بسطات الجلّاب والعصير… “تعصر” جيبة اللّبناني

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

أصبحت عربات بيع العصير والجلّاب في لبنان خلال شهر رمضان من رموزه. ففي كلّ حيٍّ يصطفّ أصحاب بسطاتٍ متواضعة على مفارق الطريق، يزيّنون عرباتهم بزينة رمضان، ويصفّون قناني العصير الطبيعي، الجلاب، التمر الهندي والكوكتيل بطريقة تشّد أنظار العابرين الّذين ينتهي بهم الحال محملّين بها قبل التّوجه الى المنزل للافطار.

أمّا اليوم، ومع “كوكتيل” الأزمات الّتي يعيشها اللبناني، فأصبحت الأساسيّات كماليّات يُستغنى عنها، لتحُلَّ مكانها أساسيّات بسيطة ومع ذلك يعجز الكثيرون عن تأمينها.

أتى شهر رمضان هذه السّنة ليعيش الغلاء الفاحش الّذي تعيشه بقّية الأشهر منذ هبوط قيمة الّليرة اللّبنانية أمام الدولار، فالصيام بات عند الكثيرين عادةً قسرية لا فرضاً دينياً، لعدم قدرتهم على تأمين لقمة عيشهم.

الغلاء طال جميع القطاعات فأصبحت الّدولرة الحل الوحيد أمام التُجّار والعاملين ليحفظوا حقوقهم ويحاولوا الاستمرار في مصالحهم. وقد طالت الدولرة أيضاً هذه السّنة قناني العصير والجلّاب الموجودة على البسطات في الشارع، فسعّرها البائعون بالدولار، مُجبرين، على حدّ قولهم.

في نظرة سريعة على الأسعار، نرى أن سعر قنينة ليتر من عصير الليمون بحدود الـ ٣٠٠ ألف، الجلّاب ٢٥٠ ألفاً، عصير التفاح ٤٠٠ ألف، عصير الجزر حوالي ٣٠٠ ألف، الكوكتيل ٦٠٠ ألف، والتّمر الهندي ٣٥٠ ألفاً، أيّ أنّ سعر الّليتر يتراوح بين ٣ و٦ دولارات بحسب نوعه، وهذا يعني أن تكلفة العصير وحدهُ لعائلة صغيرة في شهر رمضان تقارب الـ ١٠٠ دولار شهرياً، وهذا الرّقم الّذي يُشكّل لفئة كبيرة قيمة راتبها الشهري أو نصفه، “يعصرُ” جيبة اللّبناني ولا يرويه أبداً.

يقول عدنان، رجل خمسيني، صاحب أحد بسطات العصير في بيروت إنّه متخوّف من الاقبال هذه السّنة، فالعصير والجلاّب أصبحا من الأمور المُستبعدة عن مائدة الإفطار نظراً الى غلاء سعرهما. ويوضح “أننا نشتري قناني البلاستيك من أصحاب محال الجمّلة بالدولار، أضف الى ذلك كميّة من الفواكه الّتي أصبح سعرها باهظاً أيضاً، فبالكاد نربح في كلّ قنينة القليل من المال أجرة تعبنا. أمّا الجّلاب فارتفع سعره أيضاً هذه السّنة، وفي السّابق كنّا نقدّم معه علبة مكسّرات، أمّا اليوم فأصبحت حلماً لأن سعرها أغلى من قنينة الجلّاب”. ويؤكد “أننا نتفهّم أوجاع الشّعب فنحن فقراء انتهى بنا الحال على هذه البسطات لعلّنا نجمع القليل من المال للاستمرار على قيد الحياة”.

شارك المقال