إنجاز جديد في مستشفى الحريري… بتضافر الجهود رغم الصعوبات

تالا الحريري

مستشفى رفيق الحريري الحكومي لطالما كان بالمرصاد لكل الأمراض والفيروسات التي واجهها البلد وفي طليعتها فيروس كورونا، اذ حارب طاقمه الطبي باللحم الحي لانقاذ المرضى ومعالجتهم بأقل التكاليف، ولكن مع استفحال الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان كان المستشفى أول المتضررين في القطاع الصحي مع النقص في المستلزمات والأدوية وإرتفاع كلفة المازوت والمعدات وغيرها فلم يستطع تغطية كل ذلك وتعرض للاهمال. وفي الكثير من الأوقات لم يكن يحصل على الدعم وسط مناشدات المرضى، فيما نفذ موظفوه سلسلة إضرابات واعتصامات لتحصيل حقوقهم.

على الرغم من ذلك، وبطاقم طبي لا يزال يناضل، لم يستسلم المستشفى ونهض مجدداً على قدميه بإنجاز طبي جديد يعتبر الأول في تاريخ المستشفيات الحكومية، من خلال اجراء أول عملية لترميم الصمام الأبهر في القلب من دون جراحة وعبر القسطرة، بنجاح. هذه العملية تجرى عادة في المستشفيات الخاصة ولكنها المرة الأولى في مستشفى حكومي. وعلى الرغم من محدودية إيرادات المستشفى وامكاناته، إستطاع الفريق الطبي إتمامها بنجاح بنصف تكاليف العملية التي تجرى في المستشفيات الخاصة تقريباً.

وفي السياق، عقد مؤتمر برعاية كل من وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله بمناسبة تدشين تجديد قسم قسطرة وتمييل القلب في المستشفى، وإجراء أول عملية تغيير صمام من دون أية جراحة من قبل طاقم طبي متخصص في القلب والشرايين، وقد إفتتحه المدير العام للمستشفى جهاد سعادة الذي أكد في كلمة أن “المراد من مستشفى رفيق الحريري كان تقديم خدمة السياحة الاستشفائية، وكان مصمماً ليكون أهم وأكبر مركز استشفائي في الشرق الأوسط لكن للأسف جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، الظروف التي بدأت منذ الـ2005 بدءاً من إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مروراً بحرب الـ2006 والأوبئة التي حلت بلبنان وأخيراً موضوع الأزمة الاقتصادية والمالية التي حلت بنا أدت إلى تراجع مستوى المستشفى من ناحية التجهيزات والبنية التحتية، والسبب أنّ كل تلك الأمور مكلفة وبحاجة إلى أموال بالفريش دولار، ونحن كل مدخولنا بالليرة اللبنانية وأحياناً تكون المدفوعات مؤجلة لمدة 6 أشهر أو سنة”.

الحلو: نفتخر بوجود قطاع طبي متميّز

وعلى أثر إعلان هذا الأنجاز، أشار مدير العناية الطبية في وزارة الصحة جوزيف الحلو، الذي مثل وزير الصحة في المؤتمر، في حديث لـ”لبنان الكبير” إلى “أننا نفتخر بأنّه لا يزال هناك قطاع طبي متميّز جدّاً يقوم بعمليات لا تتم سوى في مستشفيات جامعية كبيرة في ظل قطاع صحي يمر بهذه الأوضاع السيئة، من أجل مساعدة المواطن اللبناني في هذه الظروف الرديئة”.

وقال: “نحن كوزارة صحة نقدم كل الدعم للمستشفيات الحكومية وخصوصاً مستشفى رفيق الحريري الذي يستقطب أكبر نسبة من المرضى على وزارة الصحة وتقريباً 70 – 80% من الشعب اللبناني يتوجّه إلى هذا المستشفى. وسنقوم بالدعم اللازم كما أنّنا سندرس في اللجنة التي ستتألف قريباً تكاليف هذه العملية وكم قدرة وزارة الصحة على تغطيتها. بدأنا بمستشفى الحريري وسننتقل إلى مستشفيات حكومية أخرى حتى تبدأ القيام بمثل هذه العمليات”.

عبد الله: هدف الانجاز تخفيف معاناة الناس

أما النائب عبدالله فأكد لـ “لبنان الكبير” أنّ “هذا الانجاز يُضم إلى مجموعة إنجازات خاصة منذ كورونا إلى يومنا الحالي. المستشفيات الحكومية قادرة على القيام بمثل هذه الأمور إذا تأمّنت لها الظروف المؤاتية القانونية والادارية والتمويلية لتقوم بالمطلوب. والهدف اليوم من هذا الانجاز تخفيف معاناة الناس والفاتورة الاستشفائية قدر الامكان”.

وعن إمكان وجود دعم مرتقب للمستشفى، أعرب عن اعتقاده أن “هذا المستشفى هو في أولوية كل الدولة كلجنة الصحة النيابية وأولوية وزير الصحة وأثبت المستشفى أنّه خط الدفاع الأول في الأزمات”.

شاتيلا: تقديم التقنية والجودة بأسعار أقل

وشدد اختصاصي أمراض القلب والشرايين الدكتور وسيم شاتيلا لـ “لبنان الكبير” على أنّ “هناك صعوبة لدينا بالقدرات الحالية في القيام بنوع كهذا من العمليات، لذلك العملية التي قمنا بها أخذت منا وقتاً وتنظيماً بداية من طاقمنا وصولاً إلى المريضة. وكلّما تحسن الوضع الاقتصادي إستطعنا العمل وأن نخدم الناس أكثر”.

أضاف: “نحن قادرون على تقديم التقنية والجودة نفسها بأسعار أقل من المستشفيات الأخرى وأن نخدم أناساً أكثر بالماديات نفسها. مالياً لم يكن هناك دعم للعملية، لكن كان هناك دعم مهم من المستشفى حتى استطعنا خفض الأسعار لتصبح زهيدة ونخفف الأتعاب على المريضة، وكانت التكاليف أكثرها للقطع الطبية غير المتوافرة في المستشفى أو الوزارة”.

السيد: الثقة موجودة بمستشفى الحريري

وقال دكتور أمراض القلب التداخلية في مستشفى الحريري علي السيد لـ”لبنان الكبير”: “وضعنا في المستشفى جهازاً جديداً لتمييل القلب وأعتقد أنّه من أحدث الأجهزة في لبنان. وإستطعنا بالماديات التي توافرت لدينا وبمساعدة فريق العمل الموجود هنا وشركات الأدوية التي استطاعت مساعدتنا تنفيذ هذه العملية. وبخبرتنا أيضاً إستطعنا إنجازها بأقل الأشياء اللازمة من دون أن نعرض المريضة لأي خطر”.

ولفت إلى “أننا مع فريق العمل الطبي وجراحي القلب كنا موجودين في حال حدوث أي مشكلة لأن سلامة المريضة كانت من أولوياتنا. الثقة بمستشفى رفيق الحريري موجودة في الأساس عند جميع الناس لأن تاريخنا يبرز من نحن خصوصاً في القلب وتمييل القلب، لدينا الكثير من المرضى الذين لا يزالون يراجعوننا منذ سنوات، والجميع يعرف أنّه أرخص من مستشفيات أخرى لأنه مدعوم جزئياً من الدولة. ونستطيع القيام بكل ما يجب القيام به بالطريقة اللازمة وبأحدث التقنيات والمواد ولا نبخل على مرضانا بأي شيء”.

شارك المقال