الغذاء الفاسد… المتاجر تعيد تدويره والاهمال من أسبابه

تالا الحريري

تنتشر في الآونة الأخيرة على السوشيال ميديا مقاطع فيديو وصور تظهر تعفّن بعض المنتجات الغذائية التي نتناولها ومعظمها بأسماء أو ماركات معروفة، وكان آخرها فيديو لقالب من الكيك مليء بالعفن من صنع محل مخبوزات شهير في لبنان. وأثار ذلك قلق الناس وخوفهم خصوصاً أنّ غالبيتهم ابتعدت عن الأكل في المطاعم، لكن ما يفاجئهم أيضاً فساد المنتجات المغلفة كذلك، فيما الغلاء الفاحش للأسعار لا تقابله نوعية جيدة بل غش وسوء في التخزين.

الأمن الغذائي من أولويات “الزراعة”

موضوع الأمن الغذائي هو من أولى أولويات وزارة الزراعة ويقع في متن توجيهات وزير الزراعة عباس الحاج حسن، بحسب ما أشار مصدر خاص في وزارة الزراعة لـ”لبنان الكبير”، مؤكداً أن “وزارة الزراعة تتحمل كامل مسؤولياتها في اجراء الفحوص الطبية على المواد الغذائية كافة التي تدخل إلى لبنان من خلال مراكز الحجر الصحي المنتشرة في جميع المراكز الحدودية، والموانئ البحرية والبرية ومطار رفيق الحريري الدولي”.

وقال المصدر: “لطالما صرّح الوزير بضرورة تحمل الادارات الأمنية المختصة مسؤولياتها في عمليات ضبط الحدود واقفال ما يسمى بالمعابر غير القانونية، التي تتم من خلالها عمليات التهريب على أنواعها، ومن ضمنها تهريب البضائع والمواد الغذائية التي تضر بأمن الوطن والمواطن الغذائي، لأنها لا تخضعها للفحوص المخبرية المطلوبة من وزارة الزراعة والتي تعتمدها جميع دول العالم في تأمين المواد الغذائية من خلال عمليات ادخال البضائع المستوردة إلى الأسواق المحلية”.

أما في ما خص عمليات تخزين البضائع، فأوضح أنّ هذا الأمر “ليس من ضمن مسؤوليات وزارة الزراعة، بل يقع ضمن مسؤوليات وزارات أخرى تتحرك رقابياً من أجل تأمين سلامة الغذاء، ولكن يبدو أنها أصبحت بحاجة الى التحرك بمؤازرات أمنية بسبب خطورة المشهد الذي شاهده جميع المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي أخيراً”.

“الصحة” تتحرك باستمرار

وأكدت مديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة جويس حداد لـ”لبنان الكبير” أنّ “وزارة الصحة تقوم بصورة مستمرة بكشوفات دورية”، مشيرة الى أن “الوزارة تحركت في موضوع الكيك المتعفن الذي أثار ضجة وتوجهنا إلى المخبز، لكن بالطبع عندما ينتشر الموضوع على السوشيال ميديا فوراً يتحرك أصحاب المخبز ويقومون بالتنظيف. ما حدث في هذا المكان غير متعلق بسلامة الغذاء إنما هو اهمال. في كل الأحوال لا تزال التحقيقات جارية وسيتم الكشف على كل الفروع وعلى أساسه نأخذ الاجراءات اللازمة”.

برّو: الغذاء يصبح خطراً حين تفتقر الدول

أما رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو فرأى أنّ “موضوع سلامة الغذاء من المفترض أن يكون أولوية وزارة الاقتصاد. منذ بداية الأزمة حذرنا من أن هذا الموضوع هو الأهم لأن المتاجر، مع الفقر والافقار وأسعار السلع، لا تتخلص من الغذاء الفاسد، بل بالعكس تقوم بإعادة تدويره بكل الوسائل حتى تحافظ على هامش ربح عالٍ. ومن المعروف تاريخياً أن الدول عندما تفتقر، يصبح الغذاء خطراً على المواطنين يعني تصبح نوعيته سيئة وتواريخه كاذبة واذا تلف يخلطونه بمواد ثانية حتى يخفوا تلفه”.

وقال برو لـ”لبنان الكبير”: “wooden bakery الذي تشتري منه النخب نرى اليوم أين أصبح! هذا يعني أنّ سوء سلامة الغذاء سيعمم على كل البلد. لذلك قلنا إنّ موضوع الأسعار ليس من دور وزارة الاقتصاد. رقابة الأسعار اختراع لبناني غير موجود في العالم كله، فالأسعار تنخفض نتيجة شروط خاصة أي لضرب الاحتكارات، ووجود منافسة قوية واقتصاد منتج، واستقرار في البنية السياسية، وهذه الشروط كلّها غير متوافرة في لبنان، لذلك الأسعار سترتفع حكماً، خصوصاً مع انهيار الليرة. علاج ذلك بالمنافسة وفتح باب الاستيراد حتى نضرب الاحتكارات، لكن مع وجوب التشديد على المواصفات وعلى السوق والرقابة. الحلول موجودة لكن خيارات السلطة السياسية معروفة كذلك، قدرة الوزارة محدودة جداً ولكن يمكنها تحديد أولوياتها”.

نعمة: الشكاوى منذ بداية الأزمة

ولفتت نائب رئيس جمعية المستهلك ندى نعمة الى أنّ “الشكاوى تأتينا منذ بداية الأزمة، لكننا في نهاية المطاف جمعية ولسنا وزارة. ليس هناك حسيب أو رقيب، والتجار لا يرمون شيئاً، إضافةً إلى مشكلة انقطاع التيار الكهربائي. هذا الموضوع ينعكس على القطاعات كافة وهذا القطاع في الأساس لم يكن منظّماً”.

أضافت: “نحن نضغط عبر الحملات والمحاضرات والاعلام ومن خلال التوعية. كما ضغطنا لاقرار قانون سلامة الغذاء ولم يُعمل به. نحن ولاّدو قوانين من دون تطبيق. كما أنّنا على تواصل يومي مع المعنيين لاخبارهم بما يحصل على الأرض، ولا يمكن أن نتجاهل أنّه في ظل هذا الوضع الفوضوي، المستهلك يبحث عن المنتج الأرخص وليس عن النوعية”.

مذكرة تفاهم للحفاظ على سلامة الغذاء

ووقّعت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان مذكرة تفاهم مع شركة Rentokil-Boecker، في إطار المساعي المستمرة للحفاظ على سلامة الغذاء ومستوى الخدمات في المؤسسات التي تتعاطى الطعام والشراب مع قدوم الموسم السياحي الصيفي.

ونصت المذكرة على بنود كثيرة وخدمات تقدمها الشركة من مكافحة الحشرات ومعالجة الجراثيم والقسم الأبرز سلامة الغذاء بأسعار خاصة ومخفضة يستفيد منها أصحاب المؤسسات المنتسبة إلى النقابة، لكن الأبرز أنها تنص على كشف وتقويم مجاني لمطابخ المؤسسات الجديدة التي فتحت وانتسبت إلى النقابة بالاضافة إلى تقرير مفصل بعد انتهاء التدقيق.

شارك المقال