المضادات الحيوية…”تناولها بحذر لتجنب الخطر”

تالا الحريري

يستخدم الجميع المضادات الحيوية متى يشاؤون من دون استشارة أو وصفة طبية باعتبار أنّها لا تشكل أي عوارض جانبية ولا تؤثر على الجسم. كما أنّ البعض يستهلكها لأي مرض من دون محاولة التشخيص أو العثور على الدواء الأنسب، الا أن إستخدام المضادات بصورة عشوائية أدّى إلى ارتفاع معدلات الاستشفاء والوفيات.

لا يمكن التخلي عن المضادات الحيوية فهي تعمل على علاج العدوى التي تسببها البكتيريا، كما تعمل على منع انتشار الأمراض وتقلل من المضاعفات المرضية الخطيرة، لكن عندما لا ينجح أحد المضادات الحيوية في التصدي لسلالات بكتيريا معينة، تُعرف هذه البكتيريا بأنها مقاومة للمضادات الحيوية. ويمكن أن تتكاثر البكتيريا التي تنجو من علاج المضادات الحيوية وتنقل خصائص المقاومة للمضاد الحيوي، كما يمكن للبعض منها أن ينقل خصائص مقاومة الدواء إلى بكتيريا أخرى، وكأنه يمرر نصائح كي يساعد غيرها على النجاة.

فالافراط في استخدامها وخصوصاً عندما لا يوظف الاستخدام في المكان الصحيح يُسبب زيادة مقاومة المضادات الحيوية. ووفقاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن حوالي ثلث استخدامات المضادات الحيوية لعلاج البشر ليس ضرورياً أو مناسباً، وقد باتت مقاومتها إحدى أكثر المشكلات إلحاحاً على مستوى العالم.

لذلك وجد الأسبوع العالمي للتوعية حول المضادات الحيوية من أجل زيادة الوعي بمقاومة هذه المضادات في العالم والتشجيع على اتباع أفضل الممارسات، وأقرت جمعية الصحة العالمية الثامنة والستين خطة عمل عالمية لعلاج المشكلة الآخذة في التعاظم لمقاومة المضادات الحيوية وغيرها من الأدوية المضادة للميكروبات.

الشعار لهذا العام هو “تناولها بحذر لتجنب الخطر” وأشار المكتب الفرعي لمنظمة “أطباء بلا حدود” في لبنان في بيان، إلى أن “مقاومة مضادات الميكروبات تحدث عندما تتغير الميكروبات بمرور الوقت فلا تستجيب للأدوية. نتيجة لمقاومة الأدوية، تصبح المضادات الحيوية ومضادات الميكروبات الأخرى غير فعالة، وتصبح العدوى صعبة أو مستحيلة العلاج بصورة متزايدة، مما يتطلب العلاج بمضادات ميكروبات باهظة الثمن والتي غالباً ما تكون سامة وذات آثار ضارة، ما يؤدي إلى إطالة مدة البقاء في المستشفى وزيادة تكاليف العلاج”.

وأوضح أنّ “العديد من العوامل يؤدي إلى تطور مقاومة مضادات الميكروبات، أهمها نقص الوعي بمدى سهولة انتقال البكتيريا المقاومة من شخص إلى آخر، وعدم إدراك خطر الاصابة بعدوى مقاومة، وزيادة ممارسات التداوي الذاتي. وتشمل العوامل الأخرى عدم نظافة اليدين، وقلة تنظيف الأسطح التي يكثر استعمالها وتطهيرها، والافراط في استخدام المضادات الحيوية أو إساءة استخدامها. كما تؤدي ممارسات التداوي الذاتي غير الصحيحة والمعلومات غير الكافية، بشأن تناول مضادات الميكروبات بصورة غير سليمة، إلى تفاقم مقاومة مضادات الميكروبات. وتعزى هذه الممارسات والنقص في المعلومات الكافية إلى غياب بروتوكولات وعدم توافر التشخيص وبيانات المراقبة بصورة كافية”.

وحسب المنظمة، فان مقاومة مضادات الميكروبات تعتبر أحد أكبر التحديات الصحية في العالم، بحيث كشفت نتائج الأبحاث الحديثة أنّ 1.27 مليون حالة وفاة على مستوى العالم ارتبطت بصورة مباشرة بالعدوى المقاومة لمضادات الميكروبات في العام 2019. وتعد مقاومة مضادات الميكروبات سبباً أساسياً للوفاة في جميع أنحاء العالم، خصوصاً الأماكن منخفضة الموارد التي تحمل العبء الأكبر

عاشور: المضاد الحيوي يقوم برد فعل عكسي

وفي السياق، أوضح الصيدلي رامي عاشور لـ”لبنان الكبير” أنّ “كثرة استخدام المضادات الحيوية تشكل مناعة في الجسم بحيث يصبح استخدامها لاحقاً بغير فائدة”. وقال: “في كل دول العالم يُعطى المضاد بوصفة طبية فقط ولكن في لبنان لدينا استثناءات ولا يلتزم الكثير بهذا النمط. لكن الأفضل إذا أراد الصيدلي اعطاء المضاد الحيوي للمريض، أن يعطيه المضاد المناسب حسب حالته، ففي الكثير من الأوقات هناك حالات لا يجب إعطاؤها مضاداً حيوياً لأنّه يقوم برد فعل عكسي وبالتالي يسبب ضرراً مضاعفاً للمريض”.

وفي مناسبة اليوم العالمي للتوعية عن كيفية استعمال المضادات الحيوية، نصح رئيس لجنة الصحة النيابية السابق الدكتور عاصم عراجي في تغريدة عبر “تويتر” الجميع بـ “عدم استعمالها بطريقة عشوائية لأن البشرية ستكون قادمة على أزمة طبية خطيرة وهي عدم إستجابة الميكروبات لهذه الأدوية مما يؤدي إلى مضاعفات معقدة للمرضى يصعب علاجها”.

شارك المقال