اهمال وتعنيف في حضانة… هل بات الأطفال في خطر؟

تالا الحريري

هزت مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار أول من أمس حادثة الطفل محي الدين الدايخ الذي يبلغ من العمر ١١ شهراً وقد تعرض لضرب مبرح في حضانة الأطفال. والدته غيدا الدايخ نشرت على حسابها الخاص على “فيسبوك” صورتين وثقت فيهما حالة طفلها والكدمات على وجهه، شارحةً ما حصل: “لح خبركن قصتي… قصة أم قررت تشتغل لتفتش عمستقبل ابنها، قصة أم أمنت ابنها وروحها وعمرها بالحضانة ليكونوا بيتو التاني. بس اللي صار انه ابني كان ضحية مستضعفة للاهمال وقلة الانتباه. ابني اتعرض للضرب المبرح والقاسي جداً جداً على يد أحد الأطفال معه بالصف اللي استفرد فيه. وحسب تقرير المستشفى ابني اتعرض للضرب لما لا يقل عن ٢٠ دقيقة والمعلمات والمسؤولين تاركينه عم يبكي ويتوجع كل هالوقت والمبررات ولا أسخف ولا أقبح. وين الاهتمام، وين الانتباه، وين الكاميرات وين وين وين؟ منضل نسأل وكله بطل يفيد. أنا كيف بدي شيل هالذكرى البشعة من راسي وراس ابني وبيو؟ السؤال كيف بدي كفي حياتي المهنية وأمن ابني ويكون بالي مرتاح؟ ما بعرف شي… الله يحميلي ياك يا عمري ولا يسامح كل حدن خلاك تعيش هالوجع وهالذكرى البشعة… الله لطف”. وفتحت محضراً ضد هذه الحضانة وناشدت المعنيين التحرك بسرعة واتخاذ الاجراءات اللازمة بحقها.

على أثر هذه الكلمات ضج الرأي العام بهذه الحادثة وانهالت تعليقات الناس، مطالبين بعدم السكوت عنها. وساعدوا في نشر إسم الحضانة لفضح إهمالها وهي حضانة Balloons nursery في منطقة بشامون المدارس، التي كانت أعلنت في منشور سابق قبل إقفال حسابها أنّها تستقبل الأطفال من عمر 40 يوماً إلى 5 سنوات بوجود موظفين مؤهلين وبأسعار معقولة مع نشاطات متنوعة.

وتابعت رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائب عناية عز الدين هذه الحادثة مع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض وتباحثت معه في مخاطرها، وتم التوافق على “ضرورة اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لتأمين بيئة صحية وسليمة للأطفال في الحضانات اللبنانية”.

وفي وقت لاحق، أقفلت وزارة الصحة دار الحضانة في بشامون بعد التحقيق في الحادثة.

وعن التأثير النفسي لما حصل على الطفل، أوضحت الناشطة في حقوق الانسان والمعالجة النفسية هانيا كنيعو لـ “لبنان الكبير” أنّ “العلاج النفسي للطفل يبدأ من عمر ثلاث سنوات وصعوداً، حتى أنّ سن الثلاث سنوات يعتبر مبكراً ولكن في هذا العمر يتبين إن كانت لديه مشكلات. في عمر هذا الطفل، من المبكر جداً أن يتابع نفسياً لكن هنا يبرز دور العائلة في تأمين مكان آمن له ليتأقلم مجدداً مع محيطه”.

وأشارت الى أن “هذا الطفل تعرض للضرب لمدة طويلة ولم ينقذه أحد وما ظهر على وجهه يثبت أنّها لم تكن ضربة عادية. ولكن لا يمكننا أن نعرف اذا كان هذا سيؤثر عليه أم لا، العمل المبذول سيكون من خلال عائلته ومن الممكن أن يكون رد فعله بتخطٍ سريع للحادثة”.

