“فرح” جلبت الأمطار والثلوج… وزادت معاناة المواطنين!

حسين زياد منصور

تواصل “فرح” اجتياحها الأجواء اللبنانية، في ظل أوضاع معيشية صعبة، تعد الأسوأ منذ سنوات طويلة جداً، مع غياب أدنى متطلبات الحياة الكريمة وتأمين وسائل التدفئة من غاز ومازوت وحطب في ضوء الانقطاع المستمر للكهرباء.

منذ الأسبوع الماضي، حلت العاصفة ضيفاً ثقيلاً على لبنان تدنّت فيه درجات الحرارة بصورة كبيرة، وهي العاصفة الثلجية الأولى التي تضربه هذا الشتاء، مصحوبة بأمطار غزيرة، وكما في كل عام طافت الطرقات، وخلقت زحمة سير في مختلف الأراضي اللبنانية، وسببت الرياح العاتية أضراراً بالغة أعاقت حركة الناس في الشوارع، الى جانب تطاير اللوحات الاعلانية وألواح الطاقة الشمسية، وتساقطت ثلوج كثيفة تفاوتت سماكتها بحسب الارتفاع، فسجلت في بعض المناطق ما يقارب 15 سنتم، وقاربت المتر في القمم العالية، وأدت الى قطع طرق أساسية وحيوية بين البلدات خصوصاً في بعض المرتفعات الجبلية.

ومن الأضرار التي خلفتها العاصفة اقتلاع المزروعات من فواكه وخضار، وخسائر فادحة في بساتين الحمضيات والموز والخيم البلاستيكية، فضلاً عن حصول انهيارات في حيطان الدعم وبعض المنازل والمحال التجارية، وأدت الى اغلاق عدد من المطاعم والمقاهي، تحديداً تلك الموجودة على الخط الساحلي في بعض المدن، الى جانب توقّف الملاحة في مرفأ صيدا وحوض صيادي الأسماك، بحيث لازم مئات الصيادين اليابسة بعدما تعذّر عليهم الإبحار. ومن جهة أخرى أدت الى ارتفاع منسوب أنهر الليطاني والوزاني والحاصباني، وتفجر العديد من الينابيع وتدفق شلالات المياه.

جاءت هذه العاصفة في آخر يوم من كانون الثاني، بعدما مرّ كانون الأول من دون تساقط كثيف للأمطار والثلوج، ما أدى الى خسارة لبنان كمّيات كبيرة من المياه، في ظل سيطرة مخاوف من انقطاعها وجفاف المياه الجوفية.

“فرح” ومعدل المتساقطات

في حديث لموقع “لبنان الكبير” يشير رئيس دائرة التوقعات في مصلحة الأرصاد الجوية عبد الرحمن زواوي الى أن “هذه العاصفة لم تصل لغاية الآن الى كمية المتساقطات التي حصلنا عليها السنة الماضية، لأننا مررنا بفترة شح صعبة وطويلة خلال كانون الثاني الذي كان أشبه بفصل الربيع، لكن كمية الأمطار أصبحت جيدة وتحسنت الا أنها أقل من المعدل العام المتوسطي وحتى أقل من السنة الماضية”.

وعن قوة العاصفة يقول: “لا يمكن مقارنة العواصف ببعضها البعض، فلكل واحدة ميزة، لكن هذه العاصفة مقارنة بالعواصف القديمة تعد جيدة بسبب تساقط الثلوج بصورة جيدة وتراكمها على المرتفعات لما يقارب الـ 800 متر، واستمرارها يومي الثلاثاء والأربعاء بوتيرة أقل، وستخف الأمطار وسرعة الرياح، اما تساقط الثلوج فيكون على المرتفعات منخفضاً أكثر خلال الأيام المقبلة، ومن الممكن أن تتساقط على ارتفاع 600 متر مساء الثلاثاء وصباح الأربعاء”.

قلق من جفاف

وكان خبراء أعربوا عن قلقهم من ظاهرة احتباس الأمطار في لبنان منذ أسابيع عدة قبل مجيء العاصفة “فرح”، بعد أن سيطر الطقس المشمس على البلاد والذي أدى الى هبوط نسبة تساقط الأمطار والثلوج خلال هذا الوقت من العام، وما لهذا من تداعيات خطيرة.

ففي ذاك الوقت المشمس، كان من المفترض أن تكون جبال لبنان مغطاة بالثلوج، وأظهرت الأرقام والمعطيات أن تساقطها تراجع الى نصف المعدل الطبيعي خلال هذه الفترة، وأنه في حال استمرت هذه الظاهرة فإننا سنشهد حالة جفاف في فصلي الربيع والصيف.

عواصف ثلجية قاسية

وخلال السنوات الماضية، شهد لبنان العديد من العواصف الثلجية القاسية أبرزها “هبة” التي بدأت في الشهر الأوّل من العام 2022، ولحقتها “ياسمين” أوائل شباط الماضي ومهّدت لموسم تزلّج طويل، و”نورما” عام 2019، اما عام 2015 فعرفنا “هدى” و”ويندي”، فيما “أولغا” ضربت لبنان عام 2013، وتساقطت خلالها الثلوج للمرّة الثالثة على السواحل اللبنانية بعد العامين 1963 و1992 لم تنحصر بلبنان وحسب بل امتدّت إلى سوريا والأردن.

شارك المقال