عقليّة مقوننة تزيد جرائم قتل النساء… ما هي؟

ليال نصر
ليال نصر

إرتفعت جرائم القتل بحق النساء في لبنان في الفترة الأخيرة بصورة ملحوظة جداً وآخرها مقتل السيدة س. د. ووالدتها بالرصاص على يد زوجها ر. ف. العنصر في أمن الدولة داخل منزلهم في بلدة عازور جنوباً قبل أن يطلق النار على نفسه. تأتي هذه الجريمة بعد أقل من أسبوعين على قتل راجية العاكوم دهساً على يد زوجها بعد خمسة أيام على طلاقهما.

إزدياد معدّل قتل النساء في الشرق الأوسط لافت، على الرغم من أن معدلاته على الصعيد العالمي آخذة في الانخفاض منذ التسعينيات وفقاً لمؤشر البنك الدولي.

ووفق النسب والاحصاءات لعدد الجرائم التي نشهدها منذ سنة أو أكثر، أو منذ بدء الانهيار الاقتصادي وتفشي وباء كورونا، نرى أن العام 2022 حصلت فيه 18 جريمة قتل وحالة انتحار، أما في العام 2023 وحتى اليوم فوقعت 9 جرائم قتل و6 محاولات إنتحار بالاضافة إلى قتل سيدة لبنانية على يد زوجها في أميركا، وهذه الأرقام لا يمكننا اعتبارها قليلة أو أن نغض النظر عنها.

وتؤكد رجوى فيطروني منسقة مشاريع في منظمة “أبعاد” لموقع “لبنان الكبير” أن “هذا الأمر ليس مناطقياً أو حكراً على منطقة أو مدينة معينة، بل إن الجرائم العديدة التي وقعت، حصلت على امتداد مساحة الوطن من شماله إلى جنوبه، وكان عابراً للجنسيات والأعمار، ولم يكن متعلقاً بالمنطقة أو المدينة أو الحي أو الجماعات وحسب، بل إنه يتعلق بالعقلية الأبوية والذكورية التي تكرّسها القوانين وتعمل على إعادة إنتاجها واجترارها، وهذا يزيد من وتيرة العنف وتحديداً تجاه النساء”.

أسباب ازدياد الجرائم

إذا أردنا أن نفكر أو نسأل أنفسنا عن سبب إرتفاع وتيرة العنف أو ما هي الدوافع وراء ازدياد هذه الظاهرة، نجد أن الوضع الاقتصادي الحالي وتأثيره على الصعيد النفسي، يؤدي إلى ظهور هذا العدد ومثل هذه الجرائم على أرض الوطن .

كذلك، فإن الأزمات الاقتصادية والأمنية المتتالية التي نعيشها ويختبرها المجتمع والشعب اللبناني، ظهر تأثيرها بصورة كبيرة جداً على النساء والفتيات وخصوصاً من ناحية ارتفاع وتيرة العنف وتعرض النساء لأشكاله وأنواعه كافة.

إضافة إلى ذلك، هناك تكريس لغياب الممارسة القانونية يتضح من خلال التباطؤ في المحاكمات المتعلقة بهذا النوع من الجرائم وعدم تشديد العقوبات، ما يؤدي دوماً إلى ارتفاع أعداد الجرائم التي نراها.

دور العمل النسوي

أمام كل هذه الجرائم التي تحصل والأسباب الكامنة وراءها والظروف الصعبة، فإن دور منظمات العمل النسائي خصوصاً من ناحية الالتزام تجاه النساء، هو التفكير في حلول في هذا السياق وأن يكون هناك تضافر للجهود.

وتقول فيطروني: “أمام كل هذه التحديات والصعوبات والعنف والظلم التي تشهدها النساء اللبنانيات أو حتى غيرهن من النساء الموجودات على أراضي الوطن من الجنسيات كافة، لا يمكننا إنكار أن النساء هن الفئة الأكثر تعرضاً للعنف شئنا أم أبينا نتيجة المجتمع الذكوري والبطريركي الموجودات فيه، وضعف المنظومة القانونية على الرغم من كل التقدم والمسار النضالي اللذين تقوم بهما النساء كمجتمع نسوي خلال السنوات الأخيرة ولا يزلن مستمرات”.

وتشير إلى أن هذا النضال يجب أن يستمر، والمجتمع النسوي ومنظمات العمل النسائية أمام استحقاق كبير جداً، كما أنهنّ أمام واجب العمل على تعديل القوانين وموضوع السياسات والقوانين للاقتصاص من المجرمين وتكون العقوبة بحقهم قاسية جداً، ويشكل رادعاً أمام أي شخص يفكر في القيام بأي عمل عنفي مهما كان بسيطاً.

فلا يحق لأحد بأي شكل من الأشكال وتحت أي بند من البنود، أن يقوم بأي عمل عنفي أو يتسبب بأي أذى لأي طرف من الأطراف أو لأي شخص أو إنسان، وللمرأة بصورة أساسية. وهذا ما تشدد عليه المنظمات النسوية وتعمل عليه لأنه لا يمكن إنكار أهمية القوانين والسياسات التي يجب أن تكون موجودة، وتكون الاطار الناظم والأساس لحقوق الانسان بالدرجة الأولى ولحقوق المرأة خصوصاً.

شارك المقال