مكاتب مراهنات غير شرعية بتغطية حزبية والأرباح بالدولار!

راما الجراح

لطالما كانت ظاهرة توقع نتائج المباريات، و”التزريك” بين المشجعين بارزة في لبنان، من مباريات الدوري الاسباني بين برشلونة وريال مدريد على وجه الخصوص، إلى الدوري اللبناني في كرة القدم بين العهد والنجمة والأنصار، وصولاً إلى كرة السلة حيث الفريقان الأبرز هما الحكمة والرياضي. ولكن، مع مرور الوقت ومواكبة التطور التكنولوجي والحداثة، تطورت هذه الظاهرة وتنوعت أشكالها حتى أصبحت “شغلة وعملة” عند عدد كبير من الشباب العاطل عن العمل في مرحلة تعتبر الأصعب في لبنان إن كان اقتصادياً، معيشياً، اجتماعياً وحتى سياسياً.

بعد انتشار عمليات المراهنة بصورة كبيرة في لبنان في فترة مونديال ٢٠٢٢، عادت اليوم إلى الواجهة مجدداً وبطرق مختلفة، بحيث يتم الرهان عبر الانترنت على نتيجة مباريات كرة القدم الأوروبية أو اللبنانية على أنواعها، أو على عدد الأخطاء، على الوقت الضائع، وحتى على عدد ركلات الترجيح ووقتها، وقد برزت مكاتب خاصة لهذا النوع من المراهنات. وأكد مصدر مطلع بصورة كبيرة على أعمال المراهنات لموقع “لبنان الكبير” أن “أكثرها موجود في منطقة الضاحية الجنوبية، وطبعاً هي مكاتب غير شرعية وتتمتع بتغطية حزبية في حال أي (كبسة) من قوى الأمن عليهم، وهناك وكلاء شباب لهذه المكاتب ويعتاشون من خلالها، كما تعتبر مصدر دخلهم الوحيد”.

طريقة التسجيل بين يدوي والكتروني

وأوضح المصدر أن “عدد مكاتب المراهنات ازداد مع بداية الأزمة في لبنان، أي منذ العام ٢٠١٩، بعدما صارت الحياة المعيشية صعبة على الشباب اللبناني ولم يعد قادراً على تأمين قوت يومه من جهة، أو إيجاد عمل براتب مغرٍ من جهة ثانية، وتجري العملية عبر فتح حسابات للراغبين في المراهنة على حدث معين عبر أحد التطبيقات بطريقة تشبه طريقة عمل الهواتف مسبقة الدفع، بحيث يشتري المراهن وحدات تسمى (تراي)، ويُشترط شراء ١٠ تراي في الحد الأدنى عند كل رهان، وتكلفتها لا تتعدى الدولار الواحد فقط، ما يزيد من الرغبة في التجربة. وطبعاً لكل مكتب هناك أقله ١٠ وكلاء، وكل واحد منهم يتعامل مع أكثر من ٥٠ مراهناً”.

وقال المصدر: “هناك أشخاص لا يزالون يعملون يدوياً، وهذا ينشط عادة في صالونات الحلاقة الرجالية والمقاهي الصغيرة (الكافيه)، كي يبعدوا الشكوك عنهم، ومن يريد التسجيل يأتي إليهم ويقوم بتعبئة ورقة وطبعاً تتضمن توقعاته ورهانه لمباراة معينة أو حدث معين، وفي نهاية السهرة يحصل الفائزون على الأموال وهم قلة، ويكون صاحب المقهى ومن عمل الرهان هو الرابح الأكبر من كل هذه المعمعة”.

ربح كبير في فترة قصيرة

“أسماء التطبيقات التي نستخدمها والبيانات التي نعمل عليها تتغير كل فترة خوفاً من الملاحقات القانونية، ومن بين هذه التطبيقات التي استعملناها لفترة طويلة lira500، ونحن كوكلاء نجني أموالاً على النسبة، فكلما استطعنا استقطاب مراهنين كلما زادت أرباحنا، ويبقى الربح الأكبر لصاحب المكتب الذي يجني عند كل حدث مبلغاً يمكن أن يتعدى الـ ٢٥٠٠ دولار شهرياً وهو جالس على كرسي خلف المكتب”، بحسب أحد الوكلاء العاملين في أحد المكاتب، مشيراً لموقع “لبنان الكبير” الى أن “أيام المونديال تعتبر الموسم الأكثر ازدهاراً وكنت أجني في اليوم الواحد أكثر من ١٠٠ دولار بسبب الاقبال الكثيف على المراهنات خصوصاً من فئة الشباب المراهقين، وتحديداً طلبة المدارس”.

