حقوق الانسان… الواقع لا يراعيها والدول تصم آذانها

تالا الحريري

“لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الاعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاً أو موضوعاً تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعاً لأي قيد آخر على سيادته”. هكذا تنص المادة الثانية من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، إذ يجب على جميع الناس الحصول على حقوقهم مهما كانت الظروف، لكن اليوم نرى أنّ العالم بات غير عادل أو بالأحرى جشع الحكام هو ما سلب من شعوبهم المساواة ونيل حقوقها حتى باتت مجردة منها. وباتت تحتفل عند الحصول على أي شيء هو حقها في الأساس ويجب أن تحصل عليه بالمجان… حق الانسان في التعليم والطبابة المجانية والعمل وفي حرية الرأي والتعبير عن الآراء، حق الانسان في العيش الكريم، كل ذلك معدوم في الكثير من الدول التي تعاني اليوم من الفقر والمجاعة والذل وإنعدام الحقوق كافة، ولا أحد ينظر إليها أو يساندها، لكن نعم هذه مسؤولية سلطاتها التي سمحت بأن يصل شعبها إلى ما هو عليه بينما هي تتمتع بجميع ملذات الحياة.

اعتمدت الجمعية العامة الاعلان العالمي لحقوق الانسان في باريس في 10 كانون الأول 1948 بوصفه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه الشعوب والأمم كافة، وهو يحدد للمرة الأولى حقوق الانسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياً. هذا الاعلان هو وثيقة تاريخية مهمة في تاريخ حقوق الانسان صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، ومن المعترف به على نطاق واسع أنه ألهم ومهد الطريق لاعتماد أكثر من 70 معاهدة لحقوق الانسان، مطبقة اليوم على أساس دائم على المستويين العالمي والاقليمي. وتنص المادة الأولى من حقوق الانسان على أنّ “جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء”.

في لبنان بات المواطن محروماً من حقوقه منذ زمن طويل ويناضل ليؤمن لقمة عيشه التي حرم منها عن سابق إصرار، وعندما يطالب بحقّه يطمس صوته حتى لا يعلو أكثر ويتم قمعه. في وقتنا الحالي ينتظر اللبناني في الطوابير لساعات ويفرح عند حصوله على ربطة خبز واحدة لعائلته الكبيرة على الرغم من أنّ من حقه الحصول على الكمية التي يريدها من دون التعرض للاذلال بهذه الطريقة. الا أن السلطة الفاسدة نجحت في فرض إيديولوجيتها على المواطنين وأقنعتهم بالتأقلم ومن ثم الخضوع.

زكور: منطق القوة ينتصر على الحق

رئيس “مركز ليبرتي للدراسات القانونية والاستراتيجية” محمد زكور أكد لـ”لبنان الكبير” أنّ “المواثيق الدولية وجميع دساتير العالم ضمنت حقوق الانسان، بعد تطور البشرية والنظم وما شهدته من ويلات الحروب والقتل والدمار والتدمير والقمع والظلم بحيث كان الملك يستطيع إستباحة حقوق شعبه وكرامتهم بمجرد قرار منه. تطورت النظم الديموقراطية لكي تصون حقوق الانسان وتحميها وتكرّس هذه الحقوق إن على الساحة الدولية عبر المواثيق الدولية وإن على ساحات الدساتير المحلية، ويجب على الدساتير أن تتواءم مع المواثيق الدولية إن وقّعت الدولة على هذه المواثيق”.

وأوضح أن “الدستور اللبناني رعى في مقدمته حقوق الانسان فجعل من حق ممارسة الشعائر وحق الحرية وحق التجمع والتعبير والحق بالعيش في أمان، مكرّسة وموضوعة بحمى الدستور وكذلك المواثيق الدولية، فنجد حقوق الطفل وحق التعبير ومحاربة ومعاقبة الابادة أو القتل على أساس عرقي أو طائفي أو مذهبي، وهذا يعني أن ثمّة حقوق للانسان. لكن للأسف فإن واقع الحال لا يعكس ما هو مكرّس في المواثيق الدولية أو الدساتير”.

وقال زكور: “للأسف حقوق الانسان لا تراعى في كثير من الحالات وفي كثير من مناطق العالم بسبب القوى الدولية. نعترف بتطور مفهوم حق الانسان وحمايته إلا أنّه عندما تقتضي مصالح الدول تجاهل تلك الأخيرة لا بل بقمعها وإرتكاب مجازر، فإن كل ذلك يضرب به عرض الحائط على حساب هذه الأقليات والجماعات فنجد مسلمي الروهينغا والمقموعين في معظم أنحاء العالم، في حين تصم الدول والمؤسسات والمنظمات آذانها عن تلك الحقوق، لأنّه عندما تتفق مصالح الدول أو عندما تتعارض مع حق من حقوق الانسان ينتصر منطق القوة على الحق”.

أضاف: “من هنا لا بد من الاصطفاف شعوباً وأمماً وجماعات وجمعيات ومؤسسات ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية لنصرة الحقوق التي تُقمع في معظم الأحيان وكرامات الانسان التي تُمتهن وذلك كلّه يطبّق ويعزّز. أنا من المتفائلين بأنّ تلك الحقوق سوف تصان يوماً بعد يوم أكثر وأكثر بتطور عصر الميديا بحيث أنّ كل إنسان أصبح إعلامياً وصحافياً يستطيع توثيق حالة من الظلم أو التعدي على كرامات الناس وحقوقهم الشخصية وحقهم في التعبير والمعتقد وحق الطفل في التعليم وإلى ما هنالك من الحقوق التي كرّست”.

وشدد على أنّ “جوهر مفهوم الحقوق هو المساواة بين البشر وإحترام كرامة الانسان وحقه في التعبير والعيش بأمان وحقه في التنقل والاضراب وفي تأليف الجمعيات والتجمع وحقه في سرية حياته الشخصية بمعزل عن مدينته أو بلده أو طائفته أو مذهبه أو عرقه أو دينه أو تاريخه مهما اختلفت تلك الأخيرة”، لافتاً الى أن “معظم التشريعات والاتفاقات الدولية قسّمت حقوق الانسان ورتبتها في ثلاث أو أربع مجموعات حيث نصت على حقوق السلامة الشخصية، والحريات المدنية التي يجب أن يتمتع بها الانسان، وحقوقه الاجتماعية والاقتصادية، كل تلك هي من الحريات التي تحدثت عنها الاتفاقات والدساتير لمعظم الدول إن لم نقل المعظم الأكبر من الدول. لكن على رأس تلك الحقوق نعيد ونكرر لأنفسنا الحق بالعيش بسلام ولذلك هناك منظمة أمم متحدة ومجلس أمن دوره حماية السلم والأمن الدوليين ورعايتهما”.

شارك المقال