العطر البديل… يعوّض عن الأصيل؟

جنى غلاييني

اعتاد اللبناني المحب للعيش أن يشتري لنفسه أهم الماركات وأفخمها من حيث الجودة والنوعية، فمن يبحث عن الكمال في مظهره لن يفوّت أهم مسألة ليتوّج بها “اللوك” الجميل والتي تضفي طابعاً خاصاً يميزه في ذوقه وجاذبيته… إنها بالطبع العطور التي يفضل اللبناني أن ينتقيها أصلية قبل أن يصل الى اختيار الأجمل من حيث رائحتها وما يناسبه منها.

ولكن مع التدهور المالي والمعيشي والارتفاع الهائل في أسعار المواد الأساسية والكماليات، لم يعد بامكان اللبناني أن ينعش نفسه بالـ”أوريجينال” الذي بات يكلّفه أضعاف راتبه، فلجأ الى التحايل على الأزمة الاقتصادية من خلال شراء عطره المفضّل من محال العطور المركبة.

يقول أحد بائعي هذه العطور في منطقة مار الياس لـ “لبنان الكبير”: “إنّ بيع العطور المركبة هو الأكثر رواجاً في الأسواق حالياً، فقبل الأزمة الاقتصادية كان الزبائن يرتادون المحل بهدف شراء زجاجة عطر أصلية وكانت الأكثر مبيعاً حينها، أمّا اليوم فالزبائن أنفسهم أصبحوا يأتون وبيدهم زجاجة عطر فارغة لتعبئتها بعطر مركب”.

ويشير الى أن “لا زجاجة عطر أصلية في محلي يقل سعرها عن 80 دولاراً، وأصبحت أتردد في جلب المزيد من العطور الأصلية بسبب تراجع شرائها، اذ نادراً ما تُشترى من الأسواق المحلية خوفاً من التزوير والتقليد، لذا أكتفي بالموجود في المحل، وفي حال طلب زبون ما زجاجة عطر أصلية باسم معين وكانت غير متوافرة، أحاول تأمينها خلال 15 يوماً، اذ أصبحنا نؤمّن العطور الأصلية حسب الطلب فقط. أمّا العطور المركبة فيختلف سعر تعبئتها حسب حجم الزجاجة، ويصل سعر الواحدة حالياً الى 180 ألف ليرة، ويختلف السعر أيضاً في حال أراد الزبون شراء زجاجة جديدة أيضاً”.

ويؤكد بائع عطور آخر في منطقة عائشة بكّار، أن “إقبال الناس على شراء العطور، أصلية كانت أم مركّبة لم يعد كما كان قبل الأزمة المالية، فالناس أصبحت تستغني بسهولة عن رش العطر أو أنّها تشتري العطور المزيفة وتضحك على نفسها بأنها تمتلك عطراً. وبسبب تراجع المدخول المادي الذي أسترزق به من محلّي اضطُررت الى أن أضيف (ستاند) للأكسسوارات الرجالية والنسائية التي بالكاد أيضاً يقبل عليها الزبائن لشرائها، ولا يمكننا أن نسير الى مستقبل نرى أنفسنا مفلسين فيه، كما لا يمكن أن أتخلّى عن مهنتي التي بدأت بها قبل 7 سنوات”.

تشتكي نرمين م. وهي طالبة جامعة وموظفة بدوام جزئي من قلة المال، فلا راتبها يساعدها في تأمين مصاريف جامعتها ولا في شراء ما يلزمها من كماليات تعدّها أساسية أيضاً في حياتها، وتقول: “بعدما كنت أقتني أجمل العطور وأفخمها والتي لا أحتاج الى وضعها أكثر من مرّة واحدة في اليوم لأنها تدوم 24 ساعة أو أكثر من دون مبالغة، أصبحت غير قادرة على شرائها لثمنها الباهظ وبالدولار، لذا لجأت الى محال العطور المركّبة ولكن استطعت أن ألاحظ الفرق بين عطري الأصلي والمركّب، فالأخير يزول بعد وقت قصير عدا عن عدم وجود جاذبية للرائحة التي يمكن رصدها على بعد أمتار، لذا وعلى الرغم من استهلاكي للعطر المركب إلّا أنّني أجده بلا رائحة ولا ميزة خاصة”.

أمّا علي س. وهو موظف يتقاضى نصف راتبه باللبناني والنصف الآخر بالدولار، فاعتاد أن يشتري عطراً أصلياً اضافة الى اهداء أصدقائه عطوراً أصلية، “ولكن كل هذا تبخّر، فبالكاد أستطيع شراء عطر لنفسي، ومع الأسف أحتفظ بزجاجة عطر أصلية لا يزال فيها القليل ولكنني لا أستخدمها إلّا في المناسبات، أمّا للأيام العادية فابتعت زجاجة من العطر المركّب على الرغم من عدم حبيّ لهذه الأنواع من العطور، إلّا أنّني مضطر فلا أحد بامكانه الاستغناء عن العطر كل يوم، باستثناء أبي الذي وجدها سلعة لا تشبع البطون فقرّر التخلي عنها والالتفات الى تأمين مُستلزمات الحياة اليومية الضرورية”.

شارك المقال