أضاف: “هناك دائماً ربح مضمون لنا كأصحاب مراهنات أو وكلاء، فبطبيعة الحال ليست هناك تكاليف إضافية تحملنا خسارة، والعمل مبني على رغبة المراهنين في التسجيل، والتسويق علينا وبصورة سرية بين الأفراد، حتى أن الذكاء الاصطناعي سهل الطريق علينا من خلال معرفة كل المعلومات عن اللاعبين والمباريات ما يصب في مصلحة المكاتب، وكل من يقوم بالتسجيل والدخول إلى هذا العالم يتعلق به ولا يمكن الخروج منه بسهولة لإعادة الكرة وتعويض الخسارة”.

الناحية الأمنية والقانونية

ونفت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي صحة الخبر المتداول منذ يومين عن إقدام درّاج على اعتراض أحد المواطنين في محلة فردان وطلب منه مبلغاً من المال بدلاً من تسطير محضر مخالفة أنظمة سير بحقّه، فأعطاه مبلغ ٦ ملايين ليرة لبنانية كان بحوزته. وبعد مباشرة التحقيقات في مفرزة سير بيروت، تم تحديد مكان إقامة صاحب المنشور في محلة الشياح (مواليد عام 2003، لبناني) اعترف بأن ما نشره على صفحته الخاصة عبر تطبيق الـ”فايسبوك” عار من الصحة، وأنه لجأ إلى هذه الحيلة ليوهم والده بأنّ المبلغ المذكور قد أعطاه لدرّاج مقابل التغاضي عن مخالفته قانون السير، وحقيقة الأمر أنه أقدم على تسديد ديون مترتّبة عليه جرّاء خسارته في بعض مراهنات الرياضة “online” التي يمارسها من دون علم والدَيْه. بناءً على إشارة القضاء المختص، جرى توقيفه وحجز الدراجة الآلية.

من الناحية القانونية، أشارت المحامية بالاستئناف ريتا كرم أن القوانين اللبنانية جرّمت ألعاب القمار والميسر، وأشارت إليها بتسمية “هي التي يتسلط فيها الحظ على المهارة والفطنة” تحديداً المواد ٦٤٢-٦٤٣-٦٤٤ من قانون العقوبات. وهناك قانون “اعتبار الآلات الكهربائية التي تدار آلياً أو بأية وسيلة أخرى ألعاب قمار” صادر سنة ١٩٦١ والذي نص على عقوبات لمن يخالفه تبدأ بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنتين مع غرامة مالية.

وقالت: “أما الاستثناء، فبعض القوانين والقرارات الأخرى التي تسمح بممارسة هذا النوع من النشاطات ضمن ضوابط معينة ومحددة ومشروطة كقانون القمار الصادر في ١٩٥٤ والذي يعتبر مقدمة لإنشاء كازينو لبنان الذي نال في ٢٩ حزيران ١٩٩٥ بموجب المرسوم رقم ٦٩١٩ الذي يمنح شركة كازينو لبنان حقاً حصرياً بإستثمار ألعاب القمار لمدة ٣٠ عاماً، كذلك القرار الصادر في ٤ أيار ١٩٩١ تحت رقم ١٤٢ والصادر عن وزارة الداخلية والبلديات تحت عنوان (تنظيم الترخيص بألعاب التسلية في لبنان) الذي حدد الألعاب المسموحة بترخيص وتلك الممنوعة في الأماكن العامة والمقاهي ضمن جداول ملحقة بالقرار”.

أما بالنسبة الى لمراهنات خصوصاً، فأكدت كرم أنها “مسموحة في القانون اللبناني شرط الاستحصال على الترخيص من الجهة الرسمية المختصة (ميدان سباق الخيل…)، والمراهنات الالكترونية فقد صدر سنة ٢٠٠٩ القانون رقم ٣٧٣ الذي يسمح بالنشاطات شرط الاستحصال على ترخيص من مديرية اليانصيب الوطني وذلك بقرار من وزير المالية”.

شارك المقال