“التكاتك” في البقاع… “نعوش” متحركة تنقل المخدرات والأسلحة!

راما الجراح

كيفما التفتّ في منطقة البقاع لا بد وأن تصادف عربات من “التكاتك” مصطفّة الى جانب بعضها البعض. وهذه الظاهرة يعود انتشارها بالدرجة الأولى إلى الانهيار الاقتصادي الذي ضرب لبنان، وما نتج عنه من الفقر والحاجة. و”التوك توك” الذي يمكن أن يكون نعمة لبعض العائلات، قد يتحول من دون سابق خبرة، إلى نقمة بسبب هشاشة تركيبته وخطره في حال التهور في استخدامه. وبسبب صعوبة الأوضاع المعيشية، كان لا بد من البحث عن وسائل صمود تمكن الناس من الاستمرار، وهذا ما دفع البعض للجوء إلى “التوك توك” كأحد الوسائل التي تُخفّف وقع الانهيار بحسب رأيهم، فالتوفير هو عنوان المرحلة الحالية في لبنان، والتي يرجح خبراء الاقتصاد أن تمتد لأعوام بغياب خطة اقتصادية واضحة وفي ظل التجاذبات التي تؤثر على السياسات الخارجية للبلاد وعلاقتها بدول العالم.

وشهد الاقبال على “التوك توك” في البقاع والشمال ارتفاعاً فاق المئة بالمئة في العامين الماضيين. وغزوة “التكاتك” للمناطق البقاعية، امتدت من زحلة إلى شتورا، قب الياس، المرج وبرالياس، وصولاً إلى المصنع ومداخل الفاعور ومجدل عنجر والروضة، وتتوافر بأعداد تكاد تفوق السيارات العمومية وحتى الخصوصية، بما فيها “فانات” النقل العام. تُحاكي وسيلة النقل هذه حال الطبقات الفقيرة والمتعففة التي لا تتحمل أعباء بدلات التنقل اليومية، بحيث اعتبرتها أقل تكلفة ولو لم تكن أكثر أماناً، والجميع يظنها بديلاً ممتازاً في ظل الأزمات الاقتصادية والمعيشية وأصبحت مصدر رزق لأعداد كبيرة من العائلات. فهل هذا دليل توفير أم انتشار لمظاهر الفقر؟ وهل فعلاً يقتصر عمل هذه الوسيلة على نقل “الأشخاص” فقط؟

أكد مصدر خاص لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك أصحاب رأسمال في منطقة البقاع يقومون بشراء كميات كبيرة من التكاتك وتأجيرها لعمّال أجانب، وطبعاً هي ليست شرعية وغير مسجلة في النافعة، وبالتالي وضعها ليس قانونياً إن لجهة استغلالها في نقل الركاب، كونها كناية عن دراجة نارية، أو لفقدانها الأمان”.

أما بالنسبة إلى التعرفة، فأوضح أحد المواطنين الذي اشترى “توك توك” مؤخراً أنّ “جميع أصحاب التكاتك تفردوا بوضع تعرفة لوسيلة النقل هذه، ويمكن ملاحظة هذا الموضوع بصورة واضحة بين منطقة وأخرى، وحتى في المنطقة نفسها، على عكس تعرفة السرفيس أو الفانات التي اعتاد المواطنون عليها، وطبعاً باتوا يتحكمون بالمواطن بسبب غلاء صفيحة البنزين. فمن ساحة شتورا إلى برالياس ١٥٠ ألفاً، ومنها إلى المرج بـ ٣٠٠ ألف، وإلى المصنع بحدود الـ ٤٠٠ ألف، ما يعني أن هذه التعرفة العشوائية أصبحت أغلى من السرفيس نفسه، وكما يقول المثل بعد ما تمسكنوا تمكنوا”.

وأشار الى أنه جديد على هذه المصلحة، وكل يوم يتفاجأ بتعرفة جديدة يفرضها أصحاب التكاتك بصورة خيالية، بالاضافة إلى أنهم حوّلوا “التوك توك” إلى باص مدرسة ما يشكل خطراً كبيراً على الأطفال، “وبتنا نسمع بين الحين والآخر عن عمليات سرقة تتم عبره، اضافة إلى تجارة المخدرات وغيرها من الأمور غير القانونية، وهذا ما جعلني فعلياً أندم على شرائه، وأُفكر في بيعه مجدداً وبلا هالبهدلة”.

وأبعد من ذلك، اعتبر المواطن قاسم جراح أن “التوك توك أصبح في منطقة البقاع عبارة عن نعش متحرك، فترى سائقه يسير على الطريق من دون أن يكترث لأي سيارة، حتى أنه يدخل بينها، وهناك عدد كبير من حوادث السير في منطقتنا بسببه، ولم يتحرك أحد أقله من أجل الحد من انتشاره”، متسائلاً “بأي حق يعتمد لنقل الطلاب إلى المدارس والجامعات؟ كيف يمكن أن نؤمن على أطفالنا وشبابنا أن يركبوه وهو يهتز بصورة دائمة، وغير ثابت ولا يخضع لأي معايير السلامة؟ وأساساً أصبحت التعرفة توازي تعرفة السرفيس العادي بسبب الجشع الذي أصاب أصحاب هذه الوسيلة، وكل يوم أصبحنا نسمع بإرتفاعها”.

وقال: “كل كبير وصغير في البقاع يعلم أن معظم التكاتك يستعمل في تجارة المخدرات ونقل الأسلحة إلا الأجهزة الأمنية التي لم تتحرك حتى اليوم لرصدها ووقف هذه المهزلة، ومن منبركم يمكن اعتبار ما أقوله إخباراً للأجهزة الأمنية الغائبة عن مراقبتها، وسهلت بهذا التصرف أعمالها غير الشرعية والتي تهدد المجتمع ككل، على أمل أن نشهد تحركات قريبة بخصوص هذا الموضوع”.

وبحسب “الدولية للمعلومات” فقد شهد العام ٢٠٢١ استيراد حوالي ٢٩ ألف دراجة نارية، وارتفع العدد إلى ٤٧ ألفاً حتى صيف ٢٠٢٢، ومن ضمن هذه الدراجات النارية “التوك توك” الذي يستعمل بصورة مخالفة للقانون في نقل الركاب. فرخصة تسجيل الدراجة لا تسمح باستعمالها للنقل العام.

هذه العربة الصغيرة يمكنها أن تنقل ٣ أشخاص كحد أقصى عند اشتداد الأزمات، ولكن عندما تتحول إلى باص مدرسة ينقل ما لا يقل عن ١٥ تلميذاً، أو وسيلة للتجارة غير الشرعية، يحق للناس أن يعترضوا عليها، وحان الوقت لأن تتحرك أجهزة الدولة لحمايتهم منها.

شارك المقال