما المملكة العربية السعودية”، مشيرًا إلى “وجود رغبة في الحدّ من الحرب السورية وتداعياتها للوصول إلى تسوية سياسية وحل يُنهي المأساة التي تعيشها سوريا منذ عام 2011 حتّى يومنا هذا”.

ويقول لـ “لبنان الكبير”: “ليست خافية قدرة الدول الخارجية كالعادة على إشعال الفتنة في المدينة، وهذا ما كانت تفعله سوريا منذ سنوات وهي قادرة على ذلك ولكن الدول الخارجية حاليًا منشغلة بأزماتها ولا تحتاج إلى إشعال هذا الفتيل الآن، وهو فتيل يحتاج إلى أسلحة وذخائر وغيرها، أيّ إلى تمويل خارجي لأنّ الأطراف الداخلية المتعاونة معها لن تكون كفيلة وحدها بإشعال هذا الفتيل حاليًا”.

 

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً