الذكاء الاصطناعي… فائدة للبشرية أم خطر عليها؟

تالا الحريري

يبدو أنّ التطور الذي نشهده في الفترات الأخيرة لن ينعكس سوى بطريقة سلبية على الانسان، فقد سمح بايجاد حل لكل مشكلة في الطب والعلم والحياة عموماً، لكنه صحب معه الذكاء الاصطناعي الذي كان محط اعجاب لدى الكثيرين لما يوفره على الانسان من متاعب. هذا الذكاء الاصطناعي الذي تجسد في روبوتات وماكينات يمكنها أن تحل محل الانسان سواء في المعامل والصناعات أو حتى تنظيف المنازل تطور إلى حد الاستنساخ وهذا مؤشر غير سار، فبات قادراً على استنساخ صورة وجهك كأنّه أنت وصوتك كذلك، وقد اعتمد على الآلات والبرامج التي تحاكي القدرات الذهنية البشرية.

وأشار عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ أواخر العام 2014 إلى أن “تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لفناء الجنس البشري”، محذراً من قدرة الآلات على إعادة تصميم نفسها ذاتياً.

ووفقاً لمؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي الذي نشرته مؤسسة Tortoise Intelligence فقد ارتفع إجمالي الاستثمار في الذكاء الاصطناعي إلى مستوى قياسي بلغ 77.5 مليار دولار في العام 2021، مقارنة بـ36 ملياراً في العام 2020.

أمّا في الصين، فأعلن وزير العلوم الصيني وانغ تشياجانغ مؤخراً أن بلاده سوف تفرض قواعد لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، وذلك في ظل انتشار برنامج “شات جي.بي.تي” للبحث والمحادثة المدعوم بالذكاء الاصطناعي، في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وقال: “إن الحكومة سوف تستمر في مراقبة تطور هذه الخدمات على المدى الأطول من أجل فهم المخاوف الأخلاقية التي تحيط بالذكاء الاصطناعي وغيره من التكنولوجيات التحويلية”. وتأتي تصريحات وانغ بعد أن أرغمت الجهات الرقابية التطبيقات والمواقع الصينية على وقف خدماتها التي تقود المستخدمين إلى برنامج “شات جي.بي.تي”، وعزت السبب في ذلك جزئياً إلى مخاوف تتعلق بالمحتوى وأمن البيانات.

ما هو “شات جي.بي.تي”؟

طورت شركة أبحاث الذكاء الاصطناعي (OpenAI) في مدينة سان فرانسيسكو تقنية “تشات.جي. بي.تي”، وهو عبارة عن روبوت أو برنامج يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ يتحاور مع المستخدم ويجيب عما يطرح عليه من أسئلة بصورة مفصلة، ويتذكر كل الأسئلة التي طرحت عليه من قبل خلال الحوار الذي يتم وكأنه بين شخصين. تميّز بقدرته الفائقة والفورية على شرح مفاهيم معقدة بكلمات بسيطة، وهو غير متصل بشبكة الانترنت.

يستخدم “شات جي.بي.تي” في شرح مفاهيم علمية معقدة، وكتابة رموز رقمية تستخدم في البرمجة، كتابة مقالات وقصائد وقصص جديدة بأي أسلوب تتخيله، وتأليف نكات عن أي موضوع تحدده له.

الباحث في الذكاء الاصطناعي والمدرس علي مخ أكد لـ “لبنان الكبير” وجوب “أن ننظر الى الذكاء الاصطناعي مثل أي تكنولوجيا تقوم بنقلة نوعية في الحياة كالانترنت أو انتشار الهواتف الذكية، لها حسناتها ولها سيئاتها، والسيئات مرتبطة بالاستعمال”.

وأوضح أن “العمل على تطور الذكاء الاصطناعي لاعطاء فائدة للبشرية أكثر، وهو نوعية جديدة من الخوارزميات تتكل بصورة أساسية على الـdata وتعطينا نتائج قريبة جداً من تصرفات البشرية وأحياناً تتخطاها. فهي قادرة على أن تتمرن على مجموعة كبيرة من الصور الاشعاعية الطبية وتستطيع أن تعطينا لاحقاً نتائج أو تحليلات لها علاقة بالسرطان والـxray وأخرى تفوق الكثير من الأطباء. ولها أيضاً مخاطر، بتطبيقات سيئة مثل التطبيقات العسكرية وهي بطبيعة الحال مؤذية لأنها تقتل الناس”.

وأشار إلى أنّ “هذه التطبيقات يمكن أن لا تكون مصنوعة بصورة سيئة، ولكن قد يكون لها أثر آخر وهي أن تعوّد الناس على الاتكال على هذه التكنولوجيا. فمثال على ذلك أصبحنا خاضعين لتطبيقات معينة وتخلّينا عن الاعتماد على أنفسنا وهذا ما يجعلنا نقوم بمشاركة معلوماتنا. ومع تطور نماذج اللغة مثل (شات.جي.بي.تي) من الممكن أن يتعوّد الناس على عدم البحث بدقة، نحن لا نزال في مرحلة يجب أن نراجع ما وراء هذا الذكاء الاصطناعي”.

ولفت إلى وجوب “توعية الناس على أهمية الـdata التي يملكونها، فهناك بعض الخوارزميات التي تأخذ كمية هائلة من الـdata وأصبحت قادرة على فهم الانسان أكثر من نفسه مثل تطبيقات أمازون وعلي بابا وحتى يوتيوب، فمع الوقت يفهمون ما يحبه الانسان ويقومون بعرضه دائماً له ولكن هذه لها سيئات أيضاً. وفي جانب آخر نتخيل أن هناك دولاً فيها سيطرة لأصحاب الأموال الكبيرة على القرار والميديا يمكننا أن نلاحظ أنّه يمكنهم استعمال الميديا مع الذكاء الاصطناعي مثلما حدث في الحملة الانتخابية لدونالد ترامب في أميركا حيث كانوا قادرين على توجيهها، أو وجود ميديا مخصصة بهدف معين لكل فئة من الناس”.

شارك المقال