العيدية… عادة متوارثة تندثر مع الأزمات!

جنى غلاييني

شارف شهر رمضان المبارك على نهايته، وبعد أيام يستقبل اللبنانيون عيد الفطر السعيد الذي يُجهّزون له في العادة ما لذ وطاب من الحلويات العربية ويشترون أجمل الثياب ولعب الأطفال الذين يمرحون باطلاق المفرقعات النارية أمام أبواب منازلهم، فيما تُفرش الموائد بألذ المأكولات، وتزدحم المطاعم والمقاهي والملاهي بالكبار والصغار.

ولا يحلو العيد إلّا بوجود العيديّة، فيستعد الأطفال لـ”بحبحة” الجيبة، من عيديتهم التي ينالونها في كل زيارة عائلية إن من الخالات والأخوال والعمات والأعمام ولا سيما الأجداد. ولا تقتصر العيدية على الصغار، فللأحفاد الكبار حصة أيضاً، وكلما كبروا كبرت معهم عيديتهم.

عادات لها حلاوتها وطعمها الخاص، رافقت أجيالاً وأجيالاً، حتى وصلت الى يومنا هذا فاندثرت أو تكاد! ولأن كل شيء جميل يتبخر أو يندثر باتت العيدية تتبخر شيئاً فشيئاً، ومع استفحال الأزمة وتدهور الوضع المعيشي يجد المواطنون أنفسهم عاجزين عن تلبية متطلباتهم الأساسية، فكيف يلبون احتياجات الأطفال ليرسموا الفرحة على وجوههم؟

الحاج عبدو م. البالغ من العمر 70 عاماً جدٌ لتسعة أحفاد، يقول لموقع “لبنان الكبير” عن عادة توزيع العيدية في كل عيد: “العيدية هي أول ما ينتظره الأولاد في صبيحة العيد، فلا يهمهم الملبس الجديد ولا الطعام ولا النزهات ولا يحبون شيئاً أكثر من تجميع العيدية، التي تُشعر الولد بالسعادة. وإعطاء العيدية هي عادة استمرت على مر السنوات والأجيال حتى أصبحنا لا نفرّق بين إعطائها للصغير أو للكبير. لكن اليوم ومع الأسف الشديد هذه العادة بدأت تتراجع وتختفي سنة تلو الأخرى، وكلما زادت الأزمة قلّت قيمة العيدية، وأنا لدي تسعة أحفاد اعتادوا أن أعطيهم في كل عيد عيدية لإدخارها وشراء لعبة كبيرة. ولأننا نعيش حياة مذلولة اضطررت السنة الماضية الى إعطائهم عيدية ذات قيمة بسيطة، فكيف الحال في هذا العيد؟ الوضع الى أسوأ ولكن لن أحرم أحفادي من العيدية وسأعطي كل واحد منهم 150 ألف ليرة، ولو كلفني الأمر أن أدفع كل ما معي، فلن أدع أزمة تمحو عادة حملناها منذ صغرنا”.

أما إحسان ك. البالغة من العمر 74 عاماً فتختلف طريقة إعطائها العيدية لأحفادها، وتقول: “أجمل ما في الأعياد العيدية التي يتلقاها الشخص إن كان كبيراً أم صغيراً. منذ حوالي السنتين كنت أوزع العيدية على أحفادي وأولادي بإعطائهم قطعة ذهب صغيرة لكل منهم، أما اليوم فقد أوقفت هذه العادة، وصرت بدلاً من الذهب أعطي عيدية بالدولار، لأحفادي الصغار 5 دولارات وللكبار 10 دولارات، ولكن أولادي لن أعطيهم عيدية هذه السنة وآمل أن أعوضهم في السنوات المقبلة التي نأمل أن تكون أفضل من التي نعيشها حالياً”.

وتؤكد نور ع. وهي أم لأربعة أولاد أنها تعودت أن توزع العيدية على أولادها وأولاد إخوتها، “لكن هذه السنة حتى أطفالي لن أعطيهم عيدية، فلا نقود متوافرة إن كان باللبناني أو بالدولار، خصوصاً أن العيد هذه السنة يحل علينا آخر الشهر أي نكون مفلسين ولم نقبض رواتبنا بعد”.

شارك المقال