افطارات المطاعم الجنوبية تنقصها “تفويلة”

نور فياض
نور فياض

لطالما عرف لبنان ومناطقه كافة من الشمال الى الجنوب، بجو السهر والفرح، لكن هذه الظاهرة أصبحت خجولة وتتفاوت نسبتها من منطقة الى أخرى بسبب الأزمة الاقتصادية وغلاء المحروقات اللذين أرخيا بظلالهما على عادات المواطن اللبناني وخصوصاً تلك المتعلقة بالافطار في المطاعم، كما ساهم غلاء الأسعار في ارتفاع كلفة الافطار، ما قلّص عدد روادها الذين عادة ما يقصدونها في الأمسيات الرمضانية.

لا شك في أن الأمور اختلفت بين الماضي والحاضر، فجوانب الحياة تغيرت والتقاليد أصبحت في عداد الذكريات الجميلة. وتتميز مائدة رمضان هذه السنة بالتواضع، واللبناني يحاول الصمود وهو يلفظ آخر أنفاسه كما سائر القطاعات، ومنها المطاعم التي سعّرت هذه السنة افطارها وسحورها بالدولار.

في الجنوب، وتحديداً صور نجد فئتين من الناس، فئة “تكزدر” على الكورنيش البحري وتنظر بحسرة الى الفئة الثانية التي تجلس في المقاهي والمطاعم غير آبهة بالوضع الاقتصادي المرير الذي يمر به البلد.

ويوضح لؤي فقيه صاحب مقهى “قهوة لؤي” لـ”لبنان الكبير” أن “الاقبال على سهرة ما بعد الافطار أكثر من الافطار نفسه الذي تعتبر حركته حتى الآن خجولة، وهذه هي العادة في مثل هذه الأيام اذ أن الافطارات تنشط في النصف الثاني من الشهر الكريم”، مشيراً الى أن “الأفراد والأصدقاء هم الأكثر اقبالاً على الحضور، وكلفة الافطار للشخص الواحد ١٦ دولاراً والسحور ١٢دولاراً، وطبعاً تتفاوت بين مطعم وآخر. ولكن الحمد لله الوضع جيد لدرجة تتساءل الناس أين الأزمة الاقتصادية؟ وما يميز صور عن غيرها أن غالبية سكانها في بلاد الاغتراب تساعد أهلها”.

اما في قضاء النبطية، وفي بلدة أنصار فيلفت وفيق داغر صاحب مطعم “ورد” الى أن “الاقبال كبير من العائلات الميسورة ونلحظه في عطلة نهاية الأسبوع، اما الموظفون فمستحيل أن يكونوا من رواد المطاعم الا اذا أرسل أحد الأقارب في الاغتراب المال لأحدهم”، معتبراً أن الاقبال سببه “لذة الطعام الذي يقدم، اذ أن كلفة الافطار تتراوح بين ٢٠ و٢٢ دولاراً وتتضمن: ماء، لبن، جلاب، معجنات، مسخن دجاج، فراكة وملسة، فتوش، بطاطا مقلية وحرة، شاورما، حمص اضافة الى طبقين رئيسين وحلويات رمضان”.

في المقابل، تؤكد نور عيد من Eid events، أن “الوضع الاقتصادي لا يسمح بتنظيم سحور وافطار في الوقت نفسه، لذا قررنا الاعتماد على السحور الذي وضعنا برنامجه قبل كورونا. ونحن بنينا خيمة لاستقبال الرواد نهاري الجمعة والسبت، بعد أن كنا نستقبلهم من الخميس الى الأحد بسبب قلة الاقبال نسبة الى الوضع الاقتصادي والأحوال الجوية، ففي السابق كنا نفوّل، اما الكلفة فهي ٢٥ دولاراً نهار السبت لأننا نستقدم ٣ أشخاص يعزفون العود ويضيفون أجواء رمضانية على السحور الذي نقدم فيه الألبان، الأجبان، الفول… وحلويات متنوعة.”

وتتوقع عيد أن ينشط الاقبال في الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الفضيل، بحيث يتحسن الطقس والوضع، مذكرة بأن “رمضان زمان كان يضج بالجمعات والسهرات ولا أحد ينام، على عكس رمضان اليوم فقلة من تفارق منزلها، والطبقة الميسورة هي من تخرج فيما الموظف وخصوصاً موظف الدولة حرام الله يعينه”.

بين رمضان القديم والحديث تغيرات عدة على الأصعدة كافة، وحال المواطن كحال مختلف القطاعات “لا تهزو واقف ع شوار”، والذهاب الى المطاعم يكلّف ثروتين الأولى للمحروقات والثانية لكلفة الافطار المدولرة. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال لبنان منكّهاً بالتكافل الاجتماعي، لكنه غائب عن حياة الترف التي اعتاد عليها. ويأمل اللبناني الفقير أن يعود بالمشاعر وليس بالإحياء الى تلك العادات التي تلاشت قبل التمتع بها.

شارك المقال