“أكشاك الطعام”… مشاريع خلاقة للشباب

حسين زياد منصور

في الوقت الذي كانت فيه نسبة من الشباب اللبناني محطمة ومدمرة إثر الأزمة الاقتصادية الصاعقة التي عصفت بالبلاد منذ العام 2019، وتسارع حدة الانهيار الاقتصادي والنقدي، وهو ما ظهر جلياً في سعر الصرف واغلاق الكثير من المؤسسات والمحال أبوابها وهجرة الشباب، شهد البلد اقفال الكثير من المطاعم أبوابها وانتقل بعضها لمواصلة نشاطاته في الخارج، إن كان في مصر أو قطر أو الامارات أو السعودية، وهذا أمر طبيعي نتيجة الأزمات الاقتصادية، فبعد انتشار فيروس كورونا ثم تفجير مرفأ بيروت أقفل حوالي 40٪ من المطاعم، التي وصل عددها قبل الأزمة الى ما يقارب 9 آلاف مطعم.

يؤكد ربيع الذي كان يملك مطعماً في بيروت وأغلقه مع بداية الأزمة في العام 2020، أنه فضّل اغلاق مطعمه قبل ان تبدأ الخسائر بالتراكم، بين جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي ثم مشكلة المحروقات التي كانت من ضمن الأسباب، اذ أن الكلفة التشغيلية أصبحت كبيرة وتفوق قدرتنا على الاستمرار. ويقول لـ”لبنان الكبير”: “كان أمامي خياران اما أن أخفض حجم أعمالي، وربما يؤدي ذلك الى تراجع في الخدمات والنوعية والجودة التي أقدمها، والخيار الثاني كان الاقفال وهو ما اخترته”.

على المقلب الآخر هناك العديد من الشباب الذين لم يستسلموا على الرغم من كل التحديات ومغريات الهجرة والسفر، وكان بعضهم مبدعاً وخلاقاً للفرص، رافضاً الاستسلام ومصراً على خوض التجارب في سبيل النهوض والتقدم مهما بلغت الصعاب.

في إقليم الخروب، حيث معظم سكانه من موظفي القطاع العام (عسكريون واداريون) “خزان الدولة”، ظهرت بعض مبادرات للشباب الذين أرادوا مقاومة هذه الظروف وشق طريقهم بأنفسهم، وإن كانت عبر مشاريع صغيرة، فكان هدفهم الأن يبدؤوا ولو برساميل صغيرة من دون الاستسلام.

المزبودي: لا يجب القول “ما منقدر”

محمد المزبودي، شاب من بلدة مزبود، بصدد افتتاح مشروعه الخاص، مطعم صغير عبارة عن “كشك”. يقول لـ “لبنان الكبير”: “فكرة المشروع انطلقت من رغبتي في العمل، والقيام بشيء خاص بي، خارج دوام الجامعة حيث أدرس Radio and TV، وسبق أيضاً أن درست في مجال الكهرباء، وجرّبت الكثير من الأفكار والوظائف الا أنها لم تتناسب مع دوامي الجامعي”.

ويضيف: “مررت بعدة تجارب، وبعد التفكير ودرس الموضوع وجدت فكرة المطعم بهذا الشكل جيدة على أمل التوفيق، وجاءتني بناء لعدة نقاط أولها عدم تقاطعها مع دوامي الجامعي، فبإمكاني متابعة العمل بعد الظهر وليلاً، ثانياً عدد المطاعم الموجودة في منطقتنا قليل جداً وهذه تعد مشكلة كبيرة، ثالثاً قمت بتصميمه بنفسي مع مساعدة من الأحباء والأصدقاء، وشكله الخشبي استوحيته من محبتي للكرفانات والطبيعة”.

وينصح الشباب بضرورة المثابرة على العمل والمحاولة عدة مرات حتى لو خسروا في المرة الأولى، “فكل منا قادر على القيام بشيء، ولا يجب أن نقول (ما منقدر) فجميعنا قادرون”.

ميرزا: وضع هدف وفعل المستحيل للوصول اليه

حسين ميرزا، شاب من بلدة شحيم التي تلقب بعاصمة إقليم الخروب، ويشير الى أن ظروف البلاد أجبرت الشباب على الوصول الى هذه الحالة، فما من شاب الا ويطمح الى تحقيق طموحاته الدراسية أو العملية والوصول الى أعلى المراتب، لكن الظروف لم تساعده.

ولدى ميرزا مقهى خشبي يقدم فيه المشروبات والمأكولات، أنشأه منذ فترة. ويقول: “سعيت الى شق طريقي بنفسي من أجل إيجاد عمل مناسب أكون فيه سيد نفسي، كي لا أعمل عند أحد. اخترت مشروع انشاء مقهى أو كافيه، ثم بدأت بتطويره من كوخ شيئاً فشيئاً، حتى بدأت أقدم المشروبات الساخنة على أنواعها والعصائر الطبيعية وأيضا المأكولات من سناك وغيره”.

ويضيف: “مضيت في هذا المشروع بالصدفة، ولكن من خلاله تمكنت من جمع فئة الشباب من أصدقاء وأحباء، اما ما هو جميل في الموضوع، فالى جانب العمل كان رد فعل الناس وتعابير المحبة والخير على وجوههم”.

ويتوجه بنصيحة الى الشباب هي ألا يستسلموا، “فصحيح أن الهجرة الى دولة ما قد تؤمن لنا حقوقنا، لكن الخوف دائماً يكون عند ترك أهلنا وأحبائنا وضيعتنا”. ويؤكد أن “المثابرة والجهد هما الطريق الصحيح، اما عكس ذلك فيدمر الانسان ويمنعه من الوصول الى هدفه. وعلى الشباب وضع هدف وفعل المستحيل للوصول اليه مهما كانت المصاعب، وإن كانت المشكلة في رأس المال فيمكن البدء بمبلغ بسيط الجميع قادرون على تأمينه”.

شارك المقال