طريق النحل… عسل بلدي ومغشوش

حسين زياد منصور

ضربت الأزمة الاقتصادية مختلف القطاعات في لبنان، وأجبرت الكثيرين على ترك مصالحهم وأعمالهم، نتيجة غلاء المواد التي يستخدمونها الى جانب التفلت في سعر صرف الدولار الأميركي. ومن بين هؤلاء كان النحالون، اذ أرغمت الظروف عدداً كبيراً منهم على ترك مهنتهم هذه بعدما اتجه اليها كثير من الناس في سبيل تحسين دخلهم، لكن عوامل عدة وقفت في وجههم وأجبرتهم على التراجع، كان أبرزها انتشار العسل المغشوش في الأسواق بأسعار منافسة من دون حسيب أو رقيب، وغياب الدعم عن النحالين وارتفاع أسعار المواد التي يستخدمونها وتسعيرها وفق الدولار، الى جانب انتشار الأمراض التي تقضي على النحل. وشكلت هذه المهنة جزءاً من الاقتصاد الوطني، بحيث يصدر العسل اللبناني الى الخارج. وفي الأسابيع الماضية سمح الاتحاد الأوروبي للبنان، بتصدير عسل إلى أوروبا للمرة الأولى منذ ما يقرب من عقد من الزمن.

يشير النحال سعيد لـ “لبنان الكبير” الى أنه كان يمتلك ما يقارب 150 قفير نحل، ولم يكن يعتمد عليها كمصدر رزق أساس، لكنه حاول خلال الأزمة الاقتصادية أن يزيد من أعداد النحل كي تصبح مهنة أساسية لديه تمكنه من زيادة مدخوله، الا أنه فشل في ذلك لأسباب عدة، ولم يتمكن من تطويرها، حتى أصبح يمتلك اليوم 50 قفيراً فقط.

ويلفت الى المشكلات التي أدت الى تراجع أحوال النحالين الى جانب الأزمة الاقتصادية وهي انتشار العسل المغشوش بأسعار زهيدة جداً في الأسواق، في الوقت الذي تغيب عنه رقابة المسؤولين، فضلاً عن توقف الدعم من الدولة اللبنانية والمنظمات الدولية المعنية. ويقول: “سعر كيلو العسل المغشوش يصل الى 5 دولارات، اما العسل البلدي أو الأصلي، فسعره بحدود 15 دولاراً، وهذا الفارق كان سبباً في خسارتي عدداً من الزبائن خصوصاً من لا تزال رواتبهم تحتسب وفق السعر القديم، فمن سيتمكن من دفع 15 أو 20 دولاراً ثمن كيلو العسل وهو لا يزال يتقاضى راتباً بحدود 10 ملايين ليرة؟”.

ويضيف: “في الوقت نفسه، نحن مضطرون للتسعير هكذا، فالمستلزمات التي نستخدمها تسعر وفق الدولار في السوق السوداء، ومنها ألواح الخشب التي تستخدم في بناء صناديق قفران النحل، الى جانب الأدوية التي نتكلف ثمنها الغالي كي لا نشتري تلك الرخيصة التي تنعكس سلباً على النحل”. ويؤكد أن ما يحصل يهدّد قطاع النحل بأكمله حتى أن كبار النحالين خسروا بسبب ذلك، ومن لا يزال صامداً هو من لديه إمكانيات مالية ضخمة تستوعب الخسائر التي تعرض لها.

أما النحال محمود فيشتكي من التحديات التي يواجهها مع زملائه، من ارتفاع سعر دواء حشرة الفروا والمبيدات التي يستخدمونها، مشيراً الى “أننا لا نجد الى جانب ذلك أسواقاً لتصريف الانتاج أو فتح أسواق له في الخارج خصوصاً منذ كورونا، مع العلم أن العسل اللبناني معروف بجودته، ولطالما فاز بمسابقات عالمية وحصد المراتب الأولى”. ويناشد المعنيين “ضرورة مساعدتنا والتنبه الى عمليات قطع الأشجار وتأثيرها السلبي على النحل وتربيته وإنتاج العسل”.

تجدر الاشارة الى أن نقابة مربي النحل في الجنوب لطالما حذرت من شراء العسل من مصادر غير معروفة، خصوصاً بعد انتشار العسل المغشوش. ويعتبر العسل الأسود “السنديان” غنياً جداً بالمعادن ومقوياً ومغذياً لجسم الإنسان، والمكونات التي يضمها منها نسبة البوتاسيوم العالية تحافظ على عمل القلب بصورة طبيعية وتخفض ضغط الدم وهو جيد للمرأة الحامل أيضاً.

وكان المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود وجه تحيّة إلى نحّالي لبنان والمهتمّين بالنّحل لمناسبة اليوم العالمي للنحل في 20 أيار. ودعا الى ضرورة حماية النحل والمحافظة على التّنوّع البيولوجي وضمان إنتاج الأغذية المغذية.

شارك المقال