بين قطر ولبنان… إرث رياضي ضائع

حسين زياد منصور

لا عجب في أن الحلم القطري تحقق، فهذا الانجاز جاء نتيجة خطة وقيادة حكيمة كان هدفها الوصول الى ما تطمح اليه، فمن العدم وعلى مدار ما يقارب 12 عاماً تمكنت قطر من انشاء ملاعب ومنشآت رياضية وتطوير البنى التحتية بصورة تتناسب مع التطور التكنولوجي والبيئي، حتى تمكنت من تحقيق الهدف واستضافة المونديال لأول مرة في دولة عربية وإسلامية ضمن تجهيزات فاقت كل التوقعات. لقد كان التحدي أن تقدم قطر استادات مونديالية تقام عليها مباريات البطولة الأهم في عالم كرة القدم، ونجحت في التحدي وقدمت 8 ملاعب مبهرة بتكنولوجيا حديثة وصديقة للبيئة وإرث مُستدام.

اما في لبنان، فالملاعب والمنشآت الرياضية التي تتمتع بجودة عالية منذ عشرات السنين، كان لها أثر في ذاكرة اللبنانيين بفضل المباريات التي جرت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي بين فريقي “النجمة” و”الانصار” على ملعب بيروت البلدي الذي كان مقراً للمنتخب اللبناني في فترة التسعينيات، الى جانب ملعب بلدية برج حمود الذي كان من أبرز الملاعب في لبنان لسنوات عدة حتى إبان الحرب الأهلية، اضافة الى ملعبي نادي الصفاء في وطى المصيطبة وملعب صيدا البلدي، هذه الملاعب جميعها كان لها دور بارز في كرة القدم اللبنانية.

اما اليوم فهي لا تصلح حتى للعب الهواة، بسبب الإهمال وقلة الاهتمام بالشأن الرياضي خلال السنوات الماضية، على الرغم من الطاقات والمواهب الموجودة في لبنان والتي لا تقل عن أمثالها في الدول المجاورة، مع العلم أن النهضة التي قادها الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ترميم المنشآت الرياضية بعد الحرب الأهلية و الإرث الذي تركه لنا في هذا المجال لم يحسن القيمون على القطاع الحفاظ عليه ولا التقدم والتطور. وكان للمدينة الرياضية أو مدينة كميل شمعون الرياضية التي بنيت في عهده كرئيس للجمهورية في العام 1957، محطات لبنانية وعربية عدة قبل قصفها وتدميرها خلال الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي، حتى أعيد ترميمها وافتتاحها لتستضيف دورة الألعاب العربية عام 1997 ثم الحدث الآسيوي الأعظم في العام 2000 كأس اسيا، وفي العام 2009 دورة الألعاب الفرنكوفونية.

وبعد انفجار 4 آب الذي طال بعض أقسامها الى جانب الإهمال وانعدام الصيانة فيها جراء قلة المبالغ المرصودة، أصبحت هذه المنشأة “خرابة” بعدما كانت في السابق لؤلؤة المتوسط بكل معنى الكلمة.

وفي مقابلة سابقة مع “لبنان الكبير” أكد رياض الشيخة رئيس المؤسسة العامة للمنشآت الرياضية والشبابية والكشفية في لبنان أن المنشآت في حال سيئة ويرثى لها لغياب عقود الصيانة والاهمال المزمن وتراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وهي بحاجة الى إعادة تأهيل كامل إن لم يكن إعادة إعمار، فضلاً عن إطلاق ورشة كبيرة وكاملة لما لهذه المنشآت من أهمية لدى قطاع الشباب، مشيراً إلى أن الحل الوحيد لهذه المعضلة في المستقبل هو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حتى أن ميزانية المجلس لا تكفي لرواتب الموظفين الذين يعدّون على الأصابع.

وتشير بيانات رسمية إلى أن قطر أنفقت حوالي 220 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية، وهذا المبلغ لا يشمل بناء الاستادات والمرافق الرياضية المخصصة لكأس العالم وحسب، بل يغطي كل مشروعات البنية التحتية في البلاد من طرق وفنادق ومنشآت رياضية ومنشآت صحية وغيرها.

وصممت بعض المنشآت المونديالية بصورة مؤقتة مع قابلية بعضها للتفكيك مثل استاد 974 الذي أنشئ من حاويات الشحن البحري ومواد قابلة للتفكيك تشمل الجدران والسقف والمقاعد.

هذا ما قامت به قطر خلال سنوات، في الوقت الذي ترك لنا الرئيس الشهيد ارثاً من المنشآت الرياضية للحفاظ عليها وتطويرها، لكنها تحولت الى حطام وأرضية مهترئة فضلاً الى تحول بعضها إلى ثكنة عسكرية ومخزن للحبوب والطحين، واستبدل القيمون على اللعبة العشب الطبيعي بالصناعي لأنه يوفر الكثير من التكلفة المادية، إذ لا يحتاج إلى الري والعناية والأسمدة والمبيدات، مع العلم أن هذه الملاعب تؤدي الى إصابات منها الرباط الصليب.

شارك المقال