لم يعد موسم الحرائق في لبنان حكراً على فصل الصيف، فها هو قد بدأ في نيسان، خلال فصل الربيع أي قبل شهرين من بداية الصيفية، وعادة مع ارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها البلاد خلال تلك الفترة تنتشر الحرائق في ما تبقى من مساحات خضراء على أرض الوطن، وهو ما يستغله الكثيرون لتحقيق أهداف لهم وارتكاب جرائم بشعة بحق البيئة.
وفي مزبود الشوفية في إقليم الخروب، لا تزال النيران تشتعل بقوّة في أحراج منطقة بجيرو، مع محاولات عناصر الدفاع اللبناني تطويقها ومحاصرتها على الرغم من الصعوبات التي يواجهونها إن كان لصعوبة الوصول إلى موقع الحريق أو توسّع رقعته المستمر بفعل حركة الرياح، في ضوء دعوة رئيس المركز الاقليمي في الدّفاع المدني حسام دحروج البلديات والاتّحادات والهيئات الى تقديم المساعدة والمؤازرة لإخماد الحريق والسيطرة عليه.
ياسين: انخفاض نسبة الحرائق مقارنة بالسابق
وكانت وزارة البيئة أقامت خلال الأيام الماضية ورشة عمل بعنوان “كيف نتكيّف مع الكوارث الطبيعية والمناخية”، مع مؤسسة “هانز زايدل” والمجلس الوطني للبحوث العلمية بمشاركة باحثين واختصاصيين من مختلف الجامعات اللبنانية ومراكز الابحاث والوزارات المختصة والاعلام، وأشار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين، الى أن قضية إدارة الكوارث أصبحت قضية مركزية وأولوية في لبنان، خصوصاً أن موسم الحرائق بدأ مبكراً في شهر شباط بعد أن ارتفعت الحرارة بصورة غير مسبوقة للمرة الأولى في تاريخ لبنان.
وأكد ياسين أن لبنان لم يكن حاضراً للتعامل مع الكوارث الطبيعية مثل الهزات الأرضية ولا مع الفيضانات كما حصل مع بداية فصل الشتاء هذا العام، وأن قواعد التعامل مع الكوارث والتجهيزات والاختصاصات يجب أن تتبلور، لافتاً الى ضرورة وجود خطط عامة يجب وضعها وتكون العبرة في النهاية حيث تطبق وتكون هناك استعدادات على المستوى المحلي. واستشهد بكيفية تطبيق ذلك في ادارة حرائق الغابات العام الماضي ونجاح تجربة “المستجيب الأول” للتعامل مع الحريق، أي فرق العمل الصغيرة في المناطق المدربة والمجهزة للتدخل السريع والتعامل مع كوارث الحرائق، وكيف انخفضت نسبة الحرائق الى أكثر من 70٪ خلال العام الماضي مقارنة بمعدل الأعوام السابقة، نتيجة تطبيق هذه المنهجية في التعامل مع الكوارث.
ويقول طارق أحد الناشطين البيئيين في حديث مع “لبنان الكبير”: “ان أسباب الحرائق متعددة ومختلفة باختلاف الظروف المناخية، من ارتفاع درجات الحرارة وسرعة الرياح حتى فترات الجفاف. خلال ارتفاع درجات الحرارة، يكفي أن ترمي السيجارة بين الأعشاب اليابسة في الأحراج لافتعال حريق إن كان عن قصد أو غير قصد، الى جانب حريق النفايات الذي يتم بطرق غير سليمة بين الأشجار”.
ويشدد على “وجوب المراقبة بصورة دائمة من السلطات المحلية لتجنب الوقوع في هذه الأمور، إن كان بلديات او اتحادات، خصوصاً أن المساحات الخضراء في لبنان بدأت بالتقلص”، مذكراً بـ “أننا شهدنا خلال الأعوام الماضية حرائق عدة كان أبرزها الحريق الذي شب في غابة تعد من أكبر غابات الصنوبر في لبنان وكأكبر حرش صنوبر بري في الشرق الأوسط”.
تجدر الاشارة الى أن لبنان شهد خلال العام 2019، سلسلة حرائق كبيرة على مختلف أراضيه، وعانى الدفاع المدني حينها من مشكلات لوجيستية من نقص في التجهيزات والمعدات والمتطوعين فضلاً عن التكاليف المالية للصيانة والمازوت ما أجبره على طلب الاستعانة حينها بطوافات من قبرص للمساعدة في عمليات الإطفاء.
وتكرر المشهد نفسه عام 2021 في أواخر تموز، بعد موجة حرائق كبيرة استمرت لأيام عقب خروجها عن السيطرة في غابات عكار، الى جانب حرائق في مرج بسري ودير القمر ومناطق لبنانية أخرى.