الدفاع المدني في طرابلس… حاجة ملحة تصطدم بغياب الدّعم

إسراء ديب
إسراء ديب

يعيش الكثير من أهالي طرابلس حال قلق متزايد وتوتر غير مسبوق نتيجة الهزات الارتدادية المتتالية التي ضربت المدينة، ولا يزال عدد كبير من سكانها يُواجهون “وسواساً قهرياً” يُشعرهم في كلّ لحظة بهزات يختلّ معها توازنهم ويُنذر الكثيرين منهم بضرورة إخلاء منازلهم، والبعض تمكّن فعلاً من المغادرة وتوجه إلى منزل أحد المقرّبين، فيما البعض الآخر يستعدّ للانتقال إلى أيّ مكان آخر يلجأ إليه عند شعوره بالخطر، من هنا يُعلّق عدد كبير من الطرابلسيين على أهمّية مركز الدفاع المدني في المدينة الذي كان لجأ إليه المئات من المواطنين في لحظات عصيبة.

بعيداً عن الأبنية وفي ظلّ ظروف صعبة كانت مستجدّة على المدينة مع زلزالي تركيا وسوريا، شعر مواطنون بأهمّية رعاية عناصر الدفاع المدني لهم وتحديداً في مركزهم المهمل بالقرب من سكة الحديد في الميناء. وفي اليوم العالمي للدفاع المدني، يُمكن القول إنّ ضرورة تفعيل مركزه كما دعم عناصره الذين يبلغ عددهم 60 عنصراً تقريباً، بات حاجة ملحة تصطدم بغياب الدعم الرسمي لهذا المركز الذي يُقسم متابعون لهذا الملف أنّه مهمل كما تُهمل القوى الرسمية والحكومية أيّ ملف آخر مرتبط بطرابلس.

في الواقع، لم يتخلَ العناصر يوماً عن مدينة طرابلس، ففي زمن الحرائق كانوا حاضرين على الرغم من انعدام المؤهلات والخصائص التي تُشجعهم على الاستمرار في ظروف كان أقساها الاحتراق المستمرّ الذي طال مكبّ النفايات في المدينة واستمرّ لأيّام من دون توقف، ما كان يُحمّلهم مسؤولية كبيرة أمام المواطنين الذين نزح الكثيرون منهم حينها من مناطقهم وأحيائهم خوفاً من حدوث انفجار كبير كان يُهدّد المدينة ولا يزال، لكنّ العناصر سارعوا في تلك الظروف إلى التدخل بصورة عاجلة، معززين بالآليات الآتية من مراكز متعدّدة لاخماد النيران منعاً لتجدّد الحريق.

وفي زمن غرق المراكب الهاربة من جحيم الفقر والحرمان أو ما يُعرف بـ”زوارق الموت”، لم تتنازل هذه المديرية أو تستسلم يوماً في البحث عن جثث أو ناجين، خلال أيام تجاوزت الخمسة، إذْ واصلت وحدة الانقاذ البحري في الدفاع المدني ومن المراكز البرية المجاورة، العمل على المساعدة في عمليات الانقاذ والمسح الشامل بحراً وبراً لايجاد مفقودين بعد غرق المركب قبالة شواطئ طرابلس العام الفائت.

وبقدرات محدودة لا تكتمل في مهمّاتها إلّا بمؤازرة مراكز أخرى، يُواجه مركز الدفاع المدني في طرابلس إهمالاً قاسياً، وعلى الرّغم من صعوبة خيار “البحث عن المؤازرة” وعدم صوابيته نظراً الى أهمّية اكتفاء كلّ مركز بمؤهلاته وعناصره (ما يُشير إلى النقص الذي يُكبّل أيّ تحرّك إنساني وإغاثي)، يُحاول العناصر تكريس وجودهم وتقديم دعمهم للناس بعيداً عن فكرة تثبيتهم رسمياً في هذه المديرية، التي يُؤكّد المعنيون أنّ واقعها بات في تأزم أكبر مع ارتفاع سعر صرف الدولار، وأنّ المساعدات السابقة كانت بالكاد تكفي تأمين الحاجات الأساسية.

ولا يخفى على أحد أنّ الوضع بات كارثياً حالياً ويحتاج إلى دعم مستمر، ولكن وفق المتابعين فإنّ “وضع هذه المديرية في طرابلس كان ولا يزال سيئاً ولا يحظى بدعمٍ حتّى من بعض الفئات الشعبية التي ترى أنّ الدفاع المدني يُقصّر في مهمّاته ويتأخر في تنفيذها، وهو ما يدفع أحد المعنيين إلى الردّ والتشديد على أنّ العناصر الذين لا يتحدّث أحد عنهم وعن واقعهم، يشعرون بالنقص مع إهمال المعنيين وغياب الدعم الرسمي أو الدولي لهم، وكأنّ هذه الدّولة لا تراهم ولا تسمح لأحد برؤيتهم وتحرمهم من أبسط حقوقهم، وهم يبقون اليوم في خيمة بيضاء غير مجهزة ملتصقة بمركزهم غير المؤهل للاستمرار، ولا ننسى أنّهم منذ فترة قريبة كانوا سلّموا مفاتيح آلياتِهم معلنين الاستمرار في إضرابهم الى حين قبض مستحقاتهم وتحقيق مطالبهم، لكنّهم لا يُنفذون ذلك حرفياً، ويلبّون نداء الانسانية والاستغاثة قدر المستطاع”.

وكان رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال النقيب شادي السيد احتفل مع العناصر بيومهم، ومع أنّه لا يمكنهم التصريح إعلامياً بأوامر إدارية خاصّة صدرت تحديداً بعد عملية احتراق المكبّ، تحدّث السيّد في تصريح عن معاناتهم، فأكد أنّ “المركز متروك لمصيره”، مشيراً إلى أنّ العناصر كانوا قاموا بترميمه وتحسينه، لكن من دون مؤازرة رسمية.

كما لفت السيّد الى المعاناة التي تُواجهها المديرية طرابلسياً مع غياب التجهيزات والآليات المناسبة كما غياب دعم الدولة أو الجمعيات الخيرية، مشدداً على أن لا آليات صالحة، فبعضها بلا بطاريات، وأخرى بلا وقود، كما هناك آليات معطّلة.

شارك المقال