هجوم غربي قوي على “تيك توك”… ومستقبله في خطر

حسين زياد منصور

لا يزال تطبيق “تيك توك” المملوك لشركة “بايت دانس” الصينية يشغل العالم بأسره، فبعد الرواج الكبير الذي حصده، ما جعله منذ أشهر تحت مراقبة الغرب ومطاردته، خوفاً من وقوع بيانات المستخدمين في أيدي الصينيين، عبّر مسؤولون غربيون عن تزايد قلقهم من التطبيق، وأثارت البيانات التي يحصل عليها مخاوف الكثير من وكالات الاستخبارات العالمية من تسرب معلومات سرية وحساسة، فيتهم التطبيق بجمع بيانات المستخدمين وتسليمها الى الحكومة الصينية.

على الجهة الأخرى، أقرّ “تيك توك” في وقت لاحق بأنّ بعض الموظفين في الصين يمكنهم الوصول إلى بيانات المستخدمين الأوروبيين، وبأنّ موظّفين استخدموا هذه البيانات لتعقّب صحافيين.

وأوضحت الشركة أيضاً أنها مستقلة تماماً ولم تقدم أي بيانات تتعلق بالمستخدمين إلى الحكومة الصينية، ولن تفعل حتى لو طلب منها ذلك، مشيرة الى أن بيانات المستخدمين الأميركيين تم توجيهها عبر خوادم مقرها الولايات المتحدة منذ الصيف الماضي، وعملت على تسريع المحادثات مع الحكومة الأميركية حول خطط لتخزين بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة بدلاً من الصين. ولفتت الى أنها بصدد إنشاء مخازن بيانات في مختلف أنحاء العالم منها أيرلندا حيث تعالج الآن بيانات المستخدمين البريطانيين، فمنذ العام 2020 يحاول المسؤولون التنفيذيون في “تيك توك” طمأنة الناس بأن الموظفين الصينيين لا يمكنهم الوصول إلى بيانات المستخدمين غير الصينيين.

أبي نجم: الموضوع أصبح خطيراً

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير”، يقول المستشار في أمن وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي رولاند أبي نجم: “بعد عمليات الحظر في كندا والولايات المتحدة وأوروبا يظهر أن الموضوع أصبح خطيراً. قضية التيك توك لها عدة جوانب سياسية واقتصادية ومالية وأمنية، فمن الناحية السياسية، لا تخفى الحرب الصينية – الأميركية، وهناك نقطة مهمة جداً وهي عدم وجود تطبيق تيك توك في الصين، التي تعتمد برنامجاً آخر يعمل فيها فقط، في الوقت الذي ينتشر فيه في مختلف دول العالم وهو ما يؤكد المخاوف والفرضيات الغربية ومدى خطورتها”.

ويشير الى أن “المشكلة الأساسية هي في البيانات التي يحصل عليها، وخصوصاً لدى الأميركيين بحيث أصبحت لديه سيطرة كبيرة على عدد كبير من المستخدمين، ومن خلال البيانات والمعلومات التي يحصلون عليها تمكنهم من معرفة تفاصيل دقيقة بخصوص الأميركيين حول ما يريدونه أو يحبونه ويفضلونه، فبإمكانهم في هذه الحالة اظهار محتوى يؤدي الى تغيير آراء الأميركيين أو غسيل دماغ”.

ويوضح أن “هناك النقطة الاقتصادية والمالية التي بدأت خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عندما كان من ضمن شروطه لعدم حظر تيك توك أن يكون المقر الأساس في أميركا وأن تكون هناك نسبة كبيرة من المسؤولين والمدراء والموظفين من الأميركيين، أي بين 15 و25 الف موظف أميركي، وهي نقطة أساسية في تخفيف نسبة البطالة الأميركية، وفي الوقت نفسه تصبح الشركة مضطرة الى دفع الضرائب لأميركا وهو ما يساعدها على الصعيد المالي والاقتصادي، لكن في النهاية لم يرضخ تيك توك لهذه الشروط، وكانت النتيجة بدء حظر التطبيق في مختلف دول العالم”.

حظر غربي

الولايات المتحدة:

يشهد اليوم تطبيق “تيك توك” هجمة غربية قوية أميركية وأوروبية، وذلك تحت مسمى حماية البيانات، فالسلطات الأميركية أظهرت انفتاحها على المزيد من الاجراءات التي تهدف الى السيطرة عليه، خصوصاً بعدما بدأ التشريع الذي يحظر هذه المنصة في الولايات المتحدة بشق طريقه عبر الكونغرس، وأمهل البيت الأبيض فرصة 30 يوماً للهيئات الحكومية للتأكد من عدم وجود التطبيق على أي من الأجهزة أو الأنظمة التابعة للحكومة الاتحادية.

وكان بعض المشرّعين الأميركيين اعتبروا أن هذا التطبيق يشكل تهديداً للأمن القومي، ففي 27 كانون الأول 2022 أصدر مجلس النواب الأميركي مذكرة داخلية بضرورة حذف “تيك توك” من هواتف المشرّعين والموظفين في المجلس بسبب مخاطره الأمنية.

ومن المتوقع أن يقر الجمهوريون في الكونغرس تشريعات أخرى في الأسابيع المقبلة، من شأنها أن تمنح الرئيس جو بايدن سلطة حظر التطبيق على الصعيد الوطني، وسط مطالبات سياسيين بفرض حظر تام على تطبيق “تيك توك”.

وتجدر الاشارة الى أن ولايتي نيوجيرسي وأوهايو الأميركيتين حظرتا التطبيق في كانون الثاني الماضي عن الأجهزة الحكومية فيهما.

كندا:

وحظرت الحكومة الكندية تطبيق “تيك توك” على كل هواتفها وأجهزتها، ثم عادت وحذرت من أساليب جمع البيانات في التطبيق مما يتيح الوصول الى محتويات الهاتف، وذلك بعد مراجعة أجراها كبير مسؤولي المعلومات في البلاد وقرر أن التطبيق يمثل “مستوى غير مقبول من المخاطر على الخصوصية والأمان”.

وخلال الأسبوع الماضي فتح مفوّض الخصوصية الكندي تحقيقاً بخصوص جمع واستخدام المعلومات الشخصية للمستخدمين يستهدف “تيك توك”.

يذكر أن العلاقات الكندية – الصينية تدهورت بعد موافقة كندا على طلب القضاء الأميركي إيقاف مسؤولة كبيرة في شركة هواوي في العام 2018، وكان الرد الصيني حينها بتوقيف كنديين.

أوروبا:

وعلى الصعيد الأوروبي، حظرت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي التطبيق عن أجهزتها، وأمهلت الموظفين حتى منتصف الشهر الجاري لحذف التطبيق والا فقدوا الوصول إلى بريدهم الالكتروني، موضحة أن هذه الخطوة ضرورية لتعزيز الأمن السيبراني وحماية المفوضية من تهديدات الأمن الالكتروني والهجمات الالكترونية.

وأعلن البرلمان الدنماركي أنه طلب من أعضاء البرلمان والموظفين ضرورة إزالة “تيك توك” بسبب خطر التجسس، وذلك بعد توصيات من مركز الأمن السيبراني الدنماركي. وفي هولندا طلبت الحكومة من المسؤولين الابتعاد عن المنصة بسبب المخاوف الأمنية، واضطرت وزيرة العدل النروجية الى الاعتذار لعدم كشفها عن تحميل “تيك توك” على هاتفها الخاص بالعمل.

اما في المملكة المتحدة وعلى الرغم من وصف زعيم حزب المحافظين السابق إيان دنكن سميث التطبيق بأنه “حصادة بيانات للحكومة الصينية”، وتحذير رئيسة لجنة الشؤون الخارجية من أن المنصة تسمح للصين باستغلال نقاط الضعف الا أن السلطات لم تتخذ أي إجراءات بعد، بحيث يستخدمه 23 مليون شخص فيها.

الهند:

اتخذت الهند في العام 2020 إجراءات عدة أدت الى حظر التطبيق، ومعه عشرات المنصات الصينية. ولدى التطبيق أكثر من مليار مستخدم حول العالم بينهم 100 مليون في الولايات المتحدة، ويعد سادس أكثر منصّة اجتماعية استخداماً. وسيكون لحظر الولايات المتحدة “تيك توك” تأثير كبير على المنصة لأن حلفاءها سيحذون حذوها، وذلك بعد أن قادت دعوات لمنع “هواوي” من الانتشار في البنية التحتية للجيل الخامس، وقطع الطريق أمام الصينيين لاستغلال التقنيات الرقمية وبيانات الأميركيين. من جهة أخرى لا خوف في الصين من التطبيقات الأميركية لأنها محظورة عن أجهزة المواطنين منذ سنوات عديدة، ومع تصاعد التوترات بين الصينيين والأميركيين يبدو مستقبل “تيك توك” في خطر أكثر من أي وقت.

كلمات البحث
شارك المقال