“البلاج” المجاني… آمن أم غير آمن؟

حسين زياد منصور

“لم يعد بمقدورنا الذهاب الى المسابح والشواطئ الخاصة”، هذا ما اتفق عليه العديد من اللبنانيين، خصوصاً وأن تعرفة الدخول اليها باتت بالدولار الأميركي. الوجهة الحتمية لهؤلاء هي المسابح والشواطئ الشعبية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، لكن الجميع يعلم أن معظمها معتدى عليه، وملوث بالنفايات أو بالمجارير.

واستناداً الى تقرير “المجلس الوطني للبحوث العلمية” و”المركز الوطني لعلوم البحار” 2023، هناك العديد من المواقع الصالحة للسباحة في لبنان، منها ما هو عام أو شعبي، وأبرزها سلعاتا الشاطئ الشعبي، عمشيت الشاطئ الشعبي، الناقورة… ومنها أيضاً ما هو ذو منفعة خاصة.

وبحسب التقرير نفسه، هناك مناطق غير آمنة للسباحة، أبرزها الشاطئ الشعبي في الغازية، الشاطئ الشعبي في الصرفند، وكذلك الشاطئ الشعبي في صيدا، الى جانب شواطئ أخرى شعبية وعامة في الشمال أيضاً، فضلاً عن شواطئ ذات منفعة خاصة غير صالحة في خلدة والمنية على سبيل المثال.

اما المناطق الخطرة والتي يجب أن تمنع فيها السباحة، فهي جونية المسبح الشعبي الرملي، طرابلس المسبح الشعبي، انطلياس مصب نهر انطلياس، بيروت المنارة (أسفل منارة بيروت)، بيروت شاطئ الرملة البيضاء الشعبي والضبية جانب المرفأ، وفق التقرير.

الى ذلك، يشير التقرير الى وجود تطور ايجابي في موقعين، موقع البوار الشاطئ العام وموقع الصفرا أسفل شير الصفرا، بينما تراجعت نوعية المياه في عين المريسة بين مرفأ الصيادين والريفييرا بالاضافة إلى شاطئي الغازية والصرفند.

رعد: مضخات الصرف الصحي موجهة للبحر بدون معالجة

وتعليقاً على هذا التقرير، يشرح المستشار الاعلامي في “الحركة البيئية” مصطفى رعد لـ “لبنان الكبير” أن “المناطق التي تم العمل عليها، والتلوث فيها، مثل الكوليفورم والستربتوكوكي، وهي نوع من العقديات البرازية، أي كل ما هو متعلق بالصرف الصحي، فمضخات الصرف الصحي موجهة الى البحر من دون معالجة، وهي تختلف بين منطقة وأخرى. وهناك 22 موقعاً من أصل 37، تعد جيدة الى جيدة جداً، وينصح بالسباحة فيها، وتتميز بتدني نسبة التلوث العضوي، لذلك هذا لا يعني أن البحر كله ملوث، أو كله نظيف”.

وعن المقارنة بين السنة الماضية وهذه السنة، يقول: “في السنة الماضية كان هناك 24 مكاناً صالحاً للسباحة من 37، أي أننا تراجعنا، اما بالنسبة الى المواقع الملوثة فكانت 7، هذه المرة أصبحت 6، أي هناك تحسن، وهناك 6 مواقع مصنفة حذرة وغير مأمونة بلغ عددها اليوم 9، وتغير الوضع الى الأسوأ مع الأسف”.

عبد الله: معالجة موضوع الأملاك البحرية والنهرية

رئيس لجنة الصحة النيابية النائب الدكتور بلال عبد الله يشير في حديث لـ”لبنان الكبير” الى وجوب “استرجاع الأملاك العامة أي الشواطئ واعادتها الى الدولة في البداية، وأكثرية الشواطئ اللبنانية هناك وضع يد عليها، وكل محاولات معالجة موضوع الأملاك البحرية والنهرية لم تنتج أي شيء”.

ويعتبر أن “الخطوة الأولى هي إعادة هذه الأملاك، وخصوصاً الشاطئ الى الدولة، وانطلاقاً من ذلك حكماً تصبح لدينا مسابح شعبية، بأسعار مقبولة للناس، لا كما يحصل الآن بأسعار خيالية، وشريحة معينة من الناس قادرة على ممارسة السياحة البحرية. ثانياً، وجود اشراف من البلديات والجمعيات المعنية بسلامة السباحة وما يتعلق بها”.

وهنا تجدر الاشارة الى وجود مئات المنشآت التي يندرج معظمها تحت خانة “التعديات غير القانونية” تنتشر على طول الشاطئ اللبناني، من الشمال الى الجنوب، الا أن بعضها حصل على مراسيم تشريعية من وزارة الأشغال، لكنها وبحسب خبراء توصف بـ “المشبوهة”، واعتبر ملف الأملاك البحرية العامة، من أبرز الملفات التي تعكس حجم الهدر والفساد في البلاد.

ويلفت عبد الله النظر الى أمرين، “أولهما أن الشاطئ اللبناني في جزء منه ملوث بسبب تفلت الصرف الصحي والصراعات في عدد من الأماكن، وثانيهما التلوث الصناعي من بعض المعامل، كهربائية كانت أم لا، وعدم وجود رقابة جدية وفعلية على المراكب التي تدخل المياه اللبنانية، بحيث كان البعض منها في فترة من الفترات يرمي بنفاياته فيها، وهو ما يؤثر حكماً على سلامة الرواد الذين يريدون الاستمتاع والاستجمام عند الشاطئ البحري اللبناني”.

اما من الناحية الطبية والصحية، فينصح عبد الله من يريدون السباحة والاستجمام بـ “استخدام واقي الشمس، خصوصاً لمن هم من ذوي البشرة البيضاء والأطفال، وعدم التعرض لفترات طويلة للشمس خلال فترة الذروة”.

البلوز: على البلديات الاهتمام بالشواطئ

ويرى طارق البلوز، الذي يمتلك فريقاً للاستكشاف والترويج للسياحة الطبيعية في لبنان أن “على البلديات في مختلف المناطق الاهتمام بالشواطئ القابعة تحت سلطتها، وتنظيفها بصورة دائمة”. ويقول: “ذهبنا الى العديد من الشواطئ مع مجموعات، ووجدنا في بعضها النفايات والأوساخ، وبعض الشواطئ كان نظيفاً، لذلك على البلديات والدولة الالتفات الى هذا الموضوع، من دون نسيان المحميات الطبيعية، مثل محمية جزر الأرانب”.

إذاً، أمام هذا الواقع الاقتصادي السيء الذي نعيشه، في ظل تدني قيمة الرواتب والأجور، وتسعير دخولية المسابح والشواطئ الخاصة بالدولار الأميركي، ولن تكون أقل من 15 دولاراً، سيجد اللبنانيون ضالتهم عند الشاطئ الشعبي المجاني، وان كان غير صالح للسباحة، ويفتقد أدنى اساليب السلامة العامّة، وهنا يكون دور الجهات المسؤولة في فرض الرّقابة المختصّة وإجراءات السلامة العامّة والالتزام بها.

شارك المقال