بعدما وعد وزير الزراعة في حكومة تصرف الأعمال عباس الحاج حسن المزارعين بأن لا تدخل البطاطا المصرية إلى لبنان بعد ٣١ آذار وذلك إفساحاً في المجال أمام الانتاج المحلي، جاء قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المفاجئ بالسماح بإدخال كمّيات من البطاطا المصرية إلى الأسواق اللبنانية ما شكل صدمة لدى المزارع اللبناني، بسبب تأثير قرار كهذا على محصوله، والخسائر التي يمكن أن يتكبدها جراءه. كميات تتجاوز الـ ٧ آلاف طن من البطاطا والبصل المصريين ستدخل إلى لبنان بموافقة استثنائية من رئيس الحكومة مخالفاً بذلك الروزنامة الزراعية، وهذا القرار بمثابة حكم بالاعدام على مزارعي البطاطا في لبنان وسيقطع رزقهم.
وأكد مصدر مطلع على هذا الملف في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الحقيقة مُرة، دخلت البطاطا إلى لبنان ودفعوا الجُمرك، والفلاح اللبناني انخرب بيته، والدولة الفاسدة بكل وزرائها ورئيس الحكومة ليسوا مستعدين لتعويض خسارتنا. وتم ادخال كميات أكثر من أي سنة، علماً أن هذا العام سوريا لم تستورد بضاعة، ونحن في الداخل لدينا بضاعة بلدية، والقدرة الشرائية انخفضت عند غالبية المواطنين، ومع كل هذا لم تهتم الوزارة لكل هذه الأمور الأساسية التي ستنعكس سلباً على كل مزارعي البطاطا”.
أضاف: “من المفترض عدم ادخال حبة بطاطا اليوم إلى لبنان، وحتى الجانب المصري كان عليه منع وصولها إلى لبنان، واليوم الدولة أخذت ضريبتها وغرّمت الجانب المصري، والفلاح اللبناني هو أكثر المتضررين”. وما زاد الطين بلة بحسب المصدر “دخل إلى لبنان بصل مصري معفن وقد مضوا على تعهد بإتلافه، ولكن مَن يثق بأنهم سيقومون بذلك؟ من المؤكد أن هذا لن يحصل وأساساً البصل موجود بكميات كبيرة ولا داعي لاستيراد أي حبة من الخارج”.
في هذا السياق، برّرت وزارة الزراعة في بيان ما حصل بأنّ “السفارة المصرية في بيروت أرسلت إلى الوزارة نسخاً عن كتابي هيئة ميناء الاسكندرية وميناء أبو قير البحري، تفيدان فيه بأن الموانئ قد أُغلقت يومي ٢٩ و٣٠ آذار ٢٠٢٣ نظراً إلى سوء الأحوال الجوية وعاودت العمل صباح يوم ٣١ آذار، ما تعذّر معه إبحار المركبتين نوران ومريام المحملتين بالبطاطا والبصل من تاريخ ٢٧-٣-٢٠٢٣، علماً أنّ الباخرتين المذكورتين توجّهتا الى مرفأ بيروت صباح يوم ٣١ آذار ووصلتا إليه في الأول من نيسان ٢٠٢٣ أي بعد يوم واحد من انتهاء المهلة”.
هذا التبرير لم يقنع المزارعين خصوصاً في عكار التي تنتج وحدها أكثر من ١٦٠ ألف طن من البطاطا، وهذا الموسم يعتبر من المواسم الأساسية التي يعتمد عليها المزارع العكاري من جهة، والبقاعي الذي يراهن كل عام على موسمه من جهة أخرى، والخوف يخيم عليهم من دخول البطاطا المصرية التي ستجعل أسعار البطاطا المحلية “بالأرض”.
للأسف، مرة جديدة تفتح الحدود اللبنانية أمام قوافل وعبارات الغذاء الفاسد، فالبصل المصري منع من الدخول إلى عدة بلدان عربية بعد أن أظهرت الفحوص المخبرية وجود عفن واهتراء وترسبات لمبيدات خطيرة ومسمومة في داخله، في حين دخل الى لبنان من دون عراقيل أو عقبات بقرار من وزارة الزراعة ومن دون فحوص مخبرية وذلك ارضاءً لمزارعي مصر على حساب صحة اللبنانيين، ومن جهة أخرى لا تكترث الدولة اللبنانية لحال مزارعي البطاطا ولا تُقدر تعبهم بل تكافئهم بإدخال بطاطا مستوردة منافسة في السوق لتدميرهم.