وشددت كنيعو على أنّ من المفروض “أن يكون هناك نظام حماية للأطفال في كل مؤسسة تعنى بهم إلى جانب الوزارة التي يبرز دورها الأساس في تفقد كل الأمور المعنية بكيفية التعامل السليم مع الطفل والنظافة وغيرها. لكن في الواقع هناك غياب مراقبة الدولة في هذه المؤسسات سواء للأطفال أو العجزة حيث يوجد أشخاص بلا رحمة. لذلك، فإنّ ادارة المؤسسة أولى المعنيين ومن ثم الوزارة”، مشيرةً إلى أنّ “التوعية يجب أن تتم للأولاد والمعلمات والأهل وكل الاشخاص. الطفل في عمر صغير لا يستطيع حماية نفسه أو التعبير، لكن عند وصوله الى عمر معين يجب أن تتم توعيته على كيفية التصرف في حال تعرضه لحادثة ما وأن يخبر شخصاً يثق به. كما أنّ ما قامت به أم محي الدين حين تكلمت عما حصل مع ابنها كان مهماً جداً”.

تعريف الحضانة

عرّفت المادة الأولى من المرسوم 12286/2004 دور الحضانة بأنها مؤسسات للرعاية المتكاملة، تستقبل الأطفال من عمر 40 يوماً ولغاية 3 سنوات، وتعمل على تلبية حاجاتهم ومتطلباتهم من خلال رعايتهم والاهتمام بهم وتنمية شخصيتهم جسدياً ونفسياً واجتماعياً، موفرة لهم البيئة الصحية السليمة والتنشئة التربوية اللازمة، ضمن ساعات محددة من النهار تحدد بقرار إنشاء الدار.

الترخيص حسب القانون

ووفقاً للقانون اللبناني، فإنّ الجهة المسؤولة عن الترخيص هي وزارة الصحة دائرة صحة الأم والولد والمدارس، وشروط إعطاء الترخيص والحفاظ على السلامة تتضمن قراءة المرسوم 4876 (تاريخ 23 آب 2010) الذي يتضمَن الشروط التي تختص بالبناء، شروط القبول والمراقبة، المستخدمون والاجراءات الإدارية. ثانياً الحصول على موافقة مبدئية من دائرة صحة الأم والولد والمدارس بشأن خريطة البناء قبل التنفيذ أو الايجار، ويجب أن تكون الخريطة مرسومة بالـ Autocad أي تحتوي على صف للأطفال ما دون السنة ونصف السنة، صف للأطفال بين السنة ونصف السنة والسنتين ونصف السنة، صف للأطفال بين السنتين ونصف السنة والثلاث سنوات ونصف السنة، ملعب، غرفة طعام، غرفة إدارة، غرفة عزل، حمام للأطفال مزود بكراسٍ صغيرة تتناسب مع أعمارهم. وعلى دار الحضانة أن تكون في الطابق الأرضي أو الأول وأن لا تقل مساحتها عن 200 متر. بعد تجهيز الحضانة تكشف عليها دائرة صحة الأم والولد والمدارس للتأكد من توافر جميع الشروط الصحية، الادارية وجميع قواعد الأمانة والسلام فيها. وعلى صاحب دار الحضانة التعهد بضمان سلامة الأطفال ضد الحوادث والأخطار أثناء الدوام، وكذلك الأمر بالنسبة الى وسائل النقل التابعة لها.

العقوبات والمخالفات

ونصت المادة 19 من المرسوم رقم 12286/2004 على أنه يتم إلغاء الترخيص أو تعليقه بفتح دار الحضانة واستثمارها في حال مخالفة أحكام مرسوم تحديد شروط الترخيص، لكن لا يتطرق الى الأحكام القانونية التي تطبق على المخالفات والجرائم التي قد تنجم عن الأعمال الجرمية، القصدية وغير القصدية، المتعلقة بممارسة النشاطات المرتبطة بدور حضانة الأطفال.

في حال التقصير أو الاهمال أو عدم مراعاة القوانين، تطبق الأحكام القانونية المنصوص عليها في قانون العقوبات، منها المادة 564 من قانون العقوبات التي نصت على أن “من تسبب بموت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة عوقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات”. أما إذا لم ينجم عن خطأ المجرم إلا إيذاء، فيكون العقاب الحبس من شهرين الى سنة، وكل إيذاء آخر غير مقصود يعاقب بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بغرامة لا تتجاوز 200 ألف ليرة.

كلمات البحث
شارك المقال