طرابلس: بلبلة قطع الطرقات وعبور الوسوف

إسراء ديب
إسراء ديب

يُثير قطع الطرقات في شوارع طرابلس الرئيسية وبعض مناطق الشمال بلبلة واضحة بين المواطنين، لا سيما الذين يعملون في طرابلس أو في بيروت ويضطرون إلى التنقل يوميًا عبر الحافلات ووسائل النقل المتاحة إلى أماكن عملهم.

أزمة البنزين والارتفاع الكبير في أسعار المحروقات ثم بدء عملية قطع الطرقات في الشوارع، التي أدت إلى توقف الحافلات في مدينة طرابلس عن العمل، بدا وكأنه صبا للزيت على النار وأغضب الكثير من المواطنين العاملين.

وبين مطالب الثوار الذين استنكروا وبشدّة الارتفاع الجنوني للأسعار ما دفعهم إلى قطع الطرقات كطريقة للتعبير عن رفضهم وإدانتهم لقرارات الدولة التي تنعكس مباشرة على المواطنين ولقمة عيشهم، وبين المواطنين الذي يرون أن قطع الطرقات يُؤذي مصدر أرزاقهم ويُهدّدهم أكثر في ظلّ وضع اقتصادي غير مقبول على الإطلاق، وآخرون يرون أن قطع الطرقات هو السبيل الأوحد لإيصال صوتهم إلى القوى الرسمية… لا يُدرك المواطن أي باب يطرق لانتشاله من الضربات المتلاحقة التي يتعرّض لها.

قطع الطرقات بين مؤيد ومعارض

ليلة الأربعاء، علم بعض الثوار بمرور سيارة الفنان جورج وسوف العائد إلى سوريا، وعند وصوله إلى طريق البالما المقطوع في طرابلس، تحدّثوا معه وأفسحوا له المجال لمروره فيما بعد، الأمر الذي قسم الرأي العام بين فئتين: إحداهما دعمت فتح الطريق، وفئة ثانية وجدت أن مروره يُشير إلى تمييز واضح يُثير الاستياء.

ويلفت عامر ح. إلى أن مرور وسوف لم يكن موفقًا أبدًا، ويقول: “السماح له بالمرور يُشير إلى أن الحرب ليست سوى على المواطن الفقير والدليل أنّه حين مرّت شخصية مشهورة سمحوا لها بالوصول إلى سوريا، لا أعلم كيف سمحوا له بالمرور بخاصّة وأنّه يُناصر النظام السوري الذي يتحمّل جزءًا كبيرًا ممّا وصلنا إليه، نحن لا نكره هذا الفنان عمومًا ولكن ما يحصل لا يمت للواقع أو للمنطق بصلة”.

من جهته، يستنكر أبو عمر وهو من عكار مرور وسوف، ويقول: “أعمل في منطقة الهري، ولا أجد وسيلة للتنقل توصلني إلى مكان عملي من جهة، كما لن يُسمح لي بالمرور من جهة ثانية، ولكن لو خسرت عملي من سيعوّض هذه الخسارة عليّ وعلى أولادي الثلاثة؟”.

كما تعتبر فاطمة ك. (26 عامًا) أن قطع الطرقات يجب أن يُنفذ أمام منازل النواب والوزراء الطرابلسيين، وتقول: ” كفاكم كذبًا ودجلًا على المواطن اللبناني الفقير، كلّ من يقطع الطريق الآن يُشارك في الفساد وهو يحصل على أموال ومكاسب لقاء قطعه للطريق الذي لا يُؤثر إلّا علينا”.

بدوره، يُؤكّد هاني س. أن الثوار لا يرغبون في قطع الطرقات لأنّهم “زعران” كما يقول البعض، أو لأنّهم يُريدون الفوضى وقطعها على الفقير، بل هم يرغبون في إيصال صوتهم ومعارضتهم، ويقول: “يُشعرني كلّ من يعترض على قطع الطريق أن أهالي الشمال محظوظون في وجودهم في لبنان وأنّ كلّ شاب وشابة لديهم فرصة عمل يُضحون من أجلها، نحن نبحث من سنوات على وظائف ولا نجدها، وكلّ الظروف كانت ضدّنا وضدّ رغباتنا ومع تعاظم الأزمات مع ارتفاع الدولار وغيرها يأتون ليُقنعونا أنّهم على ما يُرام والثوار “كخة؟”.

