“ليكانيماب” للألزهايمر… دواء غير معتمد بفاعلية محدودة

تالا الحريري

بعد دواء “دوستارليماب” الذي صدر كعلاج فعال وجذري لمرض سرطان بطانة الرحم، تبيّن أنّ كل الكلام عن هذا الدواء وتعظيمه مجرد بروباغندا إعلامية، إذ تبيّن أنّه قد يساعد في العلاج ويعطي نتيجة أفضل لكنه ليس حلاً جذرياً. مؤخراً بدأ الحديث عن دواء “ليكانيماب” لعلاج الزهايمر بحيث أكدت تجربة اكلينيكية جديدة فاعلية هذا الدواء الذي من شأنه إبطاء تدمير المرض للدماغ وتخفيض التدهور المعرفي لدى المرضى في المراحل المبكرة من الزهايمر.

إصدار تلك الأنواع من الأدوية ليس ما يثير الجدل، بل الحديث عن قدرتها الفعالة في القضاء على مثل هذه الأمراض. فالسماع عن دواء يقضي على تلك الأمراض الموجودة منذ سنوات عدة يثير الدهشة خصوصاً أنّ الكثير من الدراسات لا تزال تتواصل حول معرفة كيفية معالجتها أو منع الاصابة بها.

“ليكانيماب” من صنع شركة الأدوية اليابانية “Eisai”، ومطور منها بالشراكة مع شركة “Biogen” الأميركية، يعطى كل أسبوعين عبر الوريد، وهو عبارة عن علاج بالأجسام المضادة يهاجم بروتين “بيتا أميلويد”، الذي يتراكم في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر. يعمل العلاج عن طريق استهداف اللويحة التي تتجمع حول خلايا الدماغ وطردها، مما يساعد على إبقاء الخلايا العصبية تعمل بصورة طبيعية لفترة أطول. وحسب المعلومات المذاعة حوله، هذا الدواء قادر على الحد من تراجع المهارات العقلية العامة لمرضى الزهايمر بنسبة 27% على مدار 18 شهراً، إذ ساء متوسط درجة مرض المريض بمقدار 1.66 لكن بالنسبة الى العلاج الجديد، فكان المتوسط بمقدار 1.21، وهو تباطؤ بنسبة 27% .

وأظهرت نتائج المرحلة الثالثة من التجربة السريرية التي تعد الأولى من نوعها، أن الدواء يمكن أن يبطئ مرض الزهايمر.

وقال مدير معهد أبحاث الخرف في المملكة المتحدة البروفسور بارت دي ستروبر إنّ “هذه التجربة تثبت أنه يمكن علاج مرض الزهايمر”. في حين اعتبر قائد المجموعة في معهد أبحاث الخرف في المملكة المتحدة في جامعة كاليفورنيا البروفسور جون هاردي أنّ “هذه التجربة هي خطوة أولى مهمة، وأعتقد حقاً أنها تمثل بداية النهاية.”

في هذا السياق، أوضحت الطبيبة الأخصّائية في أمراض الدماغ والجهاز العصبي والمختصّة بمرض الصرع الدكتورة ناجو جمعه لـ “لبنان الكبير” أنّ “ليكانيماب هو جسم مضاد يعطى للأشخاص الذين لديهم الزهايمر مبكر يعني عندما يكون المرض في بدايته. أقيمت دراسة على أشخاص وتابعوهم لمدة 18 شهراً وتبين وجود تحسن بسيط في الذاكرة ومن ناحية amyloid beta protein plaques الموجودة في مرض الزهايمر يتم قياسها من خلال نوع من الصورة اسمها pet scan التي توضح لنا كمية وجود amyloid beta في الدماغ. فعندما تكون هناك ترسبات amyloid beta تظهر على تلك الصورة وتدل على أنّ المريض لديه الزهايمر ويمكن أن يتطور”.

أضافت: “في هذه الدراسة الجديدة عند اعطاء هذا الدواء تبين أنّ amyloid beta proteins قد خفت وأصبح هناك تحسن في الذاكرة وفي الـcognitive function (الوظيفة المعرفية). لكن هناك نقطة يجب أن نتنبه اليها وهي أنّ هذه الدراسة لم توضح أنّ ليكانيماب يقضي على المرض بل يحدث تحسناً بسيطاً والدراسة كانت لمدة 18 شهراً أي ليست بمدة طويلة، لذلك نحن بحاجة الى دراسات لوقت أطول حتى نتأكد من فعاليته. الدراسة أقيمت على 1800 شخص تقريباً معظمهم أخذ الدواء، وما يسمى placebo (هو مادة تبدو كدواء لكنها لا تحتوي على مواد فعالة لها تأثير على صحة متعاطيها، ويطلق عليه أيضاً اسم الدواء الوهمي) لتتم المقارنة، وكان هناك فرق بسيط بينهم لكن نعتبر هذه دلالة حسب الاحصائيات”.

وأشارت جمعه إلى أنّ “الزهايمر هو نوع من neurodegenerative disease يعني مرضاً يسبب تآكلاً في الخلايا العصبية في الدماغ وعادة ما يؤثر على المنطقة الصدغية المسؤولة عن الذاكرة وعند تطوره يؤثر على مناطق أوسع من الدماغ”.

وبالنسبة الى عوارضه “تبدأ عادة بمشكلة في الذاكرة القريبة أي للوقت القريب، فينسى المريض ما يحصل معه خلال النهار وأحداث الوقت الحالي. لاحقاً عندما يتطور المرض ويصبح أصعب يبدأ المريض بنسيان ما حصل معه سابقاً وينسى قصصاً يستطيع القيام بها أي ينسى كيف يرتدي ثيابه أو يقوم بأفعال معينة، إلى جانب المشكلات في النظر وفي النطق”.

وأكدت “أننا في معظم الأحيان لا نعرف ما سبب الزهايمر، أي أن هناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر على المرضى حتى يصبح لديهم الزهايمر، فهناك عوامل وراثية وأخرى تتعلق بالشرايين يعني اذا كانت هناك مشكلات مثل الضغط، السكري، البدانة أو غيرها يمكن أن تؤثر وتزيد من احتمالية الاصابة بمرض الزهايمر عند الكبر، أي يمكن أن يظهر فجأة من دون معرفة سببه”.

ولفتت الى أن “الزهايمر يؤثر عادة على الناس فوق الـ65 سنة لذلك نراه لدى الناس الكبار في السن وهو أكثر سبب للخرف عموماً. في بعض الحالات يمكن أن يؤثر على الناس الأصغر في العمر أي تحت سن الـ60، من الـ40 سنة وصعوداً وفي هذا العمر نسميه early onset alzheimer disease لكن هذه الحالة تكون في أقل من 5% من الحالات”.

أمّا عن العلاجات المتوافرة، فقالت جمعه: “حالياً أظهرت الدراسات على جميع العلاجات تحسناً بسيطاً في العوارض خصوصاً عندما يكون المرض خفيفاً الى متوسط الحدة يعني لا نتوقع تحسناً كبيراً ويمكن أن يستفيد المرضى بالأدوية ولكن بصورة بسيطة. الأدوية الموجودة حالياً لا توقف تطور المرض بل تساعد على التحسن فقط، المرضى الذين يتحسنون على العلاج هم بنسبة 20 – 30%. الأدوية الـapproved التي نستعملها في هذه الحالات هي cholinesterase inhibitor كأدوية عديدة من الحبوب تعطى لكل شخص لديه الزهايمر ذي حدية خفيفة أو متوسطة، وكمية الاستفادة عليها محصورة بنسبة معينة، ونفكر دائماً أنّ الدواء يمكن أن يسبب عوارض جانبية للمريض”.

وذكرت بأنّ “ليكانيماب لم يعتمد بعد من الـFDA، كما أنّ الدراسة بينت أنّ لديه عوارض جانبية، اذ يمكن أن يسبب الحساسية بالعرق. لذلك يجب أن نوازن بين نسبة استفادة المريض، ونسبة العوارض الجانبية للدواء عليه”.

شارك المقال