ثياب العيد تسابق الدولار… وفرحة الأطفال مؤجلة!

تالا الحريري

أيام قليلة وينتهي شهر رمضان المبارك ويبدأ عيد الفطر السعيد، وبالفعل كانت السعادة والبهجة ملازمتين للعيد حيث تجتمع العائلة في صبيحة أول يوم للفطور معاً بعد انتهاء أيام الصوم. وفضلاً عن التجمعات العائلية ارتبط عيد الفطر الذي يعد العيد الأول لدى المسلمين بالثياب الجديدة، التي اعتبرها الناس من أهم مظاهر البهجة منذ طفولتهم، عندما كانوا ينتظرون صباح العيد بلهفة لارتدائها، والخروج مع العائلة للنزهات والزيارات العائلية. ولكن في السنوات الأخيرة حين بدأت الأزمة الاقتصادية تفتك بلبنان، ارتفعت الأسعار بصورة جنونية وانخفض المستوى المعيشي لدى الكثير من العائلات وقلت معها القدرة الشرائية ما جعلها عاجزة عن شراء الملابس الجديدة خصوصاً للأطفال، والاكتفاء بملابس العيد الذي قبله، لا سيما أن الأزمة ازدادت حدّة هذه السنة وبات كل شيء مدولراً.

الكثيرون لم يعد باستطاعتهم الذهاب إلى مراكز التسوق لشراء ثياب الـbrands كما في السابق، فالأسعار كانت مقبولة عندما كان الدولار 1500 ليرة إلى جانب التخفيضات التي تحصل في فترة الأعياد بحيث كان يصل سعر الكنزة أحياناً إلى 7 آلاف ليرة أي حوالي 5 دولارات التي باتت تساوي اليوم 500 ألف ليرة، وهذا المبلغ ليس قليلاً على من يقبض راتبه بالليرة وعلى الحد الأدنى للأجور.

موقع “لبنان الكبير” جال على محال الثياب في المناطق والأسواق الشعبية علّ الأسعار تكون مقبولة أكثر لكنها في الواقع لم تكن زهيدة. ففي منطقة الطريق الجديدة لا يقل سعر أخف قطعة ملابس عن 5 دولارات، ثم تتطاير الأسعار من 20 دولاراً للبنطلون أو الفستان وصعوداً، وهذا الحال لم يختلف عن أسعار المحال في مناطق أخرى كمار الياس وبرج حمود، ويعود ذلك بحسب أصحاب المحال إلى “البضاعة التي يعتبر حقها فيها والتجار الذين يسلمونها لنا بسعر عال ولا يمكن أن نبيعها برأسمالها”.

وحتى في سوق صبرا الشعبي الذي تحتل محال الثياب حيزاً كبيراً منه وتنتشر على أرصفته يميناً وشمالاً، لم يكن سعر أي قطعة ثياب يقل عن 500 ألف ليرة، حتى أنّ أصحاب هذه المحال أكدوا أنّهم يشترون “بضاعة ذات صناعة جيّدة لذلك باتت الأسعار كذلك، كما أنّ موضوع الدولرة يلعب دوراً مهماً، فالقماش والخياطة والنقل والبنزين وكل شيء بات يُحسب على الدولار وبالتالي نتسلم البضاعة بالدولار ونبيعها كذلك أو على سعر الصرف اليومي”.

ولدى سؤال عدد من الأشخاص عن قدرتهم هذه السنة على شراء ثياب العيد لأولادهم، أجاب قسم كبير منهم الاجابة نفسها وهي: “لا لن نشتري، الأسعار نار ومش قدرتنا”. وفيما أكد البعض أنّ احتياجاتهم في شهر رمضان استنزفت الكثير من المصاريف ولم يعودوا يأبهون لشراء ما يحتاجه العيد، اعتبر آخرون أنّ ثوباً واحداً في السنة يكفي ويُفرح الطفل بدلاً من أن ينظر إلى رفاقه ويتحسّر “فالطفل ليس له ذنب”.

في الواقع، يتحمّل الأطفال نتيجة كل ما يحصل في البلد اذ باتوا محرومين من حاجاتهم الأساسية أو حتى الكمالية التي قد تشعرهم بالفرح، وباتت طفولتهم مسلوبة حتى أن من بينهم من يفكر في البحث عن عمل في عمر مبكر لاعالة العائلة بدلاً من الاستمتاع بحياته.

شارك المقال