الكهرباء غائبة في صيدا… ومعمل النفايات “المستنزف” يتحمل الأعباء

تالا الحريري

صيدا واحدة من أكثر المدن التي تعاني المشكلات على مختلف الأصعدة بسبب التهميش الذي تتعرض له على الرغم من وجود بعض النواب والقوى السياسية الذين يعملون دائماً على محاولة إيجاد الحلول ومساعدة المواطن الصيداوي. وتتصدر الواجهة هذه الفترة مشكلة الغياب الكلّي للتيار الكهربائي عن مناطق صيدا مترافقة مع توقف محطات ضخ المياه، وهذا ما يثير القلق وسط إنتشار متصاعد للكوليرا الذي يعود سببه الأول إلى تلوث المياه. وماذا عن مطمر صيدا؟

إندلاع الحريق في أكوام النفايات والعوادم في البؤرة المحاذية لمعمل معالجة النفايات الصلبة في جنوب صيدا منذ حوالي 10 أيام أثار ضجة كبيرة، فيما أوضح رئيس بلدية صيدا محمد السعودي أن “سبب عدم القدرة على السيطرة على الحريق الذي اندلع هو أنه يحتاج الى كميات كبيرة من الأتربة وإلى معدّات وكلفة وهذا غير متوافر حالياً لدى البلدية لأنّ قانون الشراء العام يقيّد عملها”.

قابل ذلك انتقاد أمانة سر “صيدا تواجه” وزارة الطاقة ومؤسسة “كهرباء لبنان” بسبب حرمان المدينة وجوارها من التغذية بالكهرباء منذ شهور مضت، وتعمد قطع خط الخدمات التي كان يغذي مضخات المياه والمرافق العامة.

البزري: مناطق كثيرة في صيدا تعاني

وفي السياق، أشار نائب صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري لـ”لبنان الكبير” الى أنّ “(صيدا تواجه) مبادرة تبناها نواب المدينة مع البلدية إلى جانب القوى السياسية الأخرى النائب السابق بهية الحريري والجماعة الاسلامية، تهدف إلى محاولة حل المشكلات التي تواجه صيدا بسبب غياب الحكومة وعدم قدرتها على القيام بواجباتها وتخفيف معاناة المواطنين بالحد الممكن والمساهمة في توحيد الجهود لاطلاق مبادرات تدعم واقع المواطن المعيشي”.

أضاف: “طلب رؤساء اللجان الجلوس معنا حتى يضعونا في جو لقاءاتهم وتصوراتهم والمشاريع التي يتم التخطيط لها، لكن هناك بعض المشكلات المهنية التي تحتاج إلى معالجة فورية كمشكلة الكهرباء والمياه والصرف الصحي والنفايات وجمعها، الضاغطة أكثر من غيرها والتي تؤثر بصورة مستمرة على واقع المواطن المعيشي اليومي”.

وعن أبرز المشكلات الحالية، أوضح البزري أن “هناك اليوم مشكلة الكهرباء في لبنان عموماً وفي صيدا تحديداً، لأنها من المدن التي تعاني غياب الكهرباء منذ أشهر عدّة والأسباب دائماً تكون أنّ كلاً من معمل الذوق والزهراني والرميلة لا تعمل. وبالنسبة الى المعمل الكهرومائي (Hydroelectric) فطاقته صغيرة ومتجهة إلى مؤسسات الدولة فقط. قلنا لهم أعطونا أقلّه طاقة مائية لمحطات الضخ حتى لا نقع في كارثة نتيجة الكوليرا، وعدونا خيراً لكن هذا الوعد لم ينفذ بسبب اضطرارهم الى تحويل الطاقة كلها الى معمل الذوق حتى يعمل. وبالتالي هناك الكثير من المناطق في صيدا تعاني من غياب المياه والكهرباء وعدم صلاحية الصرف الصحي”.

وعن تعرض أبناء صيدا للخطر بسبب غياب محطات الضخ في ظل إنتشار الكوليرا، أكد البزري أنّ “الخطر على المواطنين في كل لبنان، فمثلاً عندما أمطرت شهدنا طوفان الشوارع وإنقطاعها ومعظمه بسبب انسداد المجارير أو طوفان مياه الصرف الصحي واختلاط مياه الشتاء بالمياه المبتذلة ودخولها إلى منازل أو مكاتب وغيرها، وهذا كلّه لأن أحداً لم يكلّف خاطره لصيانة البنى التحتية قبل موسم الشتاء والآن يتحججون ببعض القوانين الادارية التي تمنعهم من صرف الأموال. لذلك المشكلة هي الخطر الجدّي على كل لبنان بسبب غياب الرؤية من أجل صيانة البنى التحتية خصوصاً المياه المبتذلة وإعطاء أولوية لمحطات تحويل المياه حتى تصل المياه الى البيوت”.

ولفت إلى أنّ “حلول مدينة صيدا، جزء منها مرتبط بالحل الوطني أي إيجاد حل للمشكلة الوطنية، وجزء متعلق بصيدا أي على المستوى المحلي والواقع الصيداوي. يجب أن نجد سبلاً تمكننا من إعادة تشغيل المياه وإعادة وصل معظم النقاط الحساسة في المدينة بخط الخدمات وتشغيله، وهذا مرتبط بأمور خارج نطاق صيدا لكن نعد بأننا سنبقى نتابع مشكلات المواطنين على أمل أن نخفف معاناتهم والخطر عليهم”.

أمين الحريري: معمل النفايات يعمل بنسبة 15%

اما أمين سر “صيدا تواجه” ومقرر لجنة تنظيم المدينة أمين الحريري فأوضح لـ”لبنان الكبير” أنّ “حريق النفايات جاء في ظل إضراب عمال المعمل وعمال شركة جمع النفايات نتيجة رواتبهم المحتسبة على الـ1500 ليرة فيما الدولار يرتفع. إضافةً إلى المشكلات التي يعاني منها المعمل لناحية الصيانة وكلفتها بالدولار كما أنّ أمواله لا تزال لدى الدولة، وبالتالي المعمل غير قادر على الصيانة حتى يقوم بطاقته الفعلية. فحسب قولهم الطاقة التي يعمل بها حالياً هي 15% يعني النفايات التي يجمعونها من صيدا والمحيط لا يستطيعون معالجتها بنسبة كهذه. لذلك المعمل بحاجة إلى سيولة حتى يحدث معداته ويعمل بقدرة عالية. في هذه الفترة كانت النفايات تتراكم في الشوارع وأمام البيوت، حينها أخذ رئيس البلدية على عاتقه وتواصل مع المرجعيات علّ النفايات تجمع بأي طريقة من الطرق ووضعها في مكان خلف المعمل لأن المعمل مقفل”.

أضاف: “مع الوقت اشتعلت هذه النفايات المتراكمة نتيجة ظروف طبيعية، فنحن لدينا تجارب سابقة مع جبل النفايات القديم في صيدا الذي كان يشتعل من وقت الى آخر. كانوا دائماً يضعون أتربة ناشفة فوق النفايات ومع ذلك كانت تشتعل، ففي باطنها تقوم بغازات إلى جانب عوامل طبيعية مساعدة. البعض في المدينة يقولون إنّ هذا الحريق مفتعل لكن ماذا يمكن أن يكون الهدف من إشعاله؟”.

وأشار إلى أنّ “البلدية تعاني، أموالها لا تزال على اللبناني، وقانون الشراء العام لا يسمح لها القيام بالمصارفات أو تغطية أي شيء بل يجب أن ترسل طلباً وتنتظر الموافقة. كل المتعهدين معنيون بهذه المسائل لكن عقودهم على دولار 1500 وبالتالي حتى البلدية لا يمكن أن تلزمهم بجمع النفايات أو إحضار الأتربة. صار في (مونة) عليهم حتى وضعت الأتربة وعولج الموضوع ولم يعد هناك أي أثر للحريق. في البداية سارعت الاطفائية الى إخماده، لكن في الحقيقة لا يمكن للمياه أن تطفئ إشتعالاً كهذا، فعلاجه بالأتربة”.

وعن إمكان توليد المعمل للطاقة الكهربائية، قال الحريري: “يمكن أن ينتج المعمل أسمدة وغازاً ولذلك تقنيات. لا شك في أنّ المعمل يولد الكهرباء لكنه يعاني من مشكلات عديدة حالياً منها التي ذُكرت سابقاً، كما أنّه حسب العقد من المفترض أن يتوافر مطمر صحي للعوادم أي بعد معالجة النفايات يبقى ما يسمى العوادم التي تحتاج إلى مطمر. لكن لم يكن هناك تجاوب من أي بلدية من بلديات المنطقة الموجودة ضمن الاتحاد في العقد التي ترسل نفاياتها إلى صيدا لكنها لا ترضى بوجود مطمر صحي لديها، لذلك يقوم المعمل بتجميعها وباتت أشبه بجبل”.

ولفت الى أنّ “لجنة البيئة في (صيدا تواجه) تطرح مفهوم الفرز كما أنّ مؤسسة الحريري تعيد إحياء برنامجها المتعلق بالفرز من ناحية المدارس والمؤسسات لكن ذلك يحتاج إلى تمويل لجهة تأمين مستوعبات لكل صنف. وإدارة المعمل الحالي مهتمة بتشكيل فريق للفرز قبل وصول النفايات لديها. وخلال شهر ستعقد مؤسسة الحريري مؤتمراً بيئياً ستكون لجنة البيئة في (صيدا تواجه) مشتركاً أساسياً فيه ويمكن أن يكون جزءاً من الحل. فهدف (صيدا تواجه) الضغط على الجهات لإيجاد الحلول وليس أن تحل مكان الدولة”.

شارك المقال