المكملات الغذائية لا تناسب الجميع… والبروبيوتيك الأكثر استهلاكاً

تالا الحريري

المكملات الغذائية ليست دواءً بل متمم غذائي نسبة إلى اسمها، وتنتشر انتشاراً واسعاً في العالم، إذ يلجأ إليها الكثيرون لتعويض النقص في مادة معينة في الجسم كالمعادن أو الألياف أو الفيتامينات، فمثلاً تستخدم في علاج فقر الدم لتعويض الحديد أو للمرأة الحامل لتزويدها بالكالسيوم.

تباع هذه المكملات على شكل حبوب أو مسحوق أو مشروبات، ويمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات رئيسة: مكملات الفيتامينات والمعادن، مكملات الألياف ومكملات المستحضرات العشبية. ويعتقد البعض أنّ إدارة الغذاء والدواء الأميركية لا تراقب هذه المكملات أو تشدد عليها كالأدوية، فيما يرى البعض الآخر أنّ تناولها من دون استشارة طبية أو بصورة عشوائية لا يضر لأنّها ليست دواءً يمكن أن يؤثر على الجسم، فهل هذا صحيح؟

أهمية المكملات وطريقة استعمالها

أوضحت طبيبة التغذية سينتيا الحاج لـ”لبنان الكبير” أنّ “نصف المكملات الغذائية تعطى إجمالاً عندما يكون هناك نقص في معدن معين أو فيتامين معين مثل الكالسيوم، فيتامين د، الحديد، وغيره، وهذا يستند إلى فحوص مخبرية وحسب العوارض التي نراها على المريض كتساقط الشعر أو عدم النوم أو وجع الرأس المستمر ووجع المفاصل”، مشيرةً إلى أنّ “الجرعة والمدة التي يجب تناول فيها هذه المكملات تعطى وفقاً لاستشارة طبيب أو أخصائية التغذية لأنّ الاستخدام المفرط لبعض المكملات الغذائية ممكن أن يؤدي إلى أضرار في الجسم. فمثلاً لا يمكن تناول الكالسيوم عشوائياً لأنّه اذا ارتفع معدل الكالسيوم في الدم من الممكن أن يسبب مشاكل صحية منها بحص في الكلى ومشاكل في القلب”.

وأضافت الحاج: “من المهم معرفة أنّ المكملات الغذائية لا تأتي كبديل للأكل الصحي، المكملات الغذائية هدفها اكمال النقص الموجود في الجسم أمّا البروبيوتيك فهدفه تحسين وظيفة الامعاء وحتى يصبح هناك بكتيريا جيدة في الجسم. هناك اقبال كثيف على البروبيوتيك لأنّ الأشخاص الذين يتناولون المضادات الحيوية لفترة ننصحهم بتناول البروبيوتيك من أجل المحافظة على البكتيريا داخل الامعاء. هناك أيضاً أشخاص لديهم مشاكل في الهضم وفي المعدة ننصحهم في أخذ البروبيوتيك، كما أنّ استعماله لا يضر والجميع يثق به كمنتج”.

مكملات البروبيوتيك الأكثر ربحاً

من أكثر المكملات التي تحقق أرباحاً في الفترة الأخيرة وتثير الاهتمام هي مكملات البروبيوتيك، وباتت تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات. فما درجة أهميتها، وما الدافع وراء هذا الاقبال؟

كان عدد المُستخدمين في العام 2007 أقل من مليون شخص، وأشارت تقديرات حديثة إلى أن قيمة سوق البروبيوتيك العالمي قُدرت بنحو 62.4 مليار دولار أميركي في العام 2022، وسترتفع قيمته إلى نحو 131 مليار دولار أميركي في العام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 7.9% بين العامين 2023 – 2032.

والبروبيوتيك هي بكتيريا جيدة يُمكنها أن تساعد في الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي، تقوية جهاز المناعة، تقليل متلازمة القولون العصبي ومرض التهاب الأمعاء، استعادة توازن القناة الهضمية لتقليل أعراض الجهاز الهضمي التي لا تنتج عن مرض حاد، مثل الغازات والانتفاخ والإمساك. كما وجدت الأبحاث أن هذه البكتيريا تفرز مواد وقائية، تعمل في بعض الأحيان على تعزيز عمل جهاز المناعة ومنع مسببات الأمراض من التوطد والتسبب بأعراض خطيرة.

وهناك طرق فاعلة لتغذية ميكروبيوم الأمعاء من خلال الخضروات والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة، وتناول الأطعمة المخمرة مثل اللبن ومخلل الملفوف والكيمتشي (طعام كوري تقليدي أشبه بالمخلل عند العرب)، التي تحتوي على البروبيوتيك والمركبات المفيدة الأخرى.

يتجه الكثيرون إلى مكملات البروبيوتيك في الحالات الطبيعية، لكن غالبية الدراسات بينت أنّ لا فوائد لهذا المكملات بالنسبة الى الأفراد الذين يتمتعون بصحة جيدة بالفعل، بل إنّ هذه البكتيريا تساعد أولئك الذين يعانون من بعض الاضطرابات المعوية المحددة فقط. وتناول مكملات البروبيوتيك لدعم الصحة العامة للشخص يمكن أن يغير تكوين الميكروبيوم ويقلل من مستويات التنوع الميكروبي في الأمعاء، وهو الأمر الذي يرتبط بعدد من المشكلات الصحية.

وفكرة استهلاك البروبيوتيك لتعزيز قدرة البكتيريا الأصلية هي فكرة مشكوك فيها، بحسب بعض المصادر، لأنّ مصنعي البروبيوتيك غالباً ما يختارون سلالات بكتيرية معينة لمنتجاتهم لأنهم يعرفون كيفية زراعتها بأعداد كبيرة. المشكلة أن تلك السلالات المعينة من البكتيريا، التي توجد عادة في العديد من منتجات اللبن والمكملات، هي من النوع الذي يمكنه البقاء على قيد الحياة فقط في البيئة شديدة الحموضة للمعدة البشرية، وهو الأمر الذي لا يمكّن هذه البكتيريا من الوصول إلى الأمعاء في الأساس.

شارك المقال