وتستغرب أم أحمد تقبّل المواطنين تفلّت الأوضاع وانهيارها، وتقول: “من لا تُعجبه طريقة قطع الطرقات، فأرجو منه أن يُفيدنا ويُطلعنا على طريقة جديدة مبتكرة وناجحة تسمح لنا بالتعبير عن آرائنا ورفضنا. بالفعل أن الناس باتت بمعظمها بلا كرامة ولم تعد ترى حقوقها الأساسية لإيقاف الفاسدين”، مضيفة: “بماذا سنصف لبنان أمام أولادنا؟ كيف سيتحمّلون أن أموالنا منهوبة وكلّ حقوقنا مسلوبة؟ كيف يتهمون الثوار بالفساد وأخذ الرشى وهم يتبعون السياسيين أي رأس الأفعى ورأس الفساد”.

الزين يردّ: وسوف فنان… وسنستمر

من هنا، يردّ الناشط ربيع الزين ويقول لـ “لبنان الكبير: “الفنان جورج وسوف ليس بنائب أو وزير ولا مواطن لبناني ولا علاقة له بالطبقة السياسية اللبنانية، ونحن لا نفتش عن أهواء الفنان السياسية، وإلى كلّ من ينتقد وإلى كلّ من تناسى مشكلات لبنان واللبنانيين وركّز مع جورج وسوف، توجهوا لقطع الطريق على النائب فيصل كرامي أو طه ميقاتي أو حتّى السوريين الذين ذهبوا لانتخاب رئيسهم الأسد، فوسوف فنان عربي ولا يُمكن أن نهينه بأيّ شكل من الأشكال”.

وإذ يُؤكّد الزين أن الثوار لا يقطعون الطريق على المرضى أو ذوي الاحتياجات الخاصّة، الصليب الأحمر اللبناني، الآليات العسكرية أو القضاة الذين لديهم جلسة حكم وغيرها من الظروف العاجلة، يعتبر أن الرأي العام بمعظمه بات متناقضًا بشكلٍ كبير، فحين لا نقطع تارة يسألون عن الثوار وحين نعود إلى الساحة ينتقدون خطواتنا دائمًا، ويُضيف: “اعتدنا على كلام الناس منذ ثورة 17 تشرين، حيث اعتبروا أن قطع الطريق لا يُجدي نفعًا واتجهنا إلى الساحات، ثمّ قالوا لنا اتجهوا إلى بيوت المسؤولين واعتبروا أنّنا زعران، ولكن الحقيقة أن الساحات أو المسيرات وغيرها لا تلفت الانتباه ولا تُحرّك المسؤولين ولكن قطع الطرقات يهز أجهزة الدّولة ويضغط عليها، وبالفعل نحن ندفع ثمن أصوات المقترعين حتّى اللحظة لهذه الطبقة الفاسدة”.

وعن الجيش، يُشدّد الزين على أن مديرية المخابرات تتدخل دائمًا لفتح الطرقات، “وهم يقولون أنّهم لا يُريدون التصادم معنا، ونحن نؤكّد أنّنا لا نريد فتح الطرقات مع العلم أن الجيش لا يُريد الفوضى في الشارع”.

أمّا عن الخطوات المقبلة، فيقول: “نحاول إعادة النبض الثوري إلى الشارع لا السياسي ولا الاستخباراتي كما يدّعي البعض، ولكنّنا نريد أن نعلن أن الوضع في الشمال متأجج وأنّ الناس تعبت جدًا، ولكنّنا لن نفتح الطريق إلّا في حالة الضغط علينا من قبل الجيش”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً