هل يضيع العام الدراسي للسنة الرابعة؟

حسين زياد منصور

لا يزال القطاع التربوي، كباقي القطاعات، يعاني بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بلبنان منذ العام 2019، فالأزمات والمعوقات نفسها تتكرر كل عام، وتضع اللبنانيين أمام احتمالية خسارة عام دراسي جديد. فقد شهد لبنان ثلاثة أعوام دراسية كارثية، لأسباب عدة، أولها انتشار جائحة كورونا والاقفال العام، ثم الانتقال الى التدريس عن بعد، فالانهيار الكبير لقيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي وانخفاض القدرة الشرائية لغالبية اللبنانيين. أما هذه السنة فانطلق العام الدراسي بصورة متعثرة وسط مطالبات بإعلان حالة طوارئ تربوية لتدارك المشكلات المزمنة التي يعاني منها هذا القطاع.

اليوم ينتفض الأساتذة والمعلمون، ويعلنون صراحة عدم قدرتهم على الوصول الى المدارس وأماكن عملهم لتأدية مهامهم، مطالبين بتعديل رواتبهم بما يتناسب مع الغلاء المعيشي. وتشير تقارير الى أن أكثر من 35٪ من الكوادر التعليمية خسرها لبنان وخصوصاً في التعليم الرسمي، والعدد المتبقي إن لم يحصل على حقوقه فسيرحل أيضاً، وهو ما يشكل خطراً أكبر على الواقع والمستوى التعليمي في لبنان.

يؤكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “هناك عدة اجتماعات ستحصل، الأول مع رئيس لجنة التربية النيابية النائب حسن مراد والثاني مع وزير التربية عباس الحلبي، والاجتماع الثالث مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفي ضوء هذه الاجتماعات سيتحدد ما سيحصل”.

ويقول: “ان مقومات الحد الأدنى لاستكمال العام الدراسي بسيطة جداً، ونحن لا نطالب بحقوقنا، ألا وهي ضرب الراتب بـ 30، يعني من يحصل على راتب بقيمة 5 ملايين يصبح راتبه 150 مليوناً لأن الدولار ضرب بـ 30 فهذا حقنا وحق طبيعي، نحن لا نطالب بذلك لأننا نرى الانهيار الاقتصادي وأن البلد أصبح في جهنم، بل نريد مقومات الحد الأدنى، أي أن يتمكن الأستاذ من تأمين طعامه والبنزين للوصول إلى المدرسة، ووجود الكهرباء كي يتمكن من التحضير والتصحيح، إن كان الحد الأدنى هذا موجوداً فليخبرنا عنه الرئيس ميقاتي”.

ويضيف: “عند اقرار الموازنة ضربت رواتب القطاع العام بـ 3 ولم تضرب رواتب القطاع الخاص بالمثل، لماذا؟ على الرغم من وجود وحدة تشريع، فمنذ 70 عاماً تطبق سلسلة الرتب والرواتب في القطاعين العام والخاص. وهنا السؤال كيف تضرب المعاشات في القطاع العام ولا تضرب في الخاص؟ هذا بحجة اعطاء بعض المدارس الدولار الفريش للأستاذ، ولكن نسبة هذه المدارس لا تتعدى الـ 30٪، (شو منعمل بالباقيين)؟ الى جانب ذلك، المدارس التي تعطي الدولار، تعطي 50 أو 100 دولار فقط في حين أن فاتورة المولد وحدها 150 دولاراً”.

أما عن المطالب فيعددها محفوض: “أولاً، وحدة التشريع وضرب المعاشات بـ 3، وهذا الأمر يحتاج الى مجلس نواب وهيئة تشريعية لا هيئة ناخبة، لكن يجب الحصول على وعد قاطع بأن هذا المشروع سيمر وتتبناه الحكومة. ثانياً، أساتذة المدارس الخاصة المتقاعدون ممن يحصلون على رواتب بقيمة مليون أو مليون ونصف المليون، هذا الراتب لا يكفيهم يوماً واحداً حتى، تم اعداد مشروع قانون لتغذية صندوق التقاعد والمطلوب من الرئيس ميقاتي تبني هذا القانون. ثالثاً، الأساتذة الذين يحصلون على التعويض، يتقاضونه كشيك، في الوقت الذي لا تستقبل المصارف هذا الشيك، ويجب إيجاد حلول لذلك”.

ويشدد محفوض على وجوب “أن تتبلور هذه الأمور خلال الأيام المقبلة للوصول الى نتيجة معينة خصوصاً مع حاكم مصرف لبنان، واستناداً الى ذلك سنذهب الى الاحتمالات الإيجابية فنحن لسنا هواة سلبيات، ونعلم أن الطلاب لم يتعلموا منذ ثلاث سنوات، وإن لم يتعلموا هذه السنة فستكون كارثة، وعند ضياع التربية والتعليم يضيع البلد كله، والنهوض بالبلد يوماً ما من جهنم سيكون من خلال التربية والتعليم، ونحن حريصون على العام الدراسي أكثر منهم”.

وعن اجتماع اليوم الخميس، يشير الى أن “الموضوع كبير جداً، وتداعينا ونقابات المهن الحرة والأساتذة والاتحاد العمالي العام، كي يكون لنا موقف فاعل والدعوة والضغط من أجل انتخاب رئيس للجمهورية وتسيير الأمور الدستورية أو سيكون لنا تحرك فاعل في الوقت الذي يسعى الجميع الى تقاسم الحصص، فالنقابات في تونس والسودان لا تختلف عن النقابات في لبنان بأي شيء”.

أما الباحث في “مركز الدراسات اللبنانية” نعمة نعمة فيحذر في حديث لموقع “لبنان الكبير” من أنه “في حال توقف العام الدراسي سنصل الى كارثة، اذ أن الأوضاع تزداد تعقيداً، في الوقت الذي لا يحصل الأساتذة على مساعدات اجتماعية والرواتب غير كافية”، لافتاً الى أن “الجهات المانحة التي كانت تغطي بتمويلها بعض المراكز توقفت الآن لأن المشاريع انتهت كـ (ريس2) وهناك القليل من المال من مشروع (اس 2ر2)، لكنه لم يعد كافياً لتمويل المساعدات الاجتماعية ولا انهاء المشروع حتى”.

ويوضح أن “هناك مشكلة بنيوية في الدولة اللبنانية لغياب مشاريع التمويل وفي الوقت نفسه تعطى وعود لا يتم الايفاء بها، فعند بداية العام الدراسي حصل المعلمون على وعود، براتب يساوي ثلاثة وحوافز بقيمة 130 دولاراً، الآن طارت هذه الحوافز والعمل جار على تأمين 50 دولاراً بدلاً منها. وحتى الرواتب الثلاثة عند اقرارها كان الدولار بحدود 30 ألف ليرة اما الآن فهو أكثر من 40 ألفاً، فلم تعد هناك إمكانية وقدرة لدى الأساتذة على الوصول الى المدارس”.

شارك المقال