السرفيس… “نار” تحرق السائق والراكب معاً

جنى غلاييني

في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع سعر صرف الدولار يوماً بعد يوم لا بل ساعة بعد ساعة، تزداد البلبلة في الأسواق التجارية والمؤسسات ولدى أصحاب المهن الحرة الذين باتوا يسعّرون على هواهم ولا يعتمدون تسعيرة واحدة والحجة دائماً هي الدولار.

ومن هؤلاء سائقو السيارات العمومية الذين يرفعون بوتيرة متصاعدة تعرفة النقل، لأنّ أسعار المحروقات تسجّل ارتفاعاً يومياً حتى وصل سعر صفيحة البنزين الى مليون و187 ألف ليرة. هذه المعمعة والارتفاع المستمر للبنزين أدّيا الى أن يسعّر كل سائق على هواه ويطلب التعرفة التي يراها مناسبة، فمنهم من يطلب 100 ألف وما فوق، ومنهم من يكتفي بـ 80 ألفاً، ويبقى على المواطن أن يشترط السعر قبل أن ينطلق الى أي مكان.

رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس، يوضح في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه “طالما ليست هناك تعرفة واضحة لأصحاب السيارات العمومية تتناسب مع أسعار المحروقات وأسعار المواد الاستهلاكية وتلاعب الدولار المستمر، فالموضوع لا يبدأ عند النقابات بل يبدأ وينتهي عند الدولة والحل بيد الحكومة ونحن كنقابات جاهزون للمساهمة في الحل، ولكن ليس على حساب السائق ولا المواطن”.

وعن التعرفة الرسمية للسائق العمومي، يؤكد أن “لا وجود لتعرفة رسمية فكل يوم جدول أسعار جديد للمحروقات، وتلاعب كبير في سعر صرف الدولار، الى جانب الصيانة التي تحتاجها السيارة كل فترة، لذا، كل سائق يسعّر حسب المنطقة الموجود فيها”، مشيراً الى أن “عمل سيارات bolt وuber وغيرها من هذا النوع لا يزال يؤثّر على عمل السيارات العمومية، وأصلاً السيارات التي تعمل على هذه التطبيقات تعد غير قانونية”.

ويلفت طليس الى تحرك كبير يوم الأربعاء المقبل سيشارك فيه الاتحاد العمالي العام وقطاع النقل البري وسائر الاتحادات في المصالح المستقلة العامة والخاصة والمستشفيات الحكومية وهيئة التنسيق النقابية والمعلمين ونقابات المهن الحرة.

علي خ. سائق عمومي، يشكو وضعه الحالي، قائلاً: “السيارة العمومي لم تعد تطعم خبزاً، على الرغم من اعتمادي تعرفة السرفيس 100 ألف، وإذا كان المشوار خارج بيروت فالتعرفة تزيد وبحسب المنطقة، ولكن حتى الـ100 ألف ليرة لم تعد تنفع، فأنا أعمل من الثامنة صباحاً حتى السادسة مساء أي 10 ساعات، وطوال هذا الوقت لا أجني أكثر من 5 ملايين ليرة كحد أقصى، ومثلما تدخل الى الجيبة تخرج منها وأكثر، فأعيد تفويل السيارة أو تعبئتها بتنكة بنزين واحدة حسب الرزقة، وأكمل الى السوبر ماركت لشراء لوازم المنزل وحاجات عائلتي فلا يبقى معي إلاّ القليل جدّاً. ما العمل إذاً في حال تعطّلت السيارة واحتاجت الى قطع جديدة؟ لهذا السبب لدينا صرخة نوجهها الى الدولة الفاسدة التي أوصلتنا الى هذه المرحلة من العجز، فاليوم قادرون على تسيير أمورنا ولكن ربما غداً لن يدخل قرش واحد الى جيبي”.

ويحكي عامر م. الذي سيكون موجوداً في التحرك يوم الأربعاء عن عودته الى المنزل وفي جيبه 3 ملايين ليرة، “فأنا أقود السيارة في شوارع بيروت ولكن ليس من ركاب كثر، وفي ساعة واحدة قد يركب 3 أشخاص على الأكثر، وكأنّ اللبنانيين اعتكفوا عن ركوب السرفيس ولجأوا الى الباصات، فأنا لا أزال آخذ من الراكب بين 80 و100 ألف حسب المنطقة التي يتجه إليها، وأحس مع الراكب الذي يحكي لي معاناته، فكل منا لديه معاناة، أنا لدي عائلة أعيلها وابنة تحتاج الى أدوية السكري، اضافة الى صيانة السيارة وتعبئة زيت جديد لها كل فترة لا تتعدى الشهر، لذا ليس بيدي حيلة إلا المشاركة في التحرك يوم الأربعاء على الرغم من معرفتي أنه لن يقدّم ولن يؤخّر”.

شارك المقال