الدولة تجمّل الجنوب

نور فياض
نور فياض

يهيمن العمران العشوائي على الأراضي اللبنانية كافة، وشهدنا في الفترة الأخيرة وخصوصاً قبل الانتخابات النيابية تفاقماً للفوضى العمرانية والرخص العشوائية، منها لأملاك خاصة ومنها تعدٍ على الأملاك العامة والبعض أنجز تحت غطاء سياسي، وكالعادة لم تحرك الدولة ساكناً تجاه هذه الأزمة حينها. أما في هذه الآونة وتحديداً في الجنوب فبدأت الدولة بإزالة كل المخالفات على الأملاك العامة.

في السياق، قال وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي: “ان التعديات على المشاعات في الجنوب ستكون الموضوع الأساس للاجتماع المقبل وأجرينا الاتصالات اللازمة والبلديات مسؤولة، ونحن بحاجة الى بلديات تحمي مشاعات الدولة”.

وبعد هذا التصريح، انطلقت آليات قوى الأمن الداخلي وبدأت بهدم المنازل المخالفة في الجنوب وتحديداً في البيسارية والزهراني، واشتبكت مع الأهالي الذين رفضوا هذا الاجراء.

وأكد رئيس بلدية البيسارية نزيه عيد لـ”لبنان الكبير” أن “الوضع حساس، ومن البديهي أن يعترض الأهالي لأنهم قد أنجزوا الورقة، وكان من المفروض أن تهدم الدولة المخالفات منذ فترة وليس الآن. ولا نزال نعقد الاجتماعات لنضع الحلول اللازمة”، مشيراً الى أن “الاشكالات انتهت واتجهت القوى الأمنية الى عدلون لممارسة العمل نفسه”. ولفت الى عدم اعطاء أي تحليلات أو مؤشرات أخرى حتى تتضح الصورة أكثر.

في المقابل، رفض رئيس اتحاد بلديات الزهراني علي مطر فرضية أن لعبة سياسية تلوح في الأفق، قائلاً: “الحمد لله بدأت القوى الأمنية بإزالة المخالفات، فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً”. وأشار الى أن “لا أحد سمح للناس بأن يبنوا المنازل بتعدٍ على الأملاك العامة، فهم يتحملون مسؤولية ما حل بهم، اذ يعلمون أنهم ينفقون المال على أرض ليست ملكهم.”

أضاف: “ليس الفقير من يعتدي انما الميسورون، فالأول يعاني من أزمة اقتصادية ولا مال لديه لبناء طابق كل يومين. لذا أتركوا القوى الأمنية تمارس مهمتها لأن التعديات أصبحت لا تطاق، والساحل الجنوبي شاهد على ذلك، والله يكون بعونها. وفي حال لم تهدم القوى الأمنية هذه المخالفات، فلا أحد يرتدع، وعليها إظهار العين الحمراء، وأي شخص يقف في وجهها يجب حجزه ليكون عبرة للجميع.”

وأوضح مطر أن “فئة معينة من المواطنين وخصوصاً أولئك الذين يتكلمون عن الدولة ويتهمونها بالمحاصصة، هم من يبيعون اليوم أملاك هذه الدولة وبالتالي يبيعون شيئاً لا يملكونه الى شخص لا يمكن أن يمتلكه”، معتبراً “أننا بتنا نخاف على الحدائق العامة التي يستفيد منها أصحاب العقارات المفرزة التي سبق وأن بنى أحدهم عليها غرفة، كما يخاف المواطن من أن يعمّر أحدهم على سقف بيته.”

ولفت الى أن “هناك من يعتدي على الأملاك العامة ليستفيد منها بصورة شخصية، في الوقت الذي تبحث البلديات عن تمويل لمشاريع تفيد المواطن، وهذا لا يجوز ونحن نرفض التعدي على الأملاك العامة من أملاك بحرية، حدائق، سكك حديد… اذ يجب أن تبنى عليها مشاريع ذات فائدة يستفيد منها جميع المواطنين”، مذكراً بأن “هناك طريقة معينة للبناء في المشاعات، فمثلاً بلدة أنصار الجنوبية وتحديداً حي المشاع كان له برنامج وملف، ودفع المبلغ المتوجب للمالية وتم وفق الأصول. لذا من يعتدي على الأملاك العامة يجب أن يحاسب.”

وبعد ازالة المخالفات من بعض المناطق الجنوبية، أعلن مكتب وزير الداخلية والبلديات في بيان، أنه “بناء للعديد من الشكاوى التي وردت الى وزارة الداخلية والبلديات حول تفاقم التعديات على أملاك الدولة وخصوصاً في بعض مناطق جنوب لبنان، وبعد طرح القضية على اجتماع مجلس الأمن الداخلي المركزي الأخير، وبناءً لتوجيهات وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، توجهت قوّة من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وعملت على إزالة عدد من التعدّيات وتوقيف مخالفين. ويؤكد الوزير مولوي في هذا الإطار أن لا مجال الا بتطبيق القانون وتثبيت منطق الدولة، مشيراً إلى أنه سيصار إلى فتح تحقيق ومحاسبة جميع المخالفين والمقصرين”.

دائماً قبل أي استحقاق، يظهر النشاط لدى الدولة، فهل التحرك جنوباً لأهداف سياسية، ربما لضرب الانتخابات البلدية أو التأثير عليها بصورة سلبية، أم أن الدولة استيقظت لتجميل الجنوب؟

شارك المقال