غسيل الكلى في “المقاصد” معطل… مناشدة جماعية و”الصحة” تتحرك

تالا الحريري

لم يعد القطاع الصحي يسلم من توالي الأزمات الاقتصادية والمالية وحتى السياسية التي تعصف بالبلاد، فالدولة لم يكفها هذا الانهيار الذي طال المستشفيات الحكومية والخاصة وعدم قدرتها على تأمين المستلزمات الطبية والأدوية وغيرها، بل باتت تزيد معاناة المرضى وكأنّها تعذبهم عن سابق تصور وتصميم. اليوم واحدة من أهم فئات المرضى في المجتمع في خطر، هي فئة مرضى غسيل الكلى الذين انجرفوا مع هذه الأزمة وباتت حياتهم مهددة، بعدما كان علاجهم متوافراً في أي وقت لكنه أصبح غائباً، بل صعب كذلك بسبب التكلفة المرتفعة.

وكانت جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت منذ يومين في السراي الحكومي، أقرّت طلب الموافقة على الطلب المقدم من مصرف لبنان لسداد مبلغ 35 مليون دولار أميركي شهرياً للأشهر الثلاثة المقبلة لزوم شراء الأدوية للأمراض المستعصية والمزمنة والسرطانية ومستلزمات طبية وحليب ومواد أولية لصناعة الدواء وذلك من حقوق السحب الخاصة، بعدما حاول “التيار الوطني الحر” تطيير الجلسة بحجة صلاحيات رئيس الجمهورية وحقوق المسيحيين. وبعد انتهاء الجلسة وإقرار الاعتمادات، لا تزال المستشفيات تنتظر تحويل الأموال لتخليص بضائعها على أمل أن لا يحاول “التيار” تقديم طعن بمقررات الجلسة عبر دعاوى قضائية أو دستورية.

وعلم موقع “لبنان الكبير” من مصادر مطلعة أنّ مستشفى “المقاصد” يعاني من مشكلة في إنقطاع مواد غسيل الكلى، كما أقفل القسم المختص فيما تعالت صرخات المرضى. وقالت المصادر: “إن مواد غسيل الكلى عالقة في المطار والبعض يقول انّها مشكلة جمارك. لا مواد للمرضى الذين باتوا (يفطسون) بكل معنى الكلمة، كما أنّهم غير قادرين على تلقي العلاج في مستشفيات أخرى لأنّهم يطلبون مبالغ هائلة. هؤلاء المرضى ليست لديهم القدرة على تحمّل مثل هذه التكاليف، فبعض المستشفيات يطلب 150 دولاراً لجلسة الغسيل الواحدة”.

وأوضحت أن “كل المرضى اللبنانيين في المستشفى يأخذون موافقة من الضمان أو وزارة الصحة لضمان تكلفة علاجهم، لكن المرضى من الجنسيات الأخرى الذين لا ضمان لديهم يدفعون مليوناً ونصف المليون للجلسة الواحدة، وفي الإجمال فان غالبية مرضانا من اللبنانيين”.

وأشارت المصادر إلى أنّ “المشكلة الأساسية اليوم هي أن كل من يستعمل تلك الماكينات، موادها غير متوافرة، وهذه المشكلة في معظم المستشفيات وليست في المقاصد فقط. الآن المستشفى يستخدم ماكينتين قديمتين جداً للتخفيف من حدّة الوضع، لكنهما لا تكفيان لحوالي 150 مريضاً، فنقوم بالغسيل ساعتين لكل مريض ومع ذلك لا يمكننا تلبية طلب الجميع”، مؤكدة أن “صرخة المرضى تزداد وباتوا متعبين، فهناك من مرّ عليهم أسبوع ولم يقوموا بالغسيل. ويوزع المرضى الآن على كل من مستشفى نوفل والساحل لكن المستشفيات تطلب المال مقابل كل جلسة”.

وحسب المصادر، فان “قسم غسيل الكلى في مستشفى المقاصد مقفل الآن، والمستشفى ناشد كثيراً، حتى أنّ بعض الأطباء حاول شراء مواد من طرابلس ولم يعطَ سوى كمية قليلة. الأطباء لم يقصروا حتى أنّهم دفعوا من جيبهم ولكن لا حل”.

أحد مرضى غسيل الكلى في “المقاصد” شرح الوضع لـ”لبنان الكبير”، وقال: “أبلغنا يوم الجمعة أنّ مواد غسيل الكلى في المرفأ وستسلم الاثنين أو الثلاثاء الى المستشفى، الذي قام بالغسيل الاثنين لعدد معين من المرضى والثلاثاء أقفل القسم. والآن نسمع أنّ البضاعة في المطار ولم يعد أحد يفهم ما يحصل. هناك حالات متعبة جداً في قسم الطوارئ في المستشفى، الذي جهز ماكينتين للحالات الخطرة”.

أضاف: “أنا أغسل كلى منذ 18 سنة وهذه أول مرة أتعرض فيها لهذه المشكلة. المقاصد يقوم حالياً بتحويل المرضى إلى مستشفى نوفل والساحل، الذي يأخذ على جلسة الغسيل الواحدة مليونين و250 ألف ليرة لبنانية”.

وأوضح مريض آخر أن “من المفروض أن أغسل مرتين في الأسبوع، أي 9 ساعات أسبوعياً، لكنني غسلت لساعتين فقط. أنا لا أزال شاباً في سن الـ46 ولكن ما هو حال الكبار في السن؟ لا أحد قادر على ايضاح شيء لنا، لكنني أعتقد أنّ الموضوع يتركز على الدولار الجمركي اذ كانوا يستوردون البضاعة على الـ 1500 والآن باتت على الـ 15 ألفاً”، مشدداً على وجوب “أن تقوم الدولة بإعفاءات من الرسوم الجمركية لمرضى الأمراض المزمنة. بتنا نتبهدل كثيراً، أولاً باستثناء المعاملة والنظرة السيئة الينا في المستشفيات، الأسعار تتراوح بين 80 و100 دولار للجلسة الواحدة. نحن واقعون في مشكلة، هذه المرة دفعت 80 دولاراً من أجل جلسة، ولا أعرف المرة المقبلة كم سأدفع”.

ونقل عن أحد المسؤولين في قسم غسيل الكلى في “المقاصد” قوله للمرضى إنّ الوضع لا يزال على حاله، وإن “من يريد أن يغسل خارج المستشفى فليتواصل معنا كي نجهز أوراقه ونحضّر له تقرير الخروج”.

وبالتواصل مع المستشار القانوني لوزير الصحة عمر الكوش، أكد لـ”لبنان الكبير” أنّ “المشكلة حلت اليوم، وليس هناك أي أمر عالق، بل الخطأ من المستورد. تم توقيع البيان الجمركي ووزارة الصحة لم تقصر، بالعكس”.

وعليه، فإنّ وزارة الصحة لا تزال تعمل جاهدة على حل الموضوع في أسرع وقت لتخفيف الأزمة على المرضى وتلقيهم علاجاتهم اللازمة.

شارك المقال