الطبابة والاستشفاء… للأغنياء فقط

جنى غلاييني

هموم اللبناني وأعباؤه لا تنتهي، بل تتزايد يوماً بعد يوم وتأتي من حيث لا يدري، فإذا كان غارقاً في فواتير الكهرباء والمياه والمواد الاستهلاكية وغيرها يجد نفسه فجأة أمام باب المستشفى غير قادر على الدخول إليه ولا الاستغناء عنه نظراً الى حاجته الطارئة اليه، ولكن بمجرد دخوله سيغرق في هم فاتورة الاستشفاء وما يتبعها في حال استدان المال، أما إذا استغنى عن العلاج فسيعيش مع وجعه أو مرضه الذي سيعرّض حالته الصحية الى المزيد من السوء.

هناك العديد من اللبنانيين المسجلين في خلال الضمان الاجتماعي أو لديهم تأمين صحي أو الاثنين معاً، وهذه الفئة الأخيرة من الناس لا تجد صعوبة في دفع فاتورة المستشفى نظراً الى تغطية شركات التأمين القسم الأكبر من المصاريف العلاجية كافة، ولكن من يملك ضماناً اجتماعياً فقط لن يشعر بأن هناك من يغطي مصاريفه الاستشفائية وذلك بسبب استمرار الضمان في دفع فواتير المرضى للمستشفيات على الـ 1500 ليرة.

منى ع. موظفة في محل ثياب، أرملة وأم لأربعة أطفال تروي لموقع “لبنان الكبير” معاناتها خلال الأسبوع الماضي حين حاولت إدخال طفلها الى المستشفى، قائلةً: “كسر ابني يده في المنزل فأسرعت به الى المستشفى الذي لم يقبل بإدخاله قبل دفع مبلغ معين لم أكن أحمله في جيبي ولا حتى قادرة على تأمينه صراحةً، فبقي طفلي في الطوارئ لمدة ثلاث ساعات لم تتم معالجته إلا بإعطائه مسكناً منتظرة المال الذي سيمكنه من الدخول الى العملية، ولكن الحمد لله تكفّل شاب من منطقتي بفاتورة المستشفى، والمهم أن طفلي أجرى العملية، لكن الأهم لدي الآن هو احتمالية الاضطرار للدخول الى المستشفى في المستقبل القريب، فإذا مرض أحد أبنائي أو تأذى واحتاج الى المستشفى من أين سآتي بكلفة العلاج؟”.

كثيرون من هم بحاجة الى دخول مستشفى لكنهم يتراجعون عن ذلك مستسلمين لخطر ازدياد مرضهم أو لمواجهة الموت. طارق س. أستاذ مدرسة رسمية، يشرح وضعه الدقيق وحاجته الضرورية الى دخول مستشفى، بالقول: “منذ شهرين وأنا أعاني من أوجاع دائمة في ظهري، وتبين أن لدي ديسك وفتق وكوني مسجلاً في الضمان الاجتماعي ولا أملك أي تأمين صحي، وجدت أنني سأغرق في كلفة الاستشفاء لأن الضمان لن يغطي شيئاً بسبب استمرارية دفعه على 1500 ليرة وفرق الكلفة سيكون من جيبي، وهو أكثر من الذي سيدفعه الضمان. لذا فعلياً موافقة الضمان لا تعني شيئاً، وحتى الآن لم أجرِ العملية كونها مكلفة، وكمدرس رسمي في لبنان حالتي أصبحت معروفة فنحن نعيش عيشة الفقراء، والفقراء لا طبابة لهم بعد الآن إنما يجب أن يتعايشوا مع أوجاعهم المعيشية والصحية، وليتركوا المستشفيات يدخلها الأرستقراطيون فقط والذين لا فرق لديهم بين الليرة والدولار”.

أما سوزان ن. موظفة في مصرف في بيروت، فلا تجد صعوبة كبيرة في دخول المستشفى لأن لديها تأميناً صحياً، وتشير الى أن “من لديه تأمين بتغطية 100٪؜ لن يجد نفسه أمام همّ دفع مصاريف العلاج، فأنا أجريت منذ حوالي الأسبوعين منظاراً للمعدة ولم أدفع أي مبلغ إضافي لأن تأميني يغطي كل المصاريف”.

شارك المقال