“ست الحبايب”… أيقونة عيد الأم المفعمة بمشاعر العرفان

زياد سامي عيتاني

“ست الحبايب يا حبيبة… يا أغلى من روحي ودمي…”، مطلع أغنية الفنانة فايزة أحمد التي كتب كلماتها الشاعر الكبير حسين السيد ولحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، تعتبر أشهر أغنية قدمت للمناسبة على الاطلاق، لا بل تعتبر أيقونة الاحتفال بعيد الأم، التي تصدح بها كل عام محطات الاذاعة والتلفزيون في المناسبة العظيمة، لما تحمله كلماتها المعبرة من الحب والعرفان لأمهات أحطن أبناءهن بمشاعر الحب والتضحية.

القصة المتداولة للأغنية:

تناول الكثير من المقالات والتحقيقات الصحافية قصة الشاعر السيد، الذي كان مرتبطاً بوالدته إرتباطاً وثيقاً، نظراً الى أنه الإبن الوحيد، وله شقيقتان، فكان يربطه بها حب شديد، ودائماً ما كان يدللها ويناديها بـ”ست الحبايب”.

على الرغم من حب الشاعر السيد وتقديره لأمه، إلا أنه فوجئ قبل أن يطرق بابها في 20 آذار من العام 1958، أنه لم يحضر هدية عيد الأم، فلم يجد أفضل من أن يكتب لها كلمة صادقة من قلبه، وكالمعتاد كانت تلازمه دائماً أدواته من ورقة وقلم، فبدأ بالكتابة، وفاجأها بالكلمات التي سعدت بها لأنها تعبر عن إحساسه لها.

وما لبث أن حصل على موافقتها لتحويل هذه الكلمات إلى أغنية تحمل إسم “ست الحبايب”، فإتصل على الفور بصديقه عبد الوهاب الذي فوجئ بها، وطلب منه الحضور على الفور للتدريب عليها، وفي 15 دقيقة فقط، ولشدة جمال الكلمات كان عبد الوهاب قد إنتهى من تلحينها، وطلب الفنانة فايزة أحمد الى منزله، فسارعت الى الحضور، وظلت ساهرة حتى الساعات الأولى من فجر يوم 21 آذار لتتدرب على الأغنية. وفوجئ الشاعر السيد ووالدته أنها تذاع الساعة العاشرة صباحاً في الاذاعة بصوت عبد الوهاب وهو يعزف على العود، وفور بثها حفظتها كل أذن سمعتها، ورددتها كل الألسنة لأنها اخترقت القلوب بقوة تأثير كلماتها، ثم قامت بتسجيلها الفنانة فايزة أحمد مساء 21 آذار.

إبنة السيد تدحض القصة المتداولة:

هذه الرواية المنتشرة بصورة كبيرة، نفتها إبنة الشاعر الكبير الدكتورة حمدة حسين السيد، بعدما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية، لتؤكد أن كل ما يتردد غير صحيح، وأنه عند كتابة “ست الحبايب” كان الاحتفال بمناسبة عيد الأم، لم يتقرر بعد، موضحة أنه بعد إقتراح الكاتب علي أمين فكرة إقامة عيد الأم، تحمس وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة لها، ونشرت الفكرة في مقال صحافي.

وأوضحت أنه تم الاتصال في البداية بالموسيقار محمد عبد الوهاب، والاتفاق معه على تقديم أغنية للمناسبة، وهو من رشح الشاعر حسين السيد لكتابتها، وبعد أن كتبها، كان يفكر في تقديم الفنان عبد الحليم حافظ الأغنية، الا أن عبد الوهاب قام بإختيار فايزة، وبالفعل غنتها بعد 48 ساعة فقط.

“الكواكب” تروي قصة مختلفة:

مجلة “الكواكب” نشرت في أيار 1958 كواليس تسجيل الأغنية، وأكدت أن الناشطة النسائية زينات الجداوي، التي تولت لجنة تنظيم احتفالية عيد الأم، هي من إقترحت على المسؤولين في الاذاعة إعداد أغنية خاصة بهذا العيد ضمن البرنامج الذي تعدّه لهذه المناسبة، وإتصلت بالموسيقار محمد عبد الوهاب، وبدوره كلّف حسين السيد بوضع الكلمات، وعندما سمع مطلعها منه، دندنه الموسيقار، وقال إن الصوت الأصلح ليؤدي هذه الأغنية هو صوت فايزة أحمد، التي ذكر المقال أنها ذهبت بعد ذلك إلى منزل عبد الوهاب لتسمع اللحن، وقضت السهرة في بيته، واقترحت تعديل بعض الكلمات.

وفي منتصف الليل إنضم حسين السيد إليهما، وعدّل في الكلمات، كما عدّل عبد الوهاب في اللحن أيضاً.

وفي صباح اليوم التالي، ذهب الثلاثة إلى الاذاعة لتسجيل الأغنية. وسُجلت عشرين مرة، ولكن عبد الوهاب لم يعجبه أي تسجيل منها، وأصر على أن يعاد التسجيل في استديو مصر، وطلب فرقة موسيقية خاصة دفع أجرها من جيبه، وفي يوم العيد أذيعت “ست الحبايب”، وتلقّت الاذاعة عشرات الطلبات لاعادة إذاعتها، واستمرّت في تقديمها مرات عدة في البرامج اليومية نزولاً عند إلحاح المستمعين.

أياً تكن القصة الحقيقية لأغنية “ست الحبايب”، فإنها وبلا أدنى شك قد حفرت بكلماتها ولحنها وأدائها بأحرف من نور في وجدان كل الأجيال المتعاقبة، عندما تنطلق كل عام بمناسبة عيد الأم عبر الأثير في سماء عالمنا العربي.

أسرة “لبنان الكبير” تتقدم من كل الأمهات بالتحية والتهنئة، وكل عام وأنتن تاج رضا يكلل رؤوس أبنائكن.

شارك المقال