“ست الحبايب”… عيد مفعم بالحب بلا هدايا

جنى غلاييني

هو أجمل الأعياد على قلوب اللبنانيين، يأتي ككل سنة مليئاً بالكثير من الحب والحنان والعاطفة لست الحبايب، لكنه “ناشف” مقارنةً بالسنوات الماضية التي كان يحتفل فيها بعيد الأُم بصورة أبهى وأشمل، فالوضع المادي المتردي التي يعيشه معظم اللبنانيين جعلهم يتخلون عن الهدايا الفخمة كالذهب أو الأدوات المنزلية وغيرها من الأمور التي واكبت ارتفاع الأسعار الجنونية، والاكتفاء اما بباقة ورد وقالب كاتو، على الرغم من أنهما باتا يسعران بالدولار أيضاً.

حينما كان الدولار على الـ1500 ليرة، لم تكن الهدايا والاحتفالات بعيد الأم تشكل عبئاً على جيب المواطن، مهما كانت تكلفتها، ولكن بعدما تهاوت الليرة مقابل الدولار لتصبح على مشارف 130000 تبخر ذلك وبَهُتت الأعياد وخلت الجيوب، وباتت الكلمة والمشاعر الطيبة خير اهداء.

في جولة لموقع “لبنان الكبير” في أسواق بيروت، ساد الهدوء والجمود، فلا أصحاب المحال يبيعون ولا الزبائن يشترون. ويشرح خليل ت. صاحب محل ذهب في منطقة عائشة بكار عن وضع سوق الذهب في فترة عيد الأم، قائلاً: “حركة التسوق في سوق الذهب شبه جامدة، فبعد غلاء سعره عالمياً لن يُقدم أحد على شرائه ولو حتى في عيد الأم، لذا تخلت الناس المقتدرة هذا العام عن إهداء أمهاتها الذهب وهناك من استبدله بالفضة الذي يبقى مناسباً كهدية ولو لم تكن قيمته المادية كبيرة”.

الذهب في قائمة الهدايا التي استُبعدت في عيد الأم، فماذا عن باقي الأمور؟ تقول كوثر ب. صاحبة محل لبيع الأدوات المنزلية في برج أبي حيدر: “الزبائن الذين يشترون الهدايا يُعدّون على الأصابع، فمنهم من يشتري طقم طناجر للمطبخ ومنهم من يشتري خلّاطاً أو أي قطعة تنقص الأم في مطبخها، ونظراً الى ارتفاع الدولار بصورة هستيرية فلا حركة ولا بركة في عيد الأم هذه السنة”.

وفي سوق البربير، تقول جومانة مرعي التي كانت تنظر الى إحدى واجهات محال الثياب: “أتجول في الأسواق لأخذ فكرة عن الأسعار الجهنمية، فلا شيء معقول ولا قطعة تشترى حتى أقل هدية إذا رغبت في شرائها لوالدتي لا يقل سعرها عن 40 دولاراً. إنه لأمر حزين أن نصل الى مرحلة لم نعد فيها قادرين على شراء ولو هدية بسيطة لأمهاتنا في عيدهن لاسعادهن”. وتضيف: “طلبت مني والدتي مرّات عدة أن لا أشتري لها هدية هذا العام، وهذا ما تفعله كل سنة، ولكن يحزنني أنني غير قادرة فعلياً على إهدائها شيئاً، ولا حتى شراء قالب كاتو لسعره المرتفع، فالعين يصيرة واليد قصيرة، لذا، اتفقت مع اخوتي على أن نتشارك فيه ولو كان حجمه صغيراً فهذا كافٍ لإسعادها، وأرغب أن أقول لوالدتي انني ممتنة بأنها جعلت مني امرأة قوية أُشبهها في كل شيء”.

وعلى الجهة الأخرى، تقف ولاء عيتاني في محل ثياب تبحث عن عباءة جميلة تناسب والدتها، وتقول: “منذ ساعتين وأنا أتجول في السوق باحثة عن هدية لأمي، وحتى إذا أردت أن أهديها عباءة منزلية فستكلفني ما في جيبي، كما تخليت عن فكرة إهدائها وروداً وإحضار قالب حلوى، وأظن أنني سأتخلى عن شراء هدية أيضاً فالأسعار صادمة ولا شيء طبيعياً وكأن اللبنانيين أجمع أصبحوا يتقاضون رواتبهم بالدولار! لا يمكن أن يجعلونا نعاني في أوقات سعادتنا خصوصاً في عيد الأم المميز لدى الجميع”.
وتؤكد أن “غاليتي تعلم بحالي ولو لم أهدها شيئاً، ولا تنتظر مني الا نجاحي وأن تكون فخورة بي، ومهما قلت فلن أفيها حقها وهدايا العالم لا تكفي حتى ولو أهديتها قلبي”.

شارك